الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لماذا تعاني قطر من جنون العظمة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إن الذين يتساءلون عن الأسباب التى من أجلها تسعى هذه الإمارة المتناهية الصغر أن يثار حولها الكلام دومًا ومنذ عشرين عامًا عليهم أن يبحثوا عن الإجابة بالغوص فى الماضي.
كان حمد الثانى – الذى سيصبح أميرًا فيما بعد – طالبًا شابًا فى أكاديمية ساند هرست الملكية البريطانية فى السبعينيات «من القرن الماضي» يستاء عندما يرى فى كل مرة وهو يعبر بجواز سفره فى المطارات الأوروبية رجال الشرطة يسألونه: «أين تقع قطر؟».
ومنذ توليه العرش عام ١٩٩٥ لم يكف الشيخ حمد عن مداواة هذا الإحباط القديم وذلك عن طريق إنشاء قناة الجزيرة فى العام التالي. تلك القناة التى ثبتت قطر على خريطة العالم كما عهد الأمير على نفسه، وكذلك عن طريق الشروع فى دبلوماسية الوساطة التى جعلته صديقًا لإسرائيل وحماس والأمريكيين ونظام صدام حسين وإيران فى آنٍ واحد وهى طريقة خبيثة كان من الممكن أن تساعده على كشف منطق دبلوماسية «اللعب على كل المفاتيح» أو الرغبة فى اغتنام جميع الفرص من أجل البقاء وهو ما شكل خطرًا على المدى الطويل.
وعند فوز قطر باستضافة كأس العالم قال البعض إن هذا من قبيل جنون العظمة، وهو الحدث الذى يمكن لأغلبية الشعب القطرى الاستغناء عنه خاصة عندما نعرف أن هذا الشعب لا يحب الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص. 
من جنون العظمة أيضًا أن تقرر الدوحة شراء فريق كرة القدم الفرنسى الشهير باريس سان جيرمان وذلك بناءً على نصيحة من صديقها فى ذلك الوقت نيكولا ساركوزي.
وفى هذا المسعى نحو القوة سوف يلعب الربيع العربى دورًا أكثر أهمية من خلال المراهنة على حلفائها من الإخوان المسلمين الذين تم إيواء قادتهم خلال منفاهم فى الدوحة. 
وفجأة أصبح الأمير حمد يرى فى نفسه زعيمًا للعالم العربى الجديد الذى ولد فى المسافة من القاهرة إلى صنعاء مرورًا بتونس ودمشق.
وتشكل الأزمة الليبية قمة هذه النشوة التى جعلت واحدًا من أصدقاء الأمير السابق يقول: «إن رؤية العلم القطرى بجانب الأعلام الأمريكية والبريطانية والفرنسية فى غرفة الحرب بحلف الأطلنطى جعل حمد يتوهم أنه قد أصبح شريكًا عالميًا.. وقد خاب ظنه».
وعندما خلف تميم أباه عام ٢٠١٣ قال أحد المعلقين: «سوف تتعقل قطر». وبالفعل راهن الوريث أولًا على الوضع الداخلى كأولوية فى بلدٍ بدأ جزء من سكانه يتذمرون من شراء أفراد الأسرة الحاكمة فنادق بالخارج ولوحات فاخرة باهظة الأسعار. 
وفى الواقع لم تهدأ قطر الصغيرة إلا بشكل معتدل جدًا حيث واصلت تمويل أو ترك البعض يمول ما يعتقد أنهم أفراد ينتمون لجماعات إسلامية فى ليبيا وسوريا أو عن طريق مضاعفة المساعدات الإنسانية فى أرجاء أوروبا وإفريقيا. 
هناك وقت لا مفر منه تلحق فيه الدبلوماسية بالواقع الجغرافى، فدولة مساحتها صغيرة كقطر لا تستطيع الادعاء بقدرتها على منافسة جارتيها السعودية وإيران وهو ما أرادت الرياض والقاهرة وأبوظبى أن تجعلها تفهمه، وذلك عام ٢٠١٤ حيث كانت أول أزمة مع جيرانها ثم فى يونيو الماضى عندما طفح الكيل لهؤلاء غضبًا من جنون العظمة هذه فضربوا بقوة على المائدة ولسان حالهم يقول: «كفى كفى».