الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البيتكوين" و"الإثيريوم".. مصادر "داعش" لتمويل إرهابه

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
باحثون: التنظيم فقد موارده بعد هزائمه فى سوريا والعراق.. ويحاول تأسيس مراكز مالية فى ليبيا
بان كى مون: 30 مليون دولار شهريا عوائد بيع النفط والضرائب فى أوج قوته
حقق أرباحه من تجارة الرقيق والمخدرات.. وسيطر على 80 % من النفط والغاز السوريين
استولى على 100 مليون دولار من 121 بنكاً عراقياً
80 ٪ من آبار النفط والغاز السورية سيطر عليها داعش
1.2 إلى ٣ ملايين دولار يجنيها داعش يومياً من بيع النفط المسروق
40٪ نسبة داعش من صفقات البترول مقابل ٦٠٪ تذهب لسماسرة سوريين أو أتراك
430 مليون دولار قيمة سبائك ذهب سرقها التنظيم الإرهابي من الموصل

كشفت وقائع حديثة تطرقت إلى أنظمة مصرفية تتم عبر شبكة المعلومات الدولية عبر ما يعرف بـ«البيتكوين» و«الإثيريوم» وهما نظامان شاع العمل بهما بين عناصر التنظيم، استخدم فيها هذان النظامان من قبل عناصر «داعش»، وهو ما يعرف بأنظمة الدفع الجديدة التى لا تخضع لنظم المراقبة الدولية المعروفة، وباتت مؤخرًا من أبرز الأنظمة المستخدمة فى عالم العملات الافتراضية والمشفرة، منذ انطلاقها مؤخرًا، وتبلغ قيمة عملة «الإثيريوم» ما يقترب من الـ300 دولار.
بالرغم من تزايد خسائر التنظيم الإرهابى «داعش» فى سوريا والعراق، على مدار الشهور الأخيرة، إلا أنه لا تزال هناك محاولات لعمليات مسلحة داخل بعض المناطق التى يتواجد بها التنظيم، وبالتزامن مع ذلك، يظل المجتمع الدولى يتساءل ويبحث عن عمليات التمويل المالى للتنظيم رغم المحاولات المستمرة وآليات الأنظمة المصرفية حول العالم لتحجيم وغلق منابع التمويل وطرق تحويل الأموال من وإلى عناصر التنظيم داخل الأراضى التى يستولى عليها.
وفى هذا السياق، كشفت تقارير صادرة عن البنك المركزى العراقى فى يوليو ٢٠١٧، بجانب تقرير أممى صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة، عن مصادر التمويل التى لا يزال يحتفظ بها التنظيم بداية من عام ٢٠١٤ حتى الآن.

مصادر تمويل سرية
كشفت وقائع حديثة تطرقت إلى أنظمة مصرفية تتم عبر شبكة المعلومات الدولية عبر ما يعرف بـ«البيتكوين» و«الإثيريوم» وهما نظامان شاع العمل بهما بين عناصر التنظيم، استخدم فيها هذان النظامان من قبل عناصر «داعش»، وهو ما يعرف بأنظمة الدفع الجديدة التى لا تخضع لنظم المراقبة الدولية المعروفة، وباتت مؤخرًا من أبرز الأنظمة المستخدمة فى عالم العملات الافتراضية والمشفرة، منذ انطلاقها مؤخرًا، وتبلغ قيمة عملة «الإثيريوم» ما يقترب من الـ٣٠٠ دولار.
وقالت إيمان زهران، الباحثة فى ملف العلاقات الدولية، والمهتمة بشئون التنظيمات المتطرفة: «إنه عقب هزيمة تنظيم داعش فى المعركة الأخير بموصل العراق، لجأ إلى إعادة تنظيم صفوفه الدافعية بإعادة البحث عن بدائل تمويلية جديدة بدلًا من النفط والضرائب، على أن تكون مصادر آمنة وسرية».
ورجحت أن يحاول «التنظيم» إعادة تأسيس مراكز ثقله المالية فى دول تتمتع ببيئة خصبة لتمويل الإرهاب، مثل ليبيا، كما تشير عدد من الشواهد الحالية، مشيرة إلى أن ضربات التحالف الدولى الأخيرة بالإضافة إلى قوات الإقليم، أدت إلى تعرض النموذج المالى لـ«داعش» لانهيار كبير، لا سيما فى الشهور الأولى من عام ٢٠١٧، حيث استطاعت العمليات العسكرية خفض عائدات النفط، التى تمثل المصدر الرئيسى لتمويل التنظيم، بالإضافة إلى استعادة المراكز السكانية الهامة التى كانت تعمل سابقًا كقواعد ضريبية للأخير.
وأضافت زهران، أنه مع تكثيف المجتمع الدولى جهوده لمحاصرة التنظيم ماليًّا، وُجد أن التنظيم أعاد تطويع نظامه المالى بالاعتماد على التمويلات عالية الأمان، أو السرية كالعملات الإلكترونية، وهى إحدى أهم الأدوات المالية التى قد يلجأ إليها «داعش» لتمويل عملياته العسكرية فى منطقة الشرق الأوسط، وغيرها من مناطق العالم، وذلك مثل ما حدث العام الماضي، واستخدام داعش العملة الرقمية «البيتكوين» لتمويل عناصر إرهابية داخل إندونيسيا، من بينهم بهران نعيم «العقل المدبر لهجمات جاكرتا عام ٢٠١٦»، وذلك لما تتمتع به من سرية عالية وتشفير.
وأكدت الباحثة أنه لم تكن فقط استراتيجية العملات «الرقمية الافتراضية»، ما يتم الاعتماد عليه فى إعادة هيكلة النظام المالى للتنظيم وفقا لمستجدات المرحلة، ولكن تطويع بدائل مختلفة وإعادة تخليق حاضنات جديدة مثل: «الشبكات التمويلية» التى تم استقطابها من البيئة الليبية، لذا تعد التكتيكات المالية الحديثة وإعادة استنباط بدائل مالية جديدة، لا يمكن تفسيرها عن كونها فرصة للمناورة لتحقيق نوع من الاستدامة المالية ولو لفترة وجيزة، مما قد يمكنه من شن هجمات إرهابية فى الشرق الأوسط، أو فى مناطق أخرى حول العالم، ولكن هذه التكتيكات، على أية حال، لن تسمح بحيز مالى وفير للتنظيم بالتزامن مع تضييق المجتمع الدولى الخناق عليه فى السنوات المقبلة.

النظام المصرفى للتنظيم
وفيما يخص المعاملات المصرفية التقليدية، تحدث التقرير الصادر عن البنك المركزى بالعراق، فى يوليو الماضى تحت عنوان «تقرير توثيقى عن فروع البنوك التى سيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي»، كتبه المستشار بالبنك المركزى العراقي، ولى عيدى عبدالنبي، عن ضبط عمليات قامت عناصر تابعة للتنظيم الإرهابى بتنفيذها للحصول على مزيد من الأموال، وتمت هذه العمليات عبر الأجانب التابعين للتنظيم، إذ قاموا بسحب مبالغ مالية عبر حساباتهم البنكية الجارية فى بلدانهم الأصلية، رغم هروبهم منها وانضمامهم للتنظيم الإرهابي، عبر ماكينات الصراف الآلى فى مناطق المعارك، ومن ثم تؤول إلى التنظيم نفسه، ورصد التقرير الموارد المالية التى استولى عليها داعش فى العراق، بداية من استحواذ تنظيم أبى بكر البغدادى على مبالغ هائلة بعد خضوع العديد من المناطق الواسعة تحت سيطرته.
ونجح تنظيم داعش الإرهابى فى الاستيلاء على الموارد المالية لعشرات الفروع البنكية فى كل المناطق التى انتزعها بقوة السلاح ووحشية أفراده، لتبقى تحت يد عناصر عصابات داعش، منذ يونيو ٢٠١٤، وعلى أفرع المصارف فى شمال سوريا التى سيطر عليها التنظيم فى نفس العام، وهو ما لم تفلح فى التصدى له كليًا السياسات الدولية المختصة بهذه المسألة.

مراقبة الحسابات
رصد تقرير صادر عن الأمانة العامة للأمم المتحدة محاولات نجح فيها التنظيم الإرهابى فى الحصول على أموال من مصارف غربية، ما دفعه للمطالبة بإعادة صياغة وسن قوانين جديدة تمنع ما جرى داخل المصارف الدولية منذ العام ٢٠٠١، وكذلك طالبت تقارير دولية من المؤسسات الدولية العاملة فى النظم المصرفية، الاعتراف بأنَّ الحرب على تمويل الإرهاب تسببت فى تكاليف وخسائر باهظة وجاءت بنتائج عكسية، وألحقت الضرر بالأبرياء، كما فشلت فى مساعدة الحكومات للسيطرة الكاملة على القطاعات المالية كاملة، ومن ناحيتها اعترفت الهيئة الحكومية الدولية «مجموعة العمل المالى FATF»، المسئولة عن دراسة التقنيات واتجاهات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بأنَّ استراتيجيات «داعش» نجحت فى تحقيق عوائد مالية ضخمة أهمها اعتماده على الأموال الناتجة من داخل الأراضى التى سيطر عليها.
الاستيلاء على ١٢١ فرعًا بنكيًا
وفى العراق بلغ عدد فروع المصارف التى استولت عصابات داعش على موجوداتها النقدية وغير النقدية والواقعة ضمن المحافظات، ١٢١ فرعًا تابعة للمصارف الحكومية، بما فيها فرع البنك المركزى (الموصل)، منها ٨٤ فرعًا حكوميًا للعديد من البنوك، و٣٧ فرعًا لبنوك خاصة، أما عن المبالغ التى استولت عليها عصابات داعش واستخدمتها لتمويل عملياتها الإرهابية ودفعها لأفرادها من المجرمين لتمويل عملياتها الإرهابية ودفعها لأفرادها من المجرمين لتمويل عملياتها المسلحة، كرواتب وإعانات ورشاوى فقد أظهرتها الإحصائيات الصادرة من دائرة مراقبة الصيرفة فى ضوء المعلومات الواردة بالتقرير ١٠٠ مليون دولار.
وكان «بان كى مون» أمين عام الأمم المتحدة، تقدم بملف يحوى تقارير لمجلس الأمن، يتضمن أهم وأكثر المصادر التى يحصل من خلالها التنظيم الداعشي على التمويل، ولا يزال التنظيم يعتمد أساسًا على قناتى إيرادات أساسيتين، وهما الموارد الهيدروكربونية وممارسة الابتزاز من خلال فرض الضرائب.

تجارة المخدرات
ومن خلال عملية الرصد التى قام بها البنك المركزى العراقي، يظهر أن التنظيم حقق أرباحًا عن تجارة الرقيق من خلال بيع النساء والأطفال الأيزيديات والشبك وغيرهم، بالإضافة إلى حصوله على أموال ضخمة ناجمة عن تجارة المخدرات الواردة من إيران وأفغانستان وتصديرها إلى سوريا وتركيا ودول أوروبا، بالإضافة إلى موارد مالية كفرض «إتاوات» على السيارات التى تمر بالأراضى التى كان يسيطر عليها فى حينه، كذلك كسبه نحو ٥٠ مليون دولار من بيعه لنحو ٥٠٠ ألف طن من الأسمنت المخزن، وبيعه مئات الأطنان من المعادن والمركبات الكيميائية التى استولى عليها التنظيم من معامل الأدوية فى سامراء والموصل، بجانب استيفاء ديون التجار نيابة عنهم والحصول عليها بحجة أن التنظيم هو ولى أمرهم.

مصادر التمويل قبل وبعد
وفيما يخص التغييرات التى حدثت مؤخرًا فى استراتيجيات التنظيم المتعلقة بالنظام المالى وطرق التمويل، قال الباحث أسامة الهتيمى، المختص بالشأن السوري، والتنظيمات المتطرفة بالشرق الأوسط، إنه يجدر بنا عند مناقشة قضية مصادر تمويل داعش، أن نفصل بين مرحلتين زمنيتين بالنسبة للتنظيم، المرحلة الأولى وهى تلك التى تعقب نجاح التنظيم فى السيطرة على الموصل العراقية، فضلا عن اكتساح مساحات شاسعة من شرقى سوريا، التى تضم الرقة ودير الزور والحسكة، وهو ما يساوى مساحة بريطانيا، إذ تعددت مصادر تمويل التنظيم فى هذه المرحلة، فشملت قيامه ببيع النفط المستخرج من المناطق المسيطر عليها فى شمال سوريا وبيجى العراقية بشكل غير شرعى وبأبخس الأثمان فى السوق السوداء حيث أفادت التقارير بأنه كان يسيطر على نحو ٨٠٪ من النفط والغاز السوريين واستيلائه على سبائك ذهبية تقدر بأكثر من ٤٣٠ مليون دولار وعشرات الملايين الأخرى بالبنوك فى الموصل، وهو بالطبع مبلغ كبير تمكن به التنظيم من أن يخصص رواتب ثابتة لمقاتليه ومن ينضم للتنظيم، فيما قام أيضا بفرض إتاوات على شركات نقل المنتجات النفطية ومحطات الوقود والمحال التجارية وشركات الهاتف المحمول والمنتجات الزراعية، وغير ذلك من مناشط الحياة، فضلا عن الاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية والعقارات والأوقاف، التى كانت تعود ملكيتها للبلديات والمؤسسات الحكومية وبيع الآثار وتجارة السلاح.
وأضاف الهتيمي، أن الموقف الإقليمى مما يحدث فى سوريا لم يكن قد حسم وقتها بعد، وهو ما استطاع التنظيم أن يستفيد منه جيدا فحصل على تعاطف ودعم البعض من الأثرياء، ورجال الأعمال من أبناء الدول المحيطة بسوريا والعراق، على اعتبار أن التنظيم أحد فصائل المقاومة ضد بشار الأسد، فيما كانت لا تزال حالة جدل شديدة حول مدى صحة ما ينشر عن التنظيم من عدمه.
وأكد الهتيمي أن كل هذه المصادر التمويلية وفرت للتنظيم كميات كبيرة من الأموال، التى أنفق التنظيم جزءا منها على ترسيخ أقدامه، عبر إنشاء وتكوين مؤسسات تدير البلاد وفق تصوراته، للدرجة التى أعلن فيها قائده قبل أكثر من عامين عن أن ميزانية الدولة الإسلامية -بحسب تسميتهم لها- ناهزت المليارى دولار، مضيفًا أن لديها فائضًا ماليًا فى الوقت الذى ربما أشارت فيه تقارير كثيرة إلى أن أغلب البلدان المحيطة تعانى من عجز فى الميزانية، وهو أمر غير مستغرب، فقد أكد بان كى مون، الأمين العام للأمم المتحدة، أن ما يتحصل عليه داعش من بيع النفط، والزكاوات، والابتزازات، يساوى ٣٠ مليون دولار شهريا.
وأضاف الباحث المهتم بشأن التنظيمات المتطرفة، مؤكدًا أن الوضع اختلف إلى حد كبير بعد تصاعد حدة مواجهة التحالف الدولى للتنظيم فى كل من العراق وسوريا، حيث فقد التنظيم السيطرة على مساحات شاسعة من المدن والأراضي، فتقلصت إلى حد كبير مصادر التمويل، كون أن عناصر التنظيم انشغلت بالمواجهات العسكرية التى تستهدف استئصال شأفته، ومن ثم فإن التنظيم لم تعد لديه القدرة على السيطرة الكاملة كما كان، وقت أن استتبت له الأمور فى المناطق التابعة له، لكن فى الوقت ذاته فإنه تخفف من الكثير من الأعباء المالية التى كان ينفقها على إدارة هذه المناطق، بعد أن أصبحت أولى الأولويات هو الحفاظ على بقائه وبقاء عناصره من المقاتلين أو أسرهم الذين يقدرون جميعا بعدة آلاف فقط، وهو ما يعنى أن ضرورة المال لم تعد بنفس الدرجة التى كان عليها فى المرحلة الأولى، خاصة أنه اضطر إلى تخفيض رواتب عناصره إلى أكثر من النصف، بل وربما لم يعد مخصصا للكثير منهم رواتب، فى حين اعتمد بعض عناصره على ابتزاز الأهالى والسكان.
وأشار الهتيمى إلى المواجهات العسكرية التى لا تكلفه الكثير، لأن التنظيم يمتلك كميات هائلة من السلاح والعتاد، ومنها ما هو غير تقليدى والتى كان قد تحصل عليها من الجيشين العراقى والسوري، فى حين أن لديه فائضًا ماليًا، مما جمعه خلال الأعوام السابقة، وأردف موضحًا أن آبار النفط التى تقع تحت سيطرة تنظيم داعش، لا تزال تمثل المصدر الرئيسى لتمويل التنظيم، والتى تدر عليه من ١.٢ مليون دولار إلى ٣ ملايين دولار يوميا، حيث تتم أغلب عمليات البيع إلى النظام السورى نفسه، الذى لا تفى ما تقدمه كل من إيران وروسيا باحتياجاته النفطية، إذ كشفت وثائق عن صفقات بين داعش والنظام يقوم بموجبها داعش بتوريد النفط الخام إلى مصافى النفط التابعة للنظام، على أن يتحصل النظام على ٦٠٪ من أرباحها، فيما يتحصل داعش على ٤٠٪، وهى صفقات أشرف عليها أقارب للرئيس بشار الأسد نفسه، ومنهم إيهاب مخلوف، وأيمن جابر، وعمار الشريف، وياسر عباس، بالإضافة إلى رجل الأعمال السوري-الروسى جورج حسواني، الذى وضع اسمه على قائمتى العقوبات الأمريكية والأوروبية وصهره جوزيف ميخائيل عربش.
واستطرد الهتيمى إلى الحديث عن شراء بعض السماسرة والتجار الأتراك النفط من داعش بأسعار أقل مما هى عليه فى السوق العالمية ومن ثم يقومون ببيعه بسعره الحقيقى، فيحققون أرباحا كبيرة، وذلك عبر طريق يطلق عليه الطريق العسكرى، يقع غرب مدينة جرابلس على الحدود السورية - التركية ومنطقتى «تل أبيض» و«سلوك» الحدوديتين، غير أن ذلك توقف بعد ضغوط دولية مورست على تركيا، مستندًا إلى ثمة شهادات متواترة لضباط عراقيين، عن كيفية بيع تنظيم داعش النفط لسماسرة يقومون بدورهم بنقلها من الموصل إلى إقليم كردستان، ومن ثم أحد الموانئ التركية ثم إلى ميناء أشدود بالأراضى المحتلة.
ولفت الهتيمى إلى كون الآثار العراقية والسورية أيضا أحد مصادر التمويل لتنظيم داعش، الذى ينظر لهذه الآثار باعتبارها مظاهر وثنية، وبالتالى فهى إما أن يدمرها ويحطمها أو يبيعها ليستفيد من عوائدها المالية فى تمويل عملياته وبسط نفوذه، وتتعدد الجهات التى تقوم بشراء هذه الآثار فهى أوروبية وأمريكية وروسية، حيث يقوم التنظيم ببيع الآثار لوسطاء يقومون بتهريب القطع الأثرية المنهوبة عبر الحدود مع تركيا ولبنان إلى المستودعات فى أوروبا وآسيا، كى تباع لمن يرغب فى شرائها من التجار الغربيين الراغبين فى اقتناء الآثار والتحف والأنتيكات.

قوى دولية تدعم الإرهاب
وأخيرًا، بحسب توقعات لمحللين ومراقبين للتنظيم، ربما تشهد المرحلة المقبلة، استمرار عمليات الابتزاز والأنشطة الإجرامية كأسلوب للتمويل، حتى وإن لم يعد يسيطر على أراض، استنادًا إلى كون ذلك أسلوبًا قديمًا انتهجه عندما كان يعرف باسم «القاعدة» فى العراق، حيث لجأ التنظيم إلى الاعتماد بصور أكبر على عمليات الاختطاف التى ينفذها لطلب الفدية، خاصة مع عودة الصحفيين والعاملين فى مجال تقديم المعونة إلى المناطق المحررة، وقد يزيد التنظيم من اعتماده على «التبرعات الخارجية» لتأمين المزيد من التمويل، وهنا قال الباحث هشام النجار، المتخصص فى شئون الجماعات: «التنظيم يفقد مصادر تمويله الرئيسية بفقدانه الأرض التى سيطر عليها لفترة محدودة سواء من عوائد بيع النفط أو الاتجار بالآثار أو المتاجرة بالبشر والرهائن والأسرى، وما كان يفرضه على مختلف الطوائف من ضرائب تحت مسميات مختلفة، وكذلك هناك تراجع فى مواقف القوى الإقليمية التى كانت تسانده ماديًا وتسليحيًا، والمستفيدة من حضوره ونشاطاته وممارساته على الأرض».
وأضاف النجار: «إنه رغم تلك التراجعات فى مستويات دعم التنظيم، إلا أن هناك بعض النوافذ البديلة التى يعتمد عليها بشكل أساسي، ومنها بقايا ثرواته التى كونها فى فترة قصيرة، والتى حرص على تهريبها، خاصة ونحن نتكلم عن حجم أموال هائل كان تحت يد التنظيم بالعراق، علاوة على أن هناك قوى إقليمية لا تزال حريصة على حضور التنظيم لمصالح استراتيجية ضمن التسويات النهائية فى ملفات المنطقة، وهى تعمل على تمويله بشكل غير مباشر، فضلا عن أن مرحلة التسويات والمراحل المتأخرة من الحرب رغم الهزائم تحمل القدر الكبير من المغانم، وهو ما يحرص عليه التنظيم فى الوقت الحالى عبر تحصيل الأموال مقابل تسليم أسرى بحوزة التنظيم سواء إيرانيين أو لبنانيين تابعين لحزب الله أو غيرهم.