الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

بالناس المسرة| المسيح مش في الكنائس.. في الشوارع هتلاقوه

رجل يحمل ابنه على
رجل يحمل ابنه على كتفه ويكسب قوت يومه من بيه الربابة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شارع الهرم قبلة المشردين.. ومحطات لإطعام الجائعين

«لأَنِّى جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِى عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ».. تلك تعاليم المسيحية والتى يكافأ الله فاعلها، والتى تطبع بها الإنسان المصري، وخرج على أثرها المثل الشعبى «فى مصر محدش بينام من غير عشاء».
تعودت أن أرى تلك العادة فى شهر «رمضان» شهر «الصوم والإحسان»، فى معظم شوارع مصر مائدة ممتدة للأفطار، يتوافد عليها المحتاج والغريب، ولكن الليلة، وما رأيته بنفسى اليوم يؤكد أن مصر تتغير أحوالها على كل الأصعدة، وما زال «المصرى لا يتغير» الرحمة تحكمه والإنسانية سمته، فوجبة «العشاء»، زيارة يومية تقوم بها الكنيسة كل ليلة. فى تمام الساعة الحادية عشرة مساء، يقف القس يوسف فهمي، كاهن كنائس المنصورية، بجوار «ميكروباص» متهالك إلى حد ما، ممتلئ بوجبات الطعام، والتى تمت تعبئتها فى أطباق، عبارة عن «قطعة من المكرونة وعدد من أصابع المحشي، وربع فرخة مشوي، وسلطة، وقطعتين من اللحم البارد، وعلبة عصير»، والملابس المهندمة بعد أن خضعت لعملية التنظيف والكي، وتم وضعها بعناية بعد تقسيمها وفق المقاسات. كنت أنا وزميلى المصور آخر من وصل إلى المحطة الأولى فى شارع المنصورية، نهاية شارع الهرم، وبداخل «الميكروباص» سيدة وزوجها، تبدو عليهما الأناقة، لم يكملا معنا الرحلة للنهاية، والتى انتهت قرب الفجر فى تمام الثالثة، وسيدة ومعها ابنتان فى المرحلة الإعدادية، يبدو عليهن الشغف والحماس للرحلة التى لم تبدأ بعد، رغم تعودهن عليها، واهتمامهن أن يكونا ضمن الفريق ما لا يقل عن ثلاثة أيام فى الأسبوع. سائق الميكروباص والذى يتبرع بتلك الرحلة، هو أحد المشاركين فى الفريق، لا يقل أهمية عن باقى أعضاء الفريق، يعرف المحطات التى يجب أن يتوقف بها، ويحفظ أماكن المشردين والمنتظرين لوجبة عشاء ما زالت ساخنة، يشاركه شاب فى نهاية الثلاثين من عمره يجلس بجواره.. فإلى تفاصيل الرحلة. ننطلق بالسيارة «الميكروباص» لنبدأ رحلة «إطعام مشردى الشارع»، وتستهدف الرحلة التى تقوم بها كنيسة العذراء مريم بالمنصورية، «شارع الهرم» الشارع الذى تناولته الدراما المصرية على أنه «الملهى الليلي»، ويرتبط بصورة ذهنية لدى الشعب على أنه «أرض الرقص والراقصات»، وكان أول مكان طالته يد الجماعة الإرهابية بعد ثورة يناير. خارج أبواب الملاهى الليلية والفنادق الفخمة على أرصفة شارع «الهرم» هناك مشهد آخر، لا يمت بصلة لتلك السيارات الفارهة، ولا زائرى المطاعم، تجلس منتقبة ومعها بنتان، طلقها زوجها ولم يعد لها مأوى ولا عنوان سوى رصيف «الهرم»، وعجوز قسمات وجهه زايد عليها الزمان يبيع ليمون، منذ شروق النور، وطفل تهالكت عضلاته من الجرى وراء السيارات طوال النهار ليغرق فى نوم عميق غير مبال بالضوضاء. عم محمد رجل من نور فقد نور عينه، ولكن قلبه عامر بالشكر يعيش سنون هذا عددها على الرصيف لا يهمه سوى إطعام القطط، سيدة مسنة طلقها زوجها تعيش مع صغيرتها على الرصيف الذين لا يمتلكون حتى شهادة ميلاد. تقوم الكنيسة برحلتها مساء كل يوم بعد الساعة العاشرة، حتى تتمكن من مقابلة هؤلاء «مشردى الشوارع»، فالظلام يستر كثيرين ولكنه يعرى آخرين، فلأول مرة أرى شارع الهرم كما لم أره من قبل، يجلس بجانبى عدد من الخدام يبحثون عن المشردين؛ فالبعض معروف لهم، ولكنهم يبحثون عن المزيد، مكان كل مشرد وظروفه محفوظة فى ذاكرتهم ولا يضلون الطريق، هذا وقد شاركت «البوابة» الكنيسة تلك الرحلة.. وإلى أهم المحطات الإنسانية: