الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

بالناس المسرة| عمال اليومية.. عنوانهم الرصيف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يرفضون الطعام.. ويردّدُون.. «إحنا بصحتنا أعطوا المحتاجين»

قبل أن ندخل شارع الهرم، خلال رحلة «إطعام المشردين» تقف السيارة، وكل الخدام يعرفون هنا «عمال المنيا»، خمسة رجال قصدوا القاهرة، عمل اليومية، تحت الكوبرى أحاطوا أنفسهم بخشب وافترشوا الأرض ببطانية، غرقوا فى النوم من كثرة الألم وتعب اليوم.
ينزل الخادم من السيارة يتجه إليهم بعد أن حمل فى يده عدد الوجبات، يصل إليهم وبصوت هادئ ينبههم «وقت العشاء» يقف الرجل وكأنهم فى انتظار تلك الوجبة من ساعات، يأخذونها وينهمكون فى الحال ليأكلوا من رزقهم به الله.
سألت خادم يجلس فى المقدمة عنهم فقال: تعرفت عليهم فى فبراير الماضي، فى تلك الليلة كانت أمطار غزيرة جدًا وتحت الكوبرى وبالتحديد «ماسورة صرف أمطار الكوبري» يرقد خمسة رجال، ومن كثرة المطر والبرد وغرقهم فى المياه، لم يستطيعوا النهوض من أماكنهم، فكانوا شبه مجمدين، فقمنا بإيقاظهم وبدأنا فى تدليك أطرافهم حتى يتمكنوا من الحركة، وعصرنا ملابسنا.
وعندما قمنا بإحضار الوجبات كادت الدموع أن تفر من عيونهم، ورفضوا أن يأخذوها وقالوا وسمعت منهم جملة لا يمكن أن تقال إلا فى مصر «إحنا بصحتنا أعطوا للغلابة» وسألتهم هل تعشّيتم فكانت الإجابة على مدار يومين لم نأكل، ولكن نحن بصحتنا لو عندك عمل لفاعل هذا أفضل.. نحن نقدر أن نعمل أعطوا للغلابة، ومع مجادلة طويلة لا يكفون عن قولهم «إحنا بصحتنا حرام ناكل أكل الغلابة».
وعلى المدى البعيد، وفرنا لبعضهم عمل «باليومية» واقترحنا عليهم أن يستأجروا حجرة للمبيت فيها، رفضوا، وقالوا نحن هنا حتى نعمل من أجل أولادنا الذين يعيشون بقرى المنيا، ولازم نوفر لهم كل قرش، وقالوا يكفينا الوجبة التى تمدونا بها يوميًا.
ويزيد الخادم فوجئت أنهم يعيشون على تلك الوجبة فقط، وكل جنيه يرزقون به يعتبرونه ملك أولادهم، ولا يقتربون منه، ولا يقبلون أن يأخذوا أموالا دون عمل، فهم مثال «للمصرى الأصيل» بيوتهم وأولادهم أهم منهم، فقيمة الأسرة والعائلة عالية جدًا بداخلهم، على عكس كثيرين يمتلكون الكثير من الأموال ويفتقرون للحب والشهامة والرجولة التى رأيتها فى هؤلاء.