رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأزهر في ثوبه العصري

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لاشك أن مؤسسة الأزهر الشريف اليوم تختلف كثيرًا عنها فى الماضى، لا أتحدث عن مكانة المؤسسة فى قلوب المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، فمكانتها ثابتة لا تتغير يحبها الجميع ويحترمها ويعول عليها فى نشر صحيح الدين ومحاربة العنف والتطرف ونشر ثقافة الحوار والتعايش السلمى والأمن المجتمعى والتسامح والسلام، والتى حاول الكثيرون أن ينفوا هذه الصفات عن المؤسسة العريقة، لكن باءت جميع محاولاتهم بالفشل الذريع لأن المؤسسة ليست أماكن ومبانى تراها العيون فحسب، بل هى قبل كل شىء قوة معنوية دافعة ومؤثرة فى قلوب محبيها. 
لذلك فإن ما أقصده من اختلاف المؤسسة اليوم هو التطور الكبير الذى شهدته فى الفترة الأخيرة من أجل مواكبة العصر والقيام بالمسئولية التى حملها الشعب المصرى لمؤسسته العريقة من خلال جعلها المسئول الأول عن نشر اللغة العربية وعلوم الدين فى مصر والعالم، فكان لا بد لذلك من استحداث مجموعة من الفروع التى تساهم فى القيام بهذه المهمة، فاستحدث الأزهر مركزًا للرصد ومكافحة التطرف والإرهاب يعمل بعشر لغات ويرصد بدقة كل ما تبثه التنظيمات المتطرفة من إصدارات مكتوبة أو مرئية، باللغة العربية أو باللغات الأجنبية (الإنجليزية- الفرنسية- الألمانية- الإسبانية- الصينية- الفارسية- الأوردية- اللغات الإفريقية- التركية) ويقومون بترجمة هذه الإصدارات، والرد عليها من خلال لجان متخصصة تُفند ما تستند إليه هذه التنظيمات المتطرفة من فهم خاطئ وتأويل مريض للنصوص الدينية، وتفسير خاطئ ومتحيز للأحداث التاريخية فى التاريخ الإسلامى والسيرة النبوية العطرة، ثم تُنشر هذه الردود باللغة العربية واللغات الأجنبية المذكورة عاليًا، لتعم فائدتها على العالم كله، ومن أجل إيصال صحيح الدين للجميع، وبيان موقف الإسلام من التطرف والإرهاب. فالمرصد بهذا يعتبر وسيلة وآلية من وسائل تجديد الخطاب الدينى، فالخطاب الدينى لم يعد قاصرًا على المنابر وحصص الدين فى المدارس، والقراءة لم تعد فقط فى الكتب والمكاتب، لذلك أراد الأزهر إيصال إنتاج المرصد للشباب على هواتفهم المحمولة من خلال نشرها على بوابة الأزهر ليقرأها من يشاء.
كذلك أصبح للأزهر مركز عالمى للرصد والفتوى الإلكترونية، ويحتوى على عدة فروع فى الفتوى ما بين العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية وفتاوى النساء، وذلك للرد على الأسئلة الشرعية التى تدور فى أذهان الناس وفقًا لصحيح الدين ومنهج الأزهر الوسطى، وانطلاقًا من مسئوليته العالمية التى حمَّلها الدستور المصرى للأزهر الشريف، والذى جعله مسئولا عن نشر علوم العربية والعلوم الشرعية فى العالم كله، فأنشأ الأزهر مركزًا للترجمة، وذلك من أجل ترجمة الكتب والدراسات الإسلامية التى تحقق منفعة عامة إلى اللغات الأجنبية المختلفة، وكذلك الكتب والمؤلفات الأجنبية التى تحقق المنفعة ذاتها إلى اللغة العربية، وذلك ليعم النفع على جميع القراء، مستهدفًا من وراء ذلك نشر رسالة الأزهر فى شتى بقاع الأرض، ومن أجل تحقيق الريادة التاريخية للأزهر، وترسيخ المرجعية العالمية لمنهجه الوسطى محليًا ودوليًا، وأعاد الأزهر الشريف الرواق الأزهرى فى ثوب جديد، ليكون ملاذًا آمنًا لطلاب العلوم الشرعية وملجًأ لمن يحرص على معرفة أمور حياته الدينية والدنيوية.
ولا شك أنه قد بُذل جهدًا عظيمًا لكى يصل الأزهر إلى هذا التطور الذى يشعر به جميع المهتمن بالشأن الأزهرى، وأنه لا بد لكل أزهرى مهما كانت وظيفته أنه قد ساهم فى تطوير مؤسسته ووصولها إلى هذه المكانة العظيمة، وهذا القدر من التطور، لأن كل مؤسسة مهما كان مركزها فهى فى النهاية من صنع أبنائها.