الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وسائل الاتصال وقضايا الصراع في العالم "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من أبرز جلسات النقاش التي ضمها المؤتمر العلمي الثالث والعشرين لكلية الإعلام جامعة القاهرة، الذي عُقد تحت عنوانٍ لافت وهو «وسائل الاتصال وقضايا الصراع في العالم»، يوميْ الإثنيْن والثلاثاء ١١ و١٢ سبتمبر الحالي، المائدة المستديرة المعنونة «الإعلام وإدارة الصراع: إطلالة على الواقع»، والتي رأسها د. راسم الجمال أستاذ الإعلام الدولي بالكلية، وتحدثت فيها نخبة من خبراء السياسة والأمن والإعلام.
في البداية تحدث د. أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وقال إن الإعلام له دورٌ رئيسي في إدارة الصراعات؛ لأن الدعاية أداة رئيسية في إدارة السياسة الخارجية سواء في سياقها التعاوني أو الصراعي، بالإضافة إلى الأدوات السياسية والعسكرية والاقتصادية. ويتمثل دور الدعاية في حشد الأنصار لأي طرفٍ من الأطراف في صراعٍ ما.
وتتمثل مشكلة الإعلام كأداة مهمة من أدوات الصراع في بروز قيم التحيز والإزدواجية وتراجع الموضوعية، ولعل قناة «الجزيرة» القطرية وإعلام تنظيم «داعش» الإرهابي يمثلان نموذجيْن للإعلام الاحترافي الذي أسقط القيم المهنية الإعلامية.
 وتلجأ الدول إلى الإعلام كأداة صراع لأن الأداة العسكرية ليست هي الأداة المناسبة في كل الصراعات، واستحالة استخدام هذه الأداة في بعض الحالات.
 إن الأداة العسكرية لم تحسم الصراع في اليمن رغم مرور ثلاث سنوات على بدايته، لذا فقد يكون الإعلام أداةً مثلي في حسم هذا الصراع، لقد تزايد دور الإعلام في الصراع في ظل تنامي آلياته وأدواته الفاعلة مثل الفضائيات والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
وذكر اللواء محمد عبد المقصود الأستاذ بأكاديمية ناصر العسكرية، أن الثورة التكنولوجية جعلت أجهزة الأمن لا تستطيع أن تفرض سيطرتها، وربما يكون هذا هو مكمن استخدام الدول الكبرى لحروب الجيليْن الرابع والخامس. 
ولعل تغلغل هذه الحروب في النسيج الوطني لبعض الدول العربية هو ما أدى إلى تراجع الصراع العربي الإسرائيلي، نظرًا لتأجج الصراع داخل هذه الدول نفسها.
 إن وسائل الإعلام العربية تخاطب نفسها ولا تخاطب الخارج مثلما تفعل إسرائيل التي استطاعت أن تجلب تعاطفًا عالميًا معها في إجراءاتها الأخيرة لمنع الصلاة في المسجد الأقصى.
إن آفة شبكات التواصل الاجتماعي أنها تمارس تأثيرًا مدمرًا على الوعي الجمعي للشباب، وتعمل على التشكيك في القيم الأساسية للدولة ورموزها، وتستهدف تفتيت تماسك الدولة وزعزعة استقرارها عن طريق نشر أفكارٍ مغلوطة يصدقها كثيرون، بغض النظر عن البحوث التي أظهرت تدني مصداقية هذه الشبكات. 
إن حربًا دعائية شرسة لنشر الشائعات مورست ضد مصر من خلال هذه الشبكات للنيْل من تماسك الجبهة الداخلية المصرية، ولكن تماسك هذه الجبهة هو الذي أدى إلى الصمود في مواجهة هذه الحرب المسعورة.
وخَلُصَ اللواء عبدالمقصود إلى عدد من التوصيات -أوافقه عليها- أهمها: إبراز دور القوات المسلحة المصرية داخليًا وخارجيًا، ودعم استراتيجية الدولة في مكافحة الإرهاب، وتسليط الضوء على المشروعات القومية الكبرى، والتخلص من السطحية في المعالجة الإعلامية، والحفاظ على الروح المعنوية العالية للمواطنين وقوات الجيش والشرطة؛ لأننا فى ميادين قتال، ودعم الإعلام الإلكتروني بعناصر وكفاءات شابة لديها قدرٌ كبير من الوعي.
وقالت د. نجوى كامل أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن الإعلام المعاصر –للأسف- لم يدع أو يُرس مفهوم الدولة الحديثة، بل إنه دعا في الأساس إلى الطائفية والعرقية والمذهبية والقبلية. 
وطرحت عدة تساؤلات أبرزها: هل يمتلك الإعلام المقومات التي تجعله يدعو إلى ثقافة السلام المجتمعي؟ وما مدى مساهمة التعددية الإعلامية في ضمان حق المواطن في المعرفة؟ وهل توجد استراتيجية إعلامية واضحة لكيفية التعاطي مع الصراعات المختلفة؟ ولماذا نشاهد في وسائل إعلامنا كل هذه اللقطات والصور البشعة عقب كل حادث إرهابي، وهو ما لم نره في آليات التغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية في فرنسا وبلجيكا وإسبانيا؟
إن إعلامنا العربى سقط – بقصد أو دون قصد- في هوة حرب المصطلحات والمفاهيم War of Expressions، فيُطلق على «الإرهابيين» مصطلح «الجهاديين»، ويُطلق على «السلفية التكفيرية» مصطلح «السلفية الجهادية»، ويُطلق على «الانتحاري» مصطلح «الاستشهادي»، ويستخدم البعض مصطلح «ولاية سيناء» بدعوى أن الإرهابيين يقولون ذلك، ويتم هذا الخلط صباحًا ومساء نتيجة عن عدم وعي أو سوء نية. واختتمت د. نجوى كلمتها بالتوصية بضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية والرقابية كافة ضد مواقع وصفحات المتطرفين والإرهابيين على شبكة الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.
وأخيرًا.. تحدث د. هشام عطية أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والذي ذكر أنه في الصراعات وأوقات الأزمات تزيد مساحة الاعتماد على وسائل الإعلام، لذا فقد أصبحت وسائل الإعلام ساحةً للصراع وليس مجرد أداة من أدواته. 
إن الاتصال الأكثر إبداعًا والأكثر كفاءة والأكثر قدرة على تقديم أفكاره هو الأكثر فعالية؛ لا يكفي أن يكون الحق أو الحقيقة معك، بل يجب أن تعرف كيفية تقديمهما للجمهور، «فكون قضيتك عادلة لا يجعلك قادرًا على أن تكسبها».
 لقد استطاع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أن يستعيد الدور والنفوذ الإعلامى لروسيا الاتحادية وكانت أداته فى ذلك هى «روسيا اليوم».
واختتم د. هشام حديثه بمقولةٍ رائعة، هى: «إن القرية العالمية Global Village التي أوهمنا عالم الاتصال الكندي مارشال ماكلوهان Marshall McLuhan أنها صغيرة، تبين في النهاية سقوط هذه الأسطورة؛ لأن هذه القرية كساحة للصراع آخذة في التمدد والاتساع بفعل تعدد الشاشات والمنصات والتفضيلات الإعلامية للجمهور».
إن الدور الفاعل للإعلام في مجال الصراعات في منطقتنا العربية لم تتضح كل معالمه بعد، وأعتقد أن المزيد من المعالم سوف تتكشف في قادم الأيام.