الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

محمد الدرة.. الطفل الرمز

محمد الدرة
محمد الدرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن يعرف جمال أنها دقائق معدودة وسيكون بطلا لواحد من أقسى المشاهد التى رأتها البشرية، خرج مع ابنه في نزهة قصيرة في شارع صلاح الدين بين نتساريم وغزة، وتحديدا في يوم 30/9/2000 أثناء الانتفاضة الثانية للقدس وفى مشهد استطاع أن يوثقه المصور الفرنسي شارل إندرلان المراسل بقناة فرنسا 2 مشهد وقعت حادثة قتل الصبي محمد الدرة في القطاع وسط احتجاجات امتدت على نطاق واسع في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية. 
والتقطت عدسة المصور احتماء جمال الدرة وولده محمد البالغ من العمر 12 عاما، خلف برميل إسمنتي، بعد وقوعهما وسط محاولات تبادل إطلاق النار بين الجنود الإسرائيليين وقوات الأمن الفلسطينية. وعرضت اللقطة التي استمرت لأكثر من دقيقة، مشهد احتماء الأب وابنه ببعضهما البعض، ونحيب الصبي، وإشارة الأب لمطلقي النيران بالتوقف، وسط إطلاق وابل من النار والغبار، وبعد ذلك ركود الصبي على ساقي أبيه.
في بادئ الأمر أعلنت قوات الدفاع الإسرائيلية تحملها المسئولية، كما أبدت إسرائيل، أسفها لمقتل الصبي، ولكنها تراجعت عن ذلك، عندما أشارت التحريات إلى أن الجيش الإسرائيلي ربما لم يطلق النيران على الدرة، وعلى الأرجح أن الفتى قتل برصاص القوات الفلسطينية.
وذكر 3 من كبار الصحفيين الفرنسيين الذين شاهدوا لقطات خام عام 2004، أنه لم يتضح من اللقطات وحدها أن الصبي لقي حتفه، وأن قناة فرانس حذفت عددًا قليلًا من الثواني الأخيرة، والتي يظهر فيها الصبي وهو يرفع يده عن وجهه. وفي عام 2005، قال رئيس تحرير غرفة الأخبار بالقناة أنه لا يمكن لأحد أن يحدد على وجه اليقين من الذي أطلق النيران، ولكن ذهب معلقون آخرون من بينهم مدير مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي إلى القول أن المتظاهرين الفلسطينيين قاموا بتنظيم هذا المشهد. وبعد إجراءات قانونية مطولة، أُدين فيليب كارسنتي، المعلق الإعلامي الفرنسي، بالتشهير بقناة فرانس2، واتهامها بالتلاعب في مادة الفيلم.
حازت لقطة الصبي ووالده على ما أطلق عليه أحد الكتاب "قوة راية المعركة". وطبقًا لما ذكره جيمس فالوز فإن "أقسى إصدار" للقضية من الجانب العربي هو أنه يثبت فرية الدم القديمة، في حين أن "أقسى إصدار" من الجانب الإسرائيلي هو أنه يثبت استعداد الفلسطينيين للتضحية بأطفالهم عمدًا حتى ولو في حرب معادية للصهيونية وأدى هذا المشهد إلى سقوط قتلى آخرين. وأنحي باللائمة عليه في إعدام اثنين من جنود الاحتياط بالجيش الإسرائيلي في رام الله، في أكتوبر 2000، وظل سببًا محفورًا في خلفية العالم، عندما أطاحت القاعدة برأس الصحفي الإسرائيلي-الأمريكي دانيال بيرل. 
في عام 2002 كتب جيمس فالوز أنه لن تظهر أيه نسخة حقيقية بشأن اللقطات، تصدق بها جميع الأطراف. وأطلق تشارلز إندرلان على ذلك "المنظور الثقافي"، الذي يرى خلاله المشاهدون ما يروق لهم رؤيته.
أصدرت محكمة الاستئناف بفرنسا حكمها النهائي في قضية التشهير بالقناة الفرنسية في 26 يونيو 2013، حيث أدانت كارسنتي بالتشهير وألزمته محكمة الاستئناف في باريس بدفع غرامة قيمتها 7.000 دولار. [6] وجاء الحكم النهائي للمحكمة الفرنسية برفض إصدار كارسنتي، الذي وصف فيه مقتل محمد الدرة بأنه "عملية نظمها المتظاهرون الفلسطينيون".
سجل المصور طلال أبورحمة شهادته عن الحادث فقال: «بدا لى جليًا أن إطلاق النار ناحية الطفل محمد وأبيه بشكل مُركّز ومتقطّع باتجاه مباشر ناحية الاثنين (الأب والطفل) وناحية مراكز قوات حفظ الأمن الفلسطينية، وكانت الطلقات التي أودت بمحمد الدرة وأصابت أباه من أبراج المراقبة الإسرائيلية لأنه المكان الوحيد الذي من الممكن إطلاق النار منه تجاه الأب والطفل.
وكان الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش قد رثى الطفل محمد الدرة في قصيدة طويلة بعنوان " محمد " قال في موضع منها: يعشعش في حضن والده طائرا خائفا.. من جحيم السماء، احمنى يا ربى.. من الطيران إلى فوق! إن جناحى صغير على الريح.. والضوء أسود.. محمد. يريد الرجوع إلى البيت، من دون دراجة.. أو قميص جديد.. يريد الذهاب إلى المقعد المدرسى إلى دفتر الصرف والنحو، خذنى.. إلى بيتنا يا أبى..كى أعد دروسى.. وأكمل عمرى رويدًا رويدًا.. على شاطئ البحر، تحت النخيل.