الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

كاتب بريطاني: مكاسب اليمين المتطرف في ألمانيا تؤكد أنها لم تعد استثناء

المستشارة الألمانية
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رأى الكاتب البريطاني جدعون راخمان، أن المكاسب التي حققها اليمين المتطرف في انتخابات ألمانيا تُظهر أن البلاد لم تعد محصنة ضد فيروس الشعبوية المستشري.
ولفت الكاتب - في مقاله بالـفاينانشيال تايمز- إلى أن "السنة الماضية، وبينما كان إعصار الشعبوية السياسية يضرب الغرب، ظلت ألمانيا في معزل عن ذلك جزيرةً يلفّها الهدوء؛ وبينما انتخبت الولايات المتحدة دونالد ترامب، واختارت بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولم يكن فرانسوا أولاند يحظى بشعبية كافية ليخوض انتخابات أخرى كرئيس لفرنسا - على النقيض من ذلك، خطتْ آنجيلا ميركل خطوات ثابتة صوب فترة رابعة كمستشارة لألمانيا، وبين أمم غربية كثيرة، وقفتْ ألمانيا وحدها قائدةً قوية ومستقرة".
ونبّه راخمان إلى أن "انتخابات أمس الأول في ألمانيا، إذا كانت أكدت تأمين ميركل لفترة أخرى في منصبها، إلا أنها جاءت بتطور آخر غير مُريح وهو أن ألمانيا قد فقدت حصانتها ضد الشعبوية الغاضبة والمناهضة للمؤسساتية.. هذا التطور سيترك آثارا خطيرة على قدرة المستشارة الألمانية على أداء دورها في "قيادة العالم الغربي" وهو اللقب الذي لقبها به كثيرون غداة انتخاب ترامب".
وأوضح الكاتب أن "قضية الانتخابات الألمانية تتجلى بوضوح في صعود نجم اليمين القومي متمثلا في حزب (البديل من أجل ألمانيا) والذي أحرز نسبة 13 بالمائة في عملية التصويت ليكون بذلك أكبر ثالث تجمع في البرلمان بتمثيل من أكثر من 90 عضوا برلمانيا".
ورصد الكاتب تعليق وزير الخارجية الألماني، زيجمار جابرييل، بأنه بعد وصول حزب (البديل من أجل ألمانيا) إلى البرلمان "فسيكون لدينا نازيين حقيقيين في البرلمان الألماني للمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".. ولا يذهب معظم المحللين إلى الحدّ الذي ذهب إليه زيجمار، إلا أن ساسة أوروبيين آخرين في اليمين المتطرف ينظرون إلى حزب (البديل من أجل ألمانيا) باعتباره حزبا شقيقا؛ وقد سارعت مارين لوبان، زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية، إلى تهنئة الحزب الألماني على ما أحرزه من نجاح انتخابي.
ونبّه راخمان، إلى أن صعود نجم (البديل من أجل ألمانيا) هو "جزء من انكماش أصاب تكتّل الوسط السياسي؛ وقد سجلت أحزاب الوسط الرئيسية أسوأ نتائج لها منذ عام 1949، بينما لم يتخطّ الحزب اليساري الألماني -في اليسار المتطرف- نسبة الـ9 بالمائة من أصوات الناخبين - معنى ذلك أن واحدًا بين كل خمسة ألمانيين صوتّ لصالح الأحزاب الشعبوية المناهضة للمؤسساتية.
ولفت الكاتب إلى أن "مستوى الدعم الشعبوي المتطلب لتحقيق الفوز في الانتخابات (حوالي 50 بالمائة) على غرار ما حدث في انتخابات ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي - هذا المستوى لا يزال غير متوفر في ألمانيا؛ إلا أن الظهور القوي الذي بدت عليه الأحزاب الشعبوية، لاسيما (البديل من أجل ألمانيا) في الانتخابات الأخيرة يضع نهاية لفكرة أن ألمانية محصنة ضد التطرف".
ونوه راخمان في هذا الصدد إلى ما شهدته الحملة الانتخابية الأخيرة من أعمال تكشف عن غضب شعبي مناهض للمؤسساتية؛ ذلك أن ميركل واجهت في حملتها الانتخابية محاولات ساخرة وصفير طغى أحيانا على صوتها - على نحو لم يكن معتادا في العملية السياسية الألمانية.
وأشار الكاتب إلى أن حزب (البديل من أجل ألمانيا) تزيد راديكاليته بمرور الزمن؛ وكان الحزب قد بدأ مشواره مؤلفًا من مجموعة من المثقفين المحافظين الغاضبين من مشاركة ألمانيا في برامج إنقاذ منطقة اليورو؛ غير أن أزمة اللاجئين عام 2015، والتي شهدت دخول أكثر من مليون طالب لجوء، معظمهم مسلمون، إلى ألمانيا - هذه الأزمة فتحت الباب أمام حزب (البديل من أجل ألمانيا) لكي يعيد تشكيل نفسه ويظهر كـحزب مناهض للهجرة.
وأكدّ راخمان أن وجود حزب قومي يميني في البرلمان الألماني (البوندستاج) كفيل بتغيير نغمة السياسة الألمانية، كما سيضفي تعقيدًا على الطريقة التي تتعاطى بها ألمانيا مع باقي دول أوروبا، واضعًا ضغوطا على الحكومة لكي تنحو منحىً أكثر قومية.. كما أن الآمال المعقودة حول تعميق التضامن الأوروبي للتصدي للمدّ القومي وتحسين آليات الاتحاد الأوروبي- هذه الآمال قد يتم تعليقها الآن بعد نتائج الانتخابات الألمانية.
واختتم الكاتب قائلا إن "فترة رابعة في منصبها لهو بمثابة انتصار شخصي بالنسبة لـميركل، لكنها قد دفعت ثمن سياساتها حول اللاجئين واليورو... إن ألمانيا الآن تبدو أكثر شبهًا بأية دولة غربية (عادية)، وهذا في حدّ ذاته ليس شيئا يستدعي الترحيب".