الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

داعش.. حماس.. الإخوان المسلمون .. ثلاثة أوجه للإرهاب "1 - 3"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ـ كيف تحلّلون تحول الأسلوب الإرهابى الذى تتّبعه داعش نحو أسلوب الدهس بالسيارات والهجمات باستعمال السكاكين؟
ـ الأشكال المستجدة من التهديدات الإرهابية التى ظهرت فى أوروبا، وبالأخص منذ هجوم «نُزهة الإنجليز»، فى مدينة «نيس»، يوم ١٤ يوليو ٢٠١٦، تؤشّر على تحولات عميقة فى البنى التنظيمية والإيديولوجية للإرهاب ذى الطابع السلفى ـ الجهادى.
على الصعيد التنظيمى، هناك توجّه نحو عمليات ذات طابع مينيمالى، باستخدام وسائل بدائية (هجمات بالسكاكين / دهس بالسيارات أو الشاحنات)، وعبر شبكات إرهابية محدودة جدا (منفّذ واحد أو اثنان كحد أقصى، وأقل من عشرة أفراد فقط كإمداد لوجيستى).
فى الأصل، لم يكن اللجوء إلى هذا النوع من الإرهاب «منخفض التكلفة» low cost خيارا إيديولوجيا أو استراتيجيا، كان ذلك منحى براجماتيا وانتهازيا سلكته داعش لدافعين: من جهة، لأن هذا الصنف من العمليات المينيمالية لا يتطلب شبكات إرهابية معقدة وعالية التدريب، وهو ما لم تكن داعش جاهزة له، لأنها لم تكن تتوفر ـ وما تزال لا تتوفر حتى الآن ـ على «أذرع خارجية» مزروعة فى الغرب منذ سنين طويلة، كما هى الحال بالنسبة إلى «القاعدة» أو «الإخوان المسلمين»، مثلا.
من جهة أخرى، الطابع البدائى للوسائل المستعملة فى مثل هذه العمليات يسمح لداعش بالالتفاف على المصاعب التى باتت تعترض الحصول على أداوت هجوم ذات طابع عسكرى (متفجرات / أسلحة ثقيلة)، بسبب تزايد الملاحقات الأمنية وتشديد تشريعات مكافحة الإرهاب فى غالبية الدول الغربية.
ـ لقد قلتَ أعلاه إن كل هذا يؤشر على تحولات عميقة لا تقتصر فقط على المنحى التنظيمى، بل تشمل أيضا الجانب الأيديولوجى. فيمَ تكمن هذه التحولات الأيديولوجية؟
ـ إنها تحولات أيديولوجية أفرزتها التحولات التنظيمية. الانتهازية التكتيكية والبراجماتية التنظيمية اللتين دفعتا داعش إلى اعتماد أسلوب الإرهاب «منخفض التكلفة» low cost، أفضت إلى تطوّر هام على صعيد الدوجما الإيديولوجية للسلفية ـ الجهادية. والدليل على ذلك أن داعش لم تعد تهتم، حاليا، بإصدار فتاوى تبرّر عملياتها أو تثبت جواز تلك العمليات من وجهة نظر الشريعة.
إن داعش أعماها تعطشها للثأر من الغرب، وهوسها بأن تكون فعالة إرهابيا. ما جعلها تتحرّر، شيئا فشيئا، من أى ضوابط شرعية قد تقيّد عملياتها. لهذا السبب، نجد أن العمليات التى ينفذها «جند الخلافة» حاليا، فى الغرب، أقرب إلى «الإرهاب الأعمى»، ذى المنحى الفوضوى والعدمى، منه إلى «ضوابط الجهاد» التى كانت الجماعات الإسلامية، فى السابق، حتى الأكثر تطرفا منها، كـ «الجهاد» و«الجماعة الإسلامية»، فى مصر، أو «الجماعة الإسلامية المسلحة» و«الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، فى الجزائر، أو حتى «القاعدة»، تحرص أشد الحرص على الالتزام حرفيا بضوابطها الفقهية ومفاهيمها العقائدية.
ـ هل يجب توقُّع أشكال مستجدة أخرى من العمليات الإرهابية فى المستقبل القريب؟
ـ بالرغم من كون الإرهاب «منخفض التكلفة» low cost هو الغالب حاليا، إلا أن ذلك لا يعنى أنه مرشح لأن يبقى الأسلوب الوحيد المتّبع من قبل شبكات «الجهاد الجديد»، سواء منها المرتبطة بداعش أو التى ستظهر، فى المستقبل القريب، لتحلّ محلّ هذا التنظيم (أى داعش)، الذى دخل مرحلة الأفول.
فى غياب البديل، سيستمرّ اللجوء، بلا شك، إلى أساليب الدهس بالسيارات والهجمات بالسكاكين، لأشهر طويلة مقبلة. لكن، بمجرد أن تكون فى متناول شبكات «الجهاد الجديد» وسائل هجوم أكثر عسكرية، فإنها لن تتردّد فى اللجوء إليها لتنفيذ عملياتها.
هناك مؤشرات هامة تكشف بأن داعش بدأت تطمح، منذ الآن، لتدبير عمليات ذات طابع أكثر عسكرية، فى الغرب: خلال هجوم برشلونة، فى ١٧ آب الماضى، ثم فى التفجير الذى وقع فى مترو الأنفاق فى لندن، يوم ١٥ سبتمبر، عادت المتفجرات إلى الظهور، وذلك لأول مرة، منذ بدء موجة هجمات داعش فى أوروبا.
فى الواقعة الأولى، الخبير الذى كان بصدد تصنيع القنبلة تسبّب فى تفجير عرَضى أودى به هو وعدد من أعضاء شبكته، فى مخبأ كانوا متخفّين فيه ببلدة «الكنار»، وذلك قبل أقل من ٢٤ ساعة من هجوم برشلونة. أما فى الواقعة الثانية، أى فى لندن، فإن المتفجرة التى زُرعت فى إحدى مقصورات المترو لم تنفجر سوى جزئيا.
هاتان السابقتان تبيّنان أن شبكات داعش فى أوروبا لم تكتسب، حتى الآن، الخبرة التقنية اللازمة لتنفيذ هجمات كبرى، باستعمال متفجرات معقّدة التصميم. لكن ذلك لا يمنع أنها بدأت تطمح إلى ذلك بشكل جدّى.
يضاف إلى ما سبق، التهديدات الجديدة التى أطلقها داعش، فى منتصف سبتمبر، والتى حرّض فيها «جند الخلافة» فى الغرب، على مهاجمة «الكفّار» بكل الوسائل الممكنة، مشيرة إلى إمكانية اللجوء الى السموم لتلويث مياه الشرب.
يجب، إذن، ألا نستبعد ظهور أشكال مستجدة وغير متوقعة من الهجمات الإرهابية، فى الأشهر المقبلة. خاصة أن الخسائر المتزايدة التى يمنى بها داعش على الأرض، فى مناطق نفوذه بالعراق وسوريا، ستزيد من تعطش هذا التنظيم للثـأر من الغرب.
(يُتبع)
ـ الأسبوع المقبل فى «عين الخبير»:
هل قطعت حماس الفلسطينية صلاتها فعليا بقطر وبالتنظيم الدولى للإخوان المسلمين؟