الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مشايخنا حين يطلبون الهجاء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فتوى الدكتور صبرى عبدالرؤوف بأن معاشرة الرجل لزوجته المتوفاة ليست زنى، فتوى خاطئة، والصحيح أنها أشد من الزنى، فالزنى هو ممارسة بين رجل وامرأة أجنبيين برضاهما، أما هذه الفعلة فهى اغتصاب بغير رضا الطرف الآخر، ودناءة أخلاقية، وهتك لحرمة الموت، وانتكاس للفطرة السليمة، وهتك للحياة الزوجية، وفى المقابل فإنه لا يليق بأحد أعضاء هيئة كبار العلماء أن يشبه صاحب الفتوى «بالبهيمة»، كما لا أجد مسوغا فى رد فعل الإمام الأكبر حين قال إنه يجب الحجر على أصحاب هذه الفتاوى، وإلا سنحجر على ٥٠ ٪ من المشايخ. 
عموما ليست هذه الفتوى هى مشكلة الدكتور صبري، بل مشكلته ومشكلة بعض مشايخنا هى قوله: «إن هذه الفعلة شاذة وضد الإنسانية لكنها ليست حراما»، إذ حدث فصل فى خطابنا الدينى بين الدين وبين الإنسانية، واستساغ بعض المتدينين هذا الفصل، فصار أكثر خطابنا الدينى خاليا من الإنسانية والذوق والجمال، ولهذا كان أحد العلماء نابها وواعيا وموفقا حين كتب كتابا عنوانه: (الإنسانية قبل التدين)، وليس يخفى أننا أمام عدد قليل من مشايخنا الذين يعون أن الإنسانية قبل التدين، وأن الإنسانية والذوق والجمال من صميم الدين.
إلا أن الدكتور صبرى عبدالرؤوف -وهو من هو فى الفقه- يرى أن الشيء قد يكون شاذا وضد الفطرة والإنسانية ومع ذلك ليس حراما!!. تلك هى مشكلة بعض مشايخنا، وهم بهذا يطلبون الهجاء.
أذكر أننى قلتُ من قبل إن أى فتوى تصطدم مع الإنسانية والذوق والجمال هى خاطئة حتما، فجاءتنى تعليقات من بعض الإخوان والسلفيين، قال أحدهم: هذا مذهب جديد، وقال آخر بل الإسلام دين الحق وليس دين الجمال والذوق، كانت هذه نظرة شباب تربى على بذاءات التنظيم، وخطب وجدى غنيم، وبرنامج محمد نصر، وعاش صدمة أوهام عودة مرسى والشرعية، وسمع «عصام تليمة» يقول: إن الإسلام أباح السب والشتم، ثم امتلأت سوق الفتوى بمئات الأمثلة من التيارات السلفية من نوعية: تهنئة المسيحى بعيده كفر، ولا يجوز أن نبدأه بالسلام، لبس الكرافتة فيه تشبه بالكفار، فلا غرابة –إذن- أن تمتلئ نفوس بعض الشباب بكل قبح، وبكل ما ينافى الذوق والأخلاق.
الغريب هنا أن هذا الفهم تسرب لمشايخنا، لا أعنى أمر القبح والبذاءات، بل أعنى أن بعضهم يعطون فتاوى دينية دون النظر إلى مدى التطابق بين الفتوى وبين الجمال والذوق والإنسانية، ولهذا فإن الدكتور صبرى لم يجد حرجا فى القول بأن الفعل قبيح وضد الإنسانية لكنه حلال!! تلك هو الخطأ الذى كان يجب أن يعتذر عنه، لأنه أشد من الفتوى نفسها. 
أمر آخر، وهو أن بعض مشايخنا يطلب الهجاء، فحين يخطئ أحدهم ويُثار الأمر فى الإعلام كأن جنونا مسه، فيخلع عمامة الكرامة والعزة، ويدور على الفضائيات يبرر ويعتذر ويتوسل ويتأسف، وكل هذا لأنهم طلبوه للتحقيق فى الجامعة التى يعمل بها، أو لأنهم أوقفوه من الظهور فى الإعلام.. ما هذا؟ وما يضر أنهم أوقفوه أو حققوا معه؟ ما هذه النفسية التى يتخلق بها بعض مشايخنا حين يخطئون؟ إن الاعتراف بالخطأ فضيلة، والاعتذار عنه شرف، ومن أخطأ فعليه أن يُصدر توضيحا لبيان وجهة نظره، والدفاع عن نفسه، أما أن الشيخ - أى شيخ - يدور على القنوات لينجو من عقاب إدارى فهو بهذا يطلب الهجاء، ويُثبت أنه مهزوز.