الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأكراد... وصراع دموي وشيك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ردود الأفعال على استفتاء استقلال إقليم كردستان العراق مخيفة ـبالرغم من أنها لا تزال فى بدايتهاـ ليست فقط لأكراد العراق وسوريا وتركيا وإيران، وإنما لكل شعوب المنطقة، وكلّ المعطيات تشير إلى صراع دموى وشيك قد يُعمر لسنوات، وسيُكرِّس مزيدًا من أزمات المنطقة، خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار تهديدات كل من: بغداد وأنقرة وطهران، وهنا يطرح السؤال الآتي: ما رهانات أكراد العراق لإقامة دولتهم المستقلة؟.. الإجابة تبدو جليّة فى «قاعدة الثُّلث» التى فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد احتلالها للعراق عام ٢٠٠٣، إذ إن كل المواقف والتصريحات والمبادرات الأمريكية منذ الأيام الأولى للاحتلال، وإلى غاية انتصار الجيش العراقى على «داعش»، ركزت على تقسيم العراقيين على أساس مذهبى وعرقى فى وقت واحد؛ حيث يأتى الحديث على أن المكونات الرئيسية للعراقيين، هى الشيعة والسنة والأكراد.
طبعًا كان ذلك التصنيف، وسيبقى، قسمة ضيزى بخصوص التقسيم الحالى والمستقبلى للعراق، وكون العراقيين بعد سقوط نظام «البعث»، قبلوا بتشكيل دولة جديدة مؤسسة على تلك القاعدة، وحولوها إلى نظام سياسى اتحادى (دستور ٢٠٠٥)، فمن الطبيعى أن تكون النتيجة على النحو الذى تعيشه العراق اليوم، وإذا سلّمت بغداد بنتائج الاستفتاء لصالح الاستقلال فعليها القبول بانتهاء الوحدة الترابية للعراق، وظهور كيانات جديدة، وهو ما قد تنتهى إليه لدول عربية أخرى ـمشرقًا ومغربًاـ لديها أقليّات على أساس عرقى أو مذهبي، قد لا تكون بنفس التخطيط الذى جرى تنفيذه فى العراق، وإنما بأسلوب مختلف، فلكل بلد خصوصيته.
استفتاء كردستان العراق، قد يكون مقدمة لحالتين محتمل حدوثهما، الأولى: وضع الأكراد فى المواجهة، كتجربة أولية لما هو مخطط للمنطقة، وأقصد تقسيمها إلى دويلات، وقد تنتهى إلى خسارتهم؛ حيث سيتم إجهاض مشروع دولتهم المنتظرة قبل ولادتها، والأيام المقبلة ـكما تشير تصريحات الحكومة المركزية فى بغداد وقادة دول الجوارـ ربما تكون مُحمّلة بمفاجآت غير سارة للأكراد عمومًا وليس فى العراق فقط، خاصة بعدما أبدى كثير من الأكراد فى إيران خاصة، وفى تركيا أيضًا ولكن بدرجة أقل، تأييدهم الاستفتاء وعبروا عن فرحتهم فى مسيرات حاشدة.. هنا يجب التذكير بأن الأكراد لم يستفيدوا من تجارب التاريخ لجهة تحقيق حلم دولتهم، واليوم يختارون وقتًا غير مناسب، ونقصد هنا الوضع العام فى العراق.
الحالة الثانية، ميلاد دولة كرديّة على الأراضى العراقية فقط، يأوى إليها أكراد الدول المجاورة وتكون أرضهم الموعودة، وهذا يعنى أن العراق سيُقسَّم إلى دولتين على الأقل فى القريب العاجل، ويبدو أن هناك وعودًا من الغرب بدعم الدولة الكردية الناشئة، وإن أظهرت دُوُله خلاف ذلك فى الوقت الحالي، ومن تابع تصريحات النُّخب السياسية والثقافية الكردية يدرك هذا، ثم إنه ما كان لرئيس إقليم كردستان العراق «مسعود البرزاني» القيام بهذه الخطوة لولا ضوء أخضر من دوائر صنع القرار فى العواصم الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة، وإن كانت تبدى تحفظها على الاستفتاء فى محاولة لمواساة العرب، وبخاصة العراق، ويبدو أن سوريا أدركت خطورة مد جسور بين أكرادها وأكراد العراق، فسارع وزير خارجيتها إلى تقديم وعود بحكم ذاتى لأكراد بلاده بعد الانتصار على «داعش».
المتوقع أن ينتهى إقليم كردستان العراق إلى قيام دولة معترف بها، ما لم تحدث مفاجآت حاسمة وقد تكون عسكرية، وهذه أيضًا محفوفة بالمخاطر؛ لأن الأقليات تحظى بدعم دولى من الدول الكبرى، لم يعد فى مقدور الدولة الوطنية الموحدة الحصول عليه.. ومهما يكن الأمر؛ فإن الأيام المقبلة مليئة بالمآسى لأمم المنطقة وشعوبها، وبخاصَّة العرب والأكراد.
نقلا عن «الاتحاد» الإماراتى