عم «محمد» كفيف يعيش على سور الجامع، يرى العالم الذى لا يراه أحد، فلا يبالى بملابسه البالية، ولا بالسنوات التى يقضيها على الأرصفة، تسأله عن احتياجه يرد بصوت واثق «مش محتاج، ولا حاجة كل حاجة هنا والدنيا تمام»، سألته: هل أكلت؟ يرد دون تفكير: «آه من شوية»، أعود وأسأل: النهاردة؟ يجيب: «لا، أمبارح بس شبعان الحمد لله».
اصطحبه الخدام ذات يوم ليجرى فحص على عينيه، بعد أن تبين أنه فقد البصر تمامًا ولا جدوى للعلاج، فيقول ويرفض أن يأخذ أكثر من نوع واحد من العلاج، ويردد: «الحمد لله، كدا كدا مش بشوف خلو العلاج محتاج».
يتناول جزءا بسيطا من «الوجبة»، ويردد شاكرًا: الحمد لله «شبعت» ويشير بأصبعه «ضعوا الباقى للقطط أكيد جعانة»، أقاطعه و«أنت خليهم يمكن تجوع؟ يرد: «حرام القطط جعانة»، ليصيبنى بحالة من الذهول، ويكتفى بالبطانية التى كان طلبها بالأمس من الخدام، ويزيد ثانية: «الحمد لله على كل حال».