الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

عامل النظافة في مصر.. "يصعب على الكافر"

 عم سامى
عم سامى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رواتب لا تتعدى 650 جنيهًا وبدون تأمين صحى أومعاش.. و«عم سامى»: ابنى مصاب بالسكرى ومضطر للتسول لعلاجه
«الحسينى»: لماذا لا تهتم الدولة بنا مثل عمال النظافة بالخارج؟.. و«سلام»: اللى بيمرض بيمشى ومحدش مسئول عنه
«معوض»: المرتب ٦٠٠ جنيه.. و«الناس بتحتقرنا بعد كل التعب ده».
«مقشة، جاروف، ملابس رديئة».. كل ما يمتلكه عامل النظافة المصرى من أدوات منتهية الصلاحية منذ سنوات، بجانب معاناة يومية يتحملها قطاع العاملين بالنظافة فى مصر، حيث الجهد والتعب والتعرض للأمراض المختلفة نتيجة الاختلاط يوميًا بالقمامة وما تحملها من ملوثات مختلفة يصاب بها العمال، ويعد تنظيف الشوارع يوميًا هو اهتمامهم الأول والأخير، فمنذ الصباح الباكر يعملون فى صبر وتفانٍ. فلقمة العيش هى هدفهم وغايتهم وتعد مهنة لهم خوفًا من الدخول فى دائرة البطالة، وبالرغم من ذلك لم تتوفر لهم سبل الأمان أو التمتع بوجود تأمينات صحية وخدمات اجتماعية أو رواتب آدمية كباقى العاملين بالدولة فى القطاعات المختلفة، ومن ناحية أخرى فهم مهددون دائما بالفصل من العمل، لأنهم لم يتم تثبيتهم، وعلى الرغم من الاهتمام البالغ بهذه المهنة فى جميع دول العالم والتى تعد من أعلى الأجور، ويتمتعون بحسن المعاملة والاحترام، إلا أن عامل النظافة الذى يعمل على إبراز الوجه المشرق للشوارع ما زال «يصعب على الكافر». 
شاركت «البوابة» العمال معاناتهم اليومية فى محافظة الجيزة، والاستماع إلى مطالبهم وأمنياتهم التى كانت محدودة للغاية، ولا يطمعون بأكثر من حياة آدمية وراتب يكفى احتياجات الأسرة ولا يضطرهم للتسول.
عم سامى أحد العاملين بالنظافة والذى يبلغ من العمر ٤٠ عامًا يقول إنه يعمل يوميًا منذ الثامنة صباحًا وحتى الثانية ظهرًا، ويتم تكليفه بأعمال غير المطلوبة منه، حيث يأمره المشرفون بتنظيف شوارع ومحطات ليست من مهام عمله، وفى المقابل لا يتقاضى سوى ٦٥٠ جنيهًا شهريًا ولديه ٣ أبناء أصيب أحدهم بمرض السكرى، مما يضطره إلى اللجوء للتسول والوقوف فى إشارات المرور لمد يده للمواطنين، هذا بخلاف ما يواجهه من سوء المعاملة من قبل المديرين والخصم الدائم من المرتب، وحتى الآن لم يتم تعيينه، فهو مهدد بالفصل وترك العمل فى أى لحظة، ويقول «لو شفت السيسى هقوله.. اتوصى بعمال النظافة يا ريس إحنا مطحونين». 
أما محمد معوض شاب ثلاثينى يعمل بالنظافة، يشكو أيضًا من معاناته بسبب الرواتب الضئيلة التى لا تتعدى ٥٠٠ جنيه شهريًا، وأن هذا الأجر لا يكفى لاحتياجات أسرته التى تتكون من ٥ أفراد، ويقول «بعد كل التعب ده الناس بتحتقرنا، ونفسى الناس تبطل ترمى زبالة فى الشارع عشان إحنا اللى بيطلع عنينا يوميًا من ٧ صباحًا وحتى ٣ عصرًا».
أما عن المخاطر التى تواجه عمال النظافة، فيقول أحمد سلام البالغ من العمر ٤٤ عامًا إنه يوميًا يتعرض للإصابة من قطع الزجاج والحقن التى تلقى فى القمامة، مما يصيبهم بأمراض مختلفة، ويضيف أن الكثيرين من زملائهم قد أصيبوا بالسرطان، مما اضطر البعض منهم الى الجلوس فى المنزل لعدم قدرتهم على الاستمرار فى العمل، ومقابل كل هذه المعاناة ليس لدينا تأمينات صحية كباقى العاملين والموظفين فى الدولة «اللى بيمرض بيمشى ومحدش مسئول عنه».
يقول السيد أحمد رجل خمسينى إنه يعمل بمهنة النظافة منذ ٢٥ عامًا ولم يتم تعيينه حتى الآن، ومهدد بالفصل من العمل وراتبه لا يتعدى ٦٠٠ جنيه شهريًا، وفى مقابلها يتعرض للإهانة من قبل المواطنين الذين ينظرون له باحتقار. 
أما طه على أحد العاملين، فقد قطع حديث زميله قائلًا «لا أتمنى سوى أن يحترمنا الناس فى الشارع، لأننا السبب فى إظهار الوجه المشرق للمدن والشوارع».
ويتساءل محمود الحسينى: لماذا لا تهتم بنا الدولة مثل عمال النظافة بالخارج الذين يتمتعون بالمعاملة الحسنة والرواتب الآدمية التى تكفى احتياجات الأسرة؟ ويشكو من المديرين والمراقبين على العمال حيث يسبونهم بألفاظ بذيئة وشتائم رديئة ويقول: «بيعاملونا زى العبيد».
ويضيف عبدالرحمن أحد عمال النظافة إنهم يتسلمون الأدوات الخاصة بالعمل التى تتكون من مقشة وعربة جمع القمامة والتى تعتبر «عهدة»..ويقول إن تلك الأدوات قد تطورت منذ سنوات فى جميع دول العالم، ولكن ما زلنا نستخدم «المقشة»، ومع ذلك تعتبر عهدة، ونسأل ونحاسب عليها أيضًا ويتساءل: لماذا يهتمون فى الهيئة بحقوقهم ويتركون واجباتهم نحو العمال؟
ويقول أحد العمال «إحنا ياما اتكلمنا.. ومحدش بيعبرنا.. وإحنا أكتر ناس ضايعين فى البلد وحتى فى المناسبات والأعياد لا يتم صرف مكافآت لنا كباقى العمال والموظفين».
أما جمعة هشام فيعمل من ٨ صباحًا وحتى ٢ ظهرًا، ونظرًا لضآلة المرتب يضطر إلى أن يعمل بمهنة أخرى لسد احتياجات أسرته بعد أن تم فصل ابنته الصغيرة من التعليم، لأنه لم يعد يستطيع تحمل المصروفات والالتزامات المضاعفة، واضطر للعمل فى محلات البقالة بعد انتهاء فترة عمله الصباحية فى النظافة.
ويقول إبراهيم رجب عامل يبلغ ٤٤ عامًا يعمل بالنظافة منذ ١٤ سنة إن راتبه ٥٠٠ جنيه وغير قابل للزيادة ولم يتم تعيينه، وقد أصيبت ابنته بمرض السرطان وتوفيت، لأنه لم يستطع دفع تكاليف علاجها، واضطر إلى أن تعمل زوجته خادمة بالبيوت لسد احتياجات أطفاله ومصروفات تعليمهم، ويضيف «أتمنى حد يحس بينا إحنا بنعيش يوميًا مع القمامة والروائح الكريهة حتى أصبحنا شبه المتسولين». 
ويوضح الدكتور أحمد جمال أستاذ الجراحة العامة والأورام أن الاختلاط يوميًا بالقمامة من قبل عمال النظافة دون وجود أدوات ومستلزمات آمنة لهم يؤدى إلى انتشار الإصابة بمرض «Tetanuse التيتانوس» والذى ينتج بسبب تلوث الجروح بأنواع من الجراثيم المختلفة التى تتعلق بالمواد التى يحملها العامل يوميًا كالزجاج، والذى تكون أعراضه مؤلمة للغاية، حيث يمتصه الجسم ويتحول لسم يسير فى الدم ويسبب التشنجات وتقلص العضلات، ومن المعروف أن التيتانوس فيروس قد يقتل ٨٠٪ من المصابين به، والمصاب بالمرض لا يكتسب منه مناعة، ومن الممكن الإصابة به مرة أخرى، فيجب التحصين وأخذ احتياطات المناعة، ومن المؤكد أيضًا أن العمال بالنظافة يتعرضون للأمراض السرطانية، نتيجة الإصابة من الحقن والسرنجات الملوثة التى تنقل أمراضًا كثيرةً مثل فيروس الكبد الوبائى والإيدز أو فيروس «سى»، ويقول: يجب حماية العاملين بالنظافة من المواد الحادة التى يتعرضون لها والدماء الملوثة وتوفير أدوات السلامة والوقاية.