الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

انفصال كردستان.. مَن المستفيد؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل نحو ما يزيد على عام من الآن، رفض الدكتور شريف درويش أستاذ الإعلام فى جامعة القاهرة، أن يبدأ فى نقاش أطروحة الماجستير لطالب عراقي، رفع علم إقليم كردستان خلفه، وحينما سأل الباحث عن أى جنسية تحمل؟ جاء رده «الجنسية العراقية حتى الآن».. الأمر الذى زاد من غضب الأستاذ الجامعي، وطالبه بأن يزيل العلم قبل الشروع فى المناقشة، مؤكدا أن موقف الدولة المصرية ثابت وراسخ فى رفض تقسيم العراق، وغيره من الدول العربية. 
تذكرت هذا المشهد، وأنا أتابع الانزعاج الكبير الذى انتاب حكومات وقيادات وشعوب العالم العربي، وهى تنظر بعين الحسرة على انفصال بات وشيكا لقطعة جديدة من أرض دولة عربية كانت يوما ما واحدة من الدول العربية الأكثر استقرارا وثروة وقوة.. وما هى عليه الآن من تفكك وصراع مذهبى وعرقي، يفضى إلى مشاهد قتل جماعية يومية، وتفجيرات لأماكن دينية، ليس سوى النموذج الذى يبحث عنه الغرب، ويسعى نحو تطبيقه فى جميع بلدان العالم العربي. 
الأكراد يسعون نحو توحيد أنفسهم فى دولة واحدة منذ ما يزيد على قرن كامل، وتحديدا بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، حين جرى تقسيم الإمبراطورية العثمانية، وتشتيت ما يقرب من ٣٠ مليون كردى نتيجة لذلك، تناثروا فى ٤ دول، هى العراق وسوريا وتركيا وإيران.. وما يجرى فى العراق هو البروفة الأولى لما سوف يحدث فى الدول الثلاث الأخرى.. فإن نجحت ومرت، فتطبيقها حتمى فى باقى الدول. 
على الرغم من التهديدات العراقية والتركية والإيرانية التى سبقت إجراء الاستفتاء، فإن مسعود بارزانى الزعيم الكردى المعروف، ورئيس إقليم كردستان الذى يتمتع بحكم ذاتى منذ ١٩٩١، رفض الانصياع، وواصل التحدي، وقرر تنظيم الاستفتاء، مؤكدا أن الشراكة مع العراق أثبتت فشلها، وأن دولة مستقلة لأكراد العراق هى الحل الأفضل. 
المواقف الدولية لم تطالب بارزانى بإلغاء الاستفتاء، ولكنها فقط، طالبت بتأجيله لمدة عامين، أى أن أمر تقسيم العراق حاصل لا محالة، فقط يجب انتظار الوقت المناسب لذلك. وقد يكون السبب الأبرز فى الرغبة فى التأجيل، هو أن حرب داعش لم تضع أوزارها حتى الآن، وتمثل قوات البشمركة ركنا أساسيا فى هذه الحرب، وما قد يحدث جراء الاستفتاء، من صراع بين الإقليم، وحكومة بغداد التى هددت باتخاذ كل الإجراءات الضرورية للحفاظ على وحدة العراق، فضلا عن التهديدات التركية الموحية بتدخل عسكري، كل ذلك قد يقوض الحرب ضد داعش، ويعطى فرصة جديدة للتنظيم واستغلال هذه الفوضى والصراعات الداخلية، من أجل استجماع قوته وتنظيم صفوفه. 
وكأن فى العراق مكانا لم يشتعل بعد، وكأن المنطقة العربية ينقصها سبب جديد لصراع ستكون نتائجه وخيمة على الجميع.. العراق لن يتضرر وحده، ولن تقف كرة الثلج عند أكراد سوريا وتركيا وإيران.. ولن تكون هذه هى نهاية المخططات الغربية لتفتيت العالم العربي.. ولكننى أتمنى أن تكون هذه هى نهاية زمن الفرجة الذى يمارسه العالم العربى منذ سنوات طويلة.. وأن يبدأ زمن الفعل والمبادرة. 
إسرائيل وحدها هى من يجنى المكاسب الآن.. جميع أزمات المنطقة وصراعاتها تصب فى صالح الكيان الصهيونى الذى أعلن بكل تبجح مساندته للدولة الكردية الجديدة، وكأن نتنياهو يخرج لسانه لنا فى كل مرة، وهو يردد «هل من مزيد؟».