الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الزحف الإخواني فى أوروبا يتوجه إلى "عاصمة النور"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بريطانيا تتجه لـ«تحديد تحرك» الإسلاميين لديها لتحجيم العمليات الإرهابية
منسق الاتحاد الأوروبى: 35 ألف متشدد يقيمون فى بريطانيا و17 ألفًا فى فرنسا
«المنظمات الإسلامية» يضم 250 جمعية منتشرة فى المدن الفرنسية
بداية سبتمبر الجارى حذر منسق الاتحاد الأوروبى لمكافحة الإرهاب، جيليس دى كيرشوف، مما يقرب من ٣٥ ألف متشدد، قال إنهم يقيمون فى بريطانيا، و١٧ ألفًا آخرون متواجدون فى فرنسا، العدد الذى وصفه آنذاك بـ«المرعب» تسبب فى صدمة للأوروبيين، ودفعهم إلى سؤال «من أين جاء كل هؤلاء؟».
الواقع أن هذه الأرقام تقترب كثيرًا من الحقيقة، خاصة أن القارة الأوروبية تعتبر اليوم مفرخة للفكر الإسلامى منذ فتحت أبوابها وتحديدًا ألمانيا الغربية منذ خمسينيات القرن الماضى أمام أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الهاربين من الأنظمة السياسية فى مصر وسوريا، وتمكن الإخوان عقب وصولهم إلى أوروبا من تأسيس شبكة واسعة من الجمعيات الخيرية والمساجد والمنظمات الإسلامية، تحولت بمرور الوقت إلى جهات تعترف بها الحكومات وتفضل الجلوس معها كممثلة للمسلمين فى مجتمعاتها.
وعلى الرغم من أن هذه المنظمات والجمعيات تدور حولها شكوك من كونها تروج لمناهج متشددة فى أواسط أعضائها أو أنها تجمع تبرعات لتنظيمات مسلحة تعمل فى الشرق الأوسط، إلا أنها تلتزم فى خطاباتها الموجهة إلى الإعلام الغربى أو الوزارات بصيغة معتدلة مستخدمة اللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية بنطق سليم يجد قبولًا كبيرًا لدى المسئولين فى الحكومات.
هذا القبول ظهر مثلًا خلال الحملة الانتخابات للرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، عندما شنت منافسته الخاسرة مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن هجومًا عليه، متحدثة عن علاقة ما تربطه باتحاد المنظمات الإسلامية لفرنسا المعروف بتبعيته لجماعة الإخوان المسلمين. واستدلت «لوبن» على حديثها بدعم الاتحاد لـ«ماكرون»، ودعوته لـ«التصويت بكثافة للسيد ماكرون، ووقف التهديد الذى تمثله أفكار السيدة لوبن». 
لماذا هذا الدعم؟
يُفهم هذا الدعم فى ظل الخلفية السياسية التى جاء منها الرئيس الفرنسى الجديد إيمانويل ماكرون، الذى يصنف رئيسًا من خلفية وسطية، وهو ما استخدمه معارضوه ضده مرددين أنه يتساهل مع «التطرف الإسلامي». وليرد على هذه الاتهامات أكد «ماكرون» أن سياسات دولته الخارجية خلال فترة رئاسته يحكمها محاربة المتطرفين الإسلاميين. 
وبما أن معايير التطرف ليست محددة بدقة، فوجدت منظمات إسلامية متطرفة تغلف نفسها بغلاف وسطى الفرصة للتحرك فى المجتمع الفرنسي، من بينها اتحاد المنظمات الإسلامية لفرنسا، ويضم ٢٥٠ جمعية إسلامية منتشرة فى المدن الفرنسية، ويتبع جماعة الإخوان المسلمين، وبالرغم من أن الاتحاد خرج فى يناير الماضى، وبالتزامن مع التحركات الأمريكية لإدراج جماعة الإخوان والمنظمات التابعة لها على قائمة الكيانات الإرهابية من قبل الإدارة الأمريكية، ونفى علاقته بالجماعة خوفًا من مصير الحظر، إلا أن نفيه ذلك يحمل فى مضمونه تأكيدًا على العلاقة التاريخية بين التنظيم والاتحاد، خاصة أن التنظيم تم تأسيسه فى يونيو ١٩٨٣ عبر تمويلات من رجال أعمال إخوان، وبفضل سذاجة السياسيين الدبلوماسيين الذين رحبوا بمنظمات الاتحاد، واعتبروه الممثل الأول لمسلمى فرنسا. 
الزحف الإخواني إلى فرنسا
ثمة تحركات يكثفها اتحاد المنظمات الإسلامية خلال الفترة الأخيرة وبالتزامن مع وصول «ماكرون إلى السلطة»، هل يعنى هذا أن الاتحاد يسعى ليكون نقطة انطلاق الإخوان داخل أوروبا؟ وماذا عن لندن المستضيفة الأولى للجماعة؟
فضلت بريطانيا لعقود طويلة استضافة إسلاميى الشرق الأوسط لأسباب، منها ضمان تقويضهم واستخدامهم فى تحريك المشاهد السياسية داخل الدول العربية، إلا أن هذه الاستضافة تحولت فى الوقت الراهن إلى تهديد مباشر لبريطانيا بعدما أصبحت أحد أهم مناطق الاستهداف من قبل المتشددين، وفى نفس الوقت تضم وفقًا للتقارير الأوروبية ٣٥ ألف متشدد، أغلبهم غير معروفين للأجهزة الأمنية البريطانية، ما يشير إلى أن العمليات الإرهابية داخل بريطانيا تتجه نحو الزيادة لا التقويض.
هذا الاستنتاج يمكن التوصل منه إلى أن بريطانيا قد تتجه إلى تحديد تحرك الإسلاميين المتواجدين لديها فى سبيل تحجيم العمليات الإرهابية، ويأتى ذلك فى ظل تحركات اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا، ما يترجم بأن الإخوان قد ينقلون ثقلهم فى أوروبا إلى باريس، خاصة أن السلطة السياسية هناك ترى ممثلهم (أى الاتحاد) كيانًا مرحبًا به ومعبرًا عن المسلمين.