الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"ناهض حتر".. الكلمة في مواجهة الرصاص

المناضل اليساري ناهض
المناضل اليساري ناهض حتر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دفع المناضل اليساري ناهض حتر، مثل هذا اليوم الخامس والعشرين من سبتمبر عام 2016، ضريبة موافقة السياسية والاجتماعية التي لم يتورع لحظة في الكشف عنها في العلن أو من خلال كتبه.
وجه أحد الأشخاص يدعى "عبد الله رياض"، ينتمي إلى تيار السلفية الجهادية، ثلاث طلقات ضد ناهض حتر في وسط العاصمة الأردنية عمان، حيث كان يواجه حتر تهمًا بالإساءة إلى الذات الإلهية، بعد أن أعاد مشاركة رسوم كاريكاتيرية عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تسخر من تصورات التيارات الدينية المتشددة من الجنة، حيث الخمر، وحور العين، وهو ما اعتبرته هذه التيارات، إساءة للذات الإلهية، وازدراء للدين الإسلامي، وتم استدعاء حتر لمحاكمته، إلا أن "عبدالله رياض" قرر أن يصدر حكمه بالإعدام قبل حكم المحكمة.
ولد حتر في 1960 وتخرج في قسم الاجتماع والفلسفة بالجامعة الأردنية حصل على الماجستير في الفكر السلفي المعاصر. عمل كاتبًا صحفيًا بعدد من الجرائد والصحف الأردنية والعربية كما صدر له عدد من المؤلفات في الفلسفة ونقد الليبرالية الجديدة، لم يتورع حتر في إعلان مواقفه السياسية يوما حيث كان عضو في الحزب الشيوعي الأردني، كما أسس حركة اليسار الاجتماعي الأردني.
كان آخر مؤلفات حتر كتاب "ربيع زائف" والذي قدمه خلال نقدًا للثورات العربية التي اندلعت في 2011 والتي عرفت بالربيع العربي، إلا أن حتر كان له رأي آخر، يرى حتر أن التحدي الأكبر الذي واجه هذه الانتفاضات هو الإسلام السياسى، الذى صعد إلى السلطة عبر صناديق الانتخابات فى بلدان سرعان ما لفظتهم شعوبها بعد ذلك، بينما فشل الإسلاميون فى الوصول إلى السلطة بالوسائل الديمقراطية فى بلدان أخرى فلجأوا إلى العنف، هذه الثورات تناولها حتر بالتحليل.
قدم «حتر» فى آخر أعماله «ربيع زائف» نقدًا لهذه الثورات، والتى سرعان ما تدهورت من ليبرالية شعبوية، حسب وصفه، إلى سيطرة تيار الإسلام السياسى فى دول، أو إلى هيمنة السلفية الإرهابية فى دول أخرى، كما عمد إلى تقديم نقد لليسار العربى، الذى هو فى رأيه الحل الأمثل لتحقيق المطالب التى رفعتها الشعوب فى هذه الثورات.
ويقول «حتر» إن الجماهير التى خرجت فى هذه الثورات كانت لها سمات عامة، فهم عناصر سياسية غير منسجمة اجتماعيًا، من الشباب المسيسين على النمط الغربى، والقوميين، واليساريين المهجوسين بالمبادئ الليبرالية، هذه المجموعات -حسب «حتر»- جاءت من عزلة سياسية وثقافية شاملة، ولم تكن تعرف سوى التأثير المباشر لقوى الإسلام السياسى خلال العقود الثلاثة الماضية، من خلال الأعمال الخيرية التى اتخذتها هذه الجماعات طريقًا ونهجها للتقرب من الجماهير فى محاولة لاستغلال حالات الفقر التى يعانيها البلدان العربية.
ويضيف أنه عندما التحقت الكتل الجماهيرية بالحركة الاحتجاجية الليبرالية، تحولت الحركة إلى انتفاضة ناقصة، تمكن الإسلاميون من دون عوائق من استخدام تلك الكتل الجماهيرية، فى إطار برنامج سياسى يقوم على ترميم النظام القديم فى المجالات كافة.
برجماتية الوسائل
يضيف «حتر» أن نجاح الإخوان بالوسائل الانتخابية هى السبب فى الكشف عن أنيابهم الدكتاتورية، التى تقع فى صلب المقاربة الإخوانية، فإن ما يسمى «التطور الليبرالى» لدى الإخوان لا يعدو كونه ضربًا من البراجماتية فى استخدام الوسائل الانتخابية من أجل ضمان تمكينهم من السلطة، لكن حين تكون الوسائل الانتخابية مغلقة فإنهم سيلجأون إلى السلاح.
ويضيف «حتر» أن انحدار تيار الإسلام السياسى من ذروة الهيمنة على السلطة إلى حضيض سلطة مهزوزة ومعزولة، فى مصر وتونس، كان متوقعا من قبل عدد كبير من المنظرين الماركسيين وأبرزهم سمير أمين، وذلك لفقر هذه الجماعات إلى تقديم إجابة تقدمية عن أسئلة التنمية وبناء الاقتصاد العادل، والديمقراطية الاجتماعية.
حزب الله
يرى البعض أن هناك تناقضًا لدى ناهض «حتر» الذى يرفض للتيارات الإسلامية مثل جماعة الإخوان والسلفيين، فى حين يدافع دفاعا مستميتًا عن حزب الله، ولكنه يقول: «إن هناك اختلافًا يتعلق بالمقاومة. حزب الله هو حركة تحرير وطنى ليس بالسلاح والحرب فقط ولكن بالسياسة والموقف. فهو –حزب الله- عضو أصيل فى محور إقليمى دولى مضاد للإمبريالية والصهيونية، ويضيف أن حزب الله لأنه لبنانى فهو مقيد بسبب التركيبة اللبنانية باستحالة احتكار السلطة.
رفعت الجماهير مطالب «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية» وهى مطالب يسارية، ورغم ذلك لم يستطع اليسار استغلال هذا الأمر، والسبب فى رأيه: «أن اليسار عاجز عن بناء قوة فكرية ومؤسسية وجماهيرية منظمة، تؤهله للمنافسة الانتخابية على الحكم أو انتزاع السلطة أو المشاركة الندية فيها وفق الشروط المحددة فى كل بلد عربى، فلا بد من شن هجوم إيديولوجى على النيوليبرالية، فضلا عن تنظيم الاحتجاجات العمالية.
الاغتيال:-
روى محمد الجغبير، أحد الذين كانوا يرافقون ناهض حتر لحظة الاغيتال، إنه تم إطلاق النار عليه في تمام الساعة التاسعة والربع صباحا عند البوابة الخارجية لقصر العدل والمخصصة لدخول الرجال، وأن إطلاق النار تم من مسافة متر من مسدس بينما كان الجاني يتمتم بصوت منخفض وهو ذو لحية طويلة وشارب خفيف، وتلقى حتر أول رصاصة في صدره ما أدى إلى سقوطه أرضا، قبل أن يتلقى رصاصات عدة منها في مختلف أنحاء جسمه، وحاول الجاني الفرار من خلال كراج المركبات الخاص بالمحكمة، لكن ابن الكاتب حتر ومجموعة من المواطنين بالإضافة إلى رجال الأمن طاردوه وتمكنوا من إلقاء القبض عليه.
ورفضت عائلته تسلم جثمانه لحين صدور حكم بحق القاتل والذي أعدم في ديسمبر 2016 برفقة آخرين ممن ينتمون لتيار السلفية الجهادية.