تقترب الساعة من الثانية صباحًا، نصل إلى صديق القسيس، كما يطلقون عليه خدام «إطعام المشردين»، رجل مسن يجلس أمام بائع الفاكهة يلعب «الطاولة» مع أصحابه من المسنين، ينزل إليه القس ليتبادلا التحية والضحكات، يمنحه الوجبة التى ينتظرها كل ليلة منذ عشر سنين أو ما يزيد.
الرجل هنا ليس من المشردين أو فاقدى الأهلية، ولكنه أب لابنين توفيت زوجته منذ أكثر من خمسة عشر عاما، حالته المادية «على قد المقام» وفق تصريحات الخادم، كان يقطن شقة من حجرتين وصالة.
ويزيد: كبر الولدان واللذان يعملان فى وظيفة حكومية، فترك الأب لهما الشقة ليتزوجا فيها، وصنع لنفسه بجوار بائع الفاكهة ما يشبه السرير الخشبي، زوده بلحاف وأغطية، وصنع فوقه «شمسية» تحميه من حرارة الشمس بالصيف، ومن المطر بالشتاء.
يقول الرجل، ويبدو على وجهه الرضا: «مش هناخذ زماننا وزمان غيرنا، الحمد لله على كدا»، ويبتسم ويسأل عن أحوالنا ويزيد لسانه بالدعاء والشكر لأشخاص لم ينسوا فعل الخير والسؤال على المساكين.