الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«البوابة نيوز» تقضى يومًا فى دار المسنين.. بثينة 65 سنة: 7 أعوام قضيتها في الدار ولم يسأل أحد عني واعتبرونى "ميتة".. وابني قلبه جامد وقاسي زي الحجر لكن بدعيله ربنا يرزقه ويخليله

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في ذكرى اليوم العالمي للمسنين، والذي يصادف الأول من أكتوبر، نرصد العديد من الحكايات الموجعة، من آباء وأمهات أفنوا حياتهم لتربية أبنائهم، ولكن جحود الأبناء كان سببًا لشقائهم، بعدما أن أصبحوا فى حاجة إليهم في عجزهم، ولكن أبنائهم ذهبوا بهم إلى دار المسنين.
تجولت "البوابة" داخل أروقة دار مسنين في منطقه السيدة زينب، والتقينا مسئولي الدار بداية من مديره، ورئيس الجمعية الشرعية، الشيخ محمد قطب، والذي مهد لنا مقابلة مجموعة من قاطني الدار.
فى غرفة متوسطة الحجم، فقيرة من حيث الأثاث، لا يوجد بها سوى كرسي ومنضدة واحدة، و5 أسرة لها دولاب واحدًا كبير، يحجب أشعة شمس الشباك الوحيد الخاص بالغرفة.

ووجدنا سيدة، تجلس وحدها على سريرها البسيط، ولا يوجد أحد معها، فقد أفنى الموت أغلب أقرانها فى الغرفة.
بصوت ضعيف غلب عليه الوهن والضعف، بدأت بثينة عبدالحفيظ، سيدة تبلغ من العمر 65 عاما، بسيطة جدًا في كل شيء بدأ من حديثها حتى ملابسها والحياة بالنسية إليها عبارة عن أيام فقط، تسير بلا أي مفاجآت، ولما لا، فالأيام تشبه بعضها.
وقالت الحاجة بثينة: "ولدت في محافظة دمياط ونشأت فيها، وعشت أجمل أيام حياتي حيث تزوجت وأنجبت ولد وقمت بتربيته وتعليمه وزوجته، لكن الزمن لابد أن يحمل لنا بعض المعاناة، بعد أن توفى زوجي لأجد نفسي وحيدة في هذا العالم، ومع مرور الأيام والظروف الاقتصادية الصعبة، أصبحت ثقيلة على ابني وزوجته، فتركت ابني لكي أعيش مع أخي، وحاولت أن أتكيف مع عائلة أخي، ولكن لم يكن مرحب بي هناك، فزوجة أخي لم تتحملني، وكانت تعاملني معامله سيئة وأصبحت تلقي علي بالكلام والحديث يوم بعد الأخر، فلم أتحمل ذلك فأنا سيده كبيرة في العمر ومريضة أيضا".
وتابعت "بثينة": "في يوم جاءت الفكرة في بالي، فقمت بالاتصال بالدار وذهبت إليه وكنت في الخمسينات حينها، وشكلي يبدو عليه الصغر، في البداية لم يوافق المدير ولكن عندما أعطيته البطاقة وشرحت له حالتي الأسرية، وما فعلوه بي ابني وأخي من معاملة سيئة، وعدم ترحيب بي عندهم، وإني لا أجد مكان أسكن فيه فكل الأبواب مغلقة أمامي، ولم يستضيفني أحد من أقاربي، وإما أن أجلس في الشارع أو يستقبلني هو عنده في الدار وجاء رده بأنه رحب بي كثيرا ".

وتكمل بثينة: "استقبلني الدار، وأقمت في غرفة مع سيدات من عمري وأكبر منى وأصبحنا كالأخوات، وحصلت هنا في الدار على معاملة جميلة وحسنة من الشيخ ومن المشرفة، وأيضا المسنات في الدار، والأن لي ما يقرب من 7 سنوات مقيمة، وحياتي مستقر".
ووسط دموع الحنين لأهلها الذى لم يفكروا في السؤال عنها، قالت "بثينة" إن ما ينقصها فقط رؤية أهله، فلم يسأل عليها أحد منذ أن دخلت الدار إلى الآن.
وتقول "بثينة": "أقضي الأعياد والمناسبات الدينية مع أصدقائي المسنات في الدار بمفردي، بالرغم من أن ربنا قال صلوا الأرحام، لكن هم لم يتذكروني ولم يتصلوا بي حتى على الهاتف، فأنا أشعر أنهم نسيوني تماما ولم أخطر لهم على بال.


وفي الغرفة المجاورة لها تجلس السيدة "أسيا"، من محافظة السويس، وتبلغ 69 عاما، ويبدو على وجهها التعب وحكت لنا قصتها: "في البداية ذهبت لدار في السيدة زينب، ولكنها كانت بمقابل مادي حوالي 500 جنيه في الشهر، وكانوا يستقبلوا السيدات الموظفات فقط، لأنهم يحصلوا على هذا المبلغ من المعاش، قولتلهم مش معايا، لكنهم رفضوا".
وتابعت "أسيا": "جيت هنا بسبب ابني، فهو مدمن ومتعاطي للمخدرات، وكان طالب جامعي، يعني متعلم، وكان هو اللي حيلتي فى الدنيا، كل حاجة كنت أوفرها ليه حتى لا يكون فى حاجة لأى شيء، ولكن بعد إدمانه للمخدرات وتحولت للمرض باع كل أثاث الشقة وقعدنا على الأرض حتى مستلزمات المطبخ باعها".
وتروي السيدة التي قاربت على إتمام عقدها السابع، بداية رحلتها في دار المسنين، حيث قالت: "أنا جيت الدار هنا هربانة من ابني لأن لو قعدت معاه اكتر من كدا، كان ممكن يقتلني عشان يجيب فلوس يشتري بيها المخدرات".
وأضافت: "كل الجيران اشتكوا منه، وقرايبي قطعوا علاقتهم بينا، مش عايزين حتى اتصل أسأل عليهم، وأصحابه بعدوا عنه لما عرفوا انه بيشرب، ووالده مبقاش يهمه خلاص دلوقتي هو عايش لوحده ولا بيسأل عليا ولا على ابنه".
واختتمت "آسيا" روايتها قائلة: "الدار بالنسبة لي أمان أكتر من البيت، وأمان أكتر من ابني اللي مش ليا في الدنيا غيره، وأنا مرتاحة في الدار بلاقي أكل، وسرير أنام عليه وأنا مطمئنة مش خايفة".