الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السادات.. وشهر الاعتقال الجماعي ..! "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تغير السادات تمامًا بعد نصر أكتوبر في الأمور الاستراتيجية فقد أطاح بالأستاذ هيكل وبعدها بسنوات قصف قلم جلال بك الحمامصي.. وبعدها بسنوات حرم أستاذ الأساتذة مصطفى بك أمين من الكتابة لأنه وصف أعضاء الحزب الوطني بالمهرولين.. وكانت الصدمة كيف يبني السادات حزب الوطني الديمقراطي وأول قرار يتخذه كان ضد الديمقراطية؟!
تغير تمامًا فلم يكن يتقنع بالآلة الدعائية والميديا المسجلة واتجه للإعلام الخارجي فزادت الفجوة بينه وبين قواعده في الداخل.
تغير تمامًا فلم يكن يقتنع أو يشجع الممارسات تحت القبة حيث كان يأمل أن تكون الممارسة مجلس الشعب استنساخ ظاهريًا للمعارضة والحياة الحزبية حتى يبدوا أنه تثبيت العرب!.
واستسلم السادات للآلة المهيمنة الإعلامية التي أطلقت على الأصناف غريبة فاعتبرته أذكى من أينشتين اليهودي.. وأكثر دهاء من السفاح اليهودي مناحم بيجن ورد عنه أنه، قال: إن الرئيس السادات ضحك عليه أخذ كامل أرض وأعطاني ورقه وأصيب بعد المعاهدة باكتئاب لأنه قصر في حق إسرائيل الأبدي وقيل عنه أنه أصبح أكثر شعبية من رئيس الولايات المتحدة داخل أمريكا.. كل هذه صنعت في الميديا (كامل الأوصاف) وتحول من نجم في السياسة إلى نجم هوليود واستسلم الرئيس السادات لهذا المبدع فلم يعد يحتمل أي نقد أو رأي مخالف أو معارضة حتى لو كانت ظاهرية أو شكلية.. وانعكس هذا على خلق صراع داخل دائرة الحكم فهناك مجموعة اقتحمت دائرة صناعة القرار وبلغ أشده حينما وصل إلى منصب نائب الرئيس حينما كانت هناك محاولات للإطاحة بنائبه حسني مبارك ليحل محله الأستاذ الفاضل منصور حسن ولعب اللواء النبوي إسماعيل دورًا رئيسيًا؛ حيث رسم سيناريو لصديقه البرلماني الأستاذ الكبير عبدالله علي حسن نائب الإسكندرية وكان موضع ثقه الرئيس أنور السادات وطلب إليه أن يروي وقائع تخص منصور حسن أدت إلى الأطاحة به حتى من وزارة الأعلام والثقافة وشئون الرقابة وحل محله المهندس سليمان متولي وكان آخر وزير للإعلام في عهد السادات وأوائل عهد الرئيس حسني مبارك وهو الذي اختار صفوت الشريف من هيئة الاستعلامات ليكون رئيس لاتحاد أمناء الإذاعة والتليفزيون واختاره الدكتور فؤاد محس الدين وزيرًا للإعلام.
ولا نريد أن نخوض في معاملات السادات مع القوات المسلحة ورجال المخابرات العامة ورجال وزارة الخارجية ورجال الحزب الوطني حيث كان آخر قرار أصدره هو نقل الدكتور أسامة النجار من وزارة الخارجية لكي يعمل مديرًا لمكتب نائب الرئيس وأعيد كمال الشاذلي من أمانة تنظيم الحزب إلى مكتب نائب الرئيس.
وليلة 5 سبتمبر أراد السادات أن يخلو الشارع المصري من التنظيم الناصري واليساري بكل فصائله والشيوعي والأخواني والجامعات الإسلامية ورجال الكنيسة ورجال الأحزاب وفي مقدمتهم فؤاد باشا سراج الدين وإبراهيم باشا فرج ومختار رضوان والدكتور حلمي مراد وفصائل المعارضة وطردهم من الوطن ووضعهم في السجون.. كما وضع أيضًا الأستاذ هيكل ومن المعارضة د. محمود القاضي الذي لفقوا له هو الأستاذ أحمد طه تهمة التخابر مع بلغاريا!.
هذه الأحداث هزت مصر كلها.. بل كانت الأثر السياسي لإنهاء حكم السادات.
وإن الأسباب التي أدت إلى اغتيال الرئيس انور السادات يوم 6 أكتوبر 1981 هي نفس الأسباب التي أدت تألق نجومية السادات في المجتمع الدولي!.
وحادث المنصة لم يكن إلا ختامًا لسلسلة من المقدمات السياسية ومعاركها استمرت على مدى سنوات حكمه ولم تشفع له قرار تصفية فريق الحكم الناصري الذي أطلق عليه اسم (مراكز القوى) وهو تعبير هيكلي استعارة من حركة التصحيح التي قام بها الرئيس حافظ الأسد في سوريا، ولم يشفع له التزامه بسيادة القانون وحرق التسجيلات والملفات في فناء وزارة الداخلية باقتراح من أنزه رئيس وزراء عرفته مصر وهو اللواء ممدوح سالم الذي أنتصر للسادات في 15 مايو ولم يشفع له قرار العبور العظيم الذي أعاد للأمة العربية كلها شرفها محققا مجدا خالد على مدى تاريخ مصر والعرب.
ولم يشفع له مبادرة السلام وزيارة إسرائيل حفاظا على دم الجندي المصري، ولم يشفع له هامش الممارسة الديمقراطية التي انتجت تحت القبة من النواب.. أو تصفية للاتحاد الاشتراكي أو إطلاق حرية الصحافة وإلغاء الرقابة والغاء موانع الترشيح لأي منظمات شعبية وحرية الاجتماع وتكوين الإحزاب لأنه في هذه الليلة ألغى لحين التزام وأسقط هذا حكم السادات.
أن تاريخ السادات وكفاحه الوطني قبل توليه الرئاسة أمر لا يحتاج إلى دليل وزهده في المناصب الرسمية وعشقه للعمل البرلماني والسياسي غير الحكومي وارتباطه بالمنظمات الإسلامية ودول عدم الانحياز وصداقة للكتاب وعلى رأسهم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وإحسان عبدالقدوس وموسى صبري وعبدالرحمن الشرقاوي والدكتور مصطفى محمود ويوسف السباعي دليل على استنارته وبعد الرئاسة طرح شعار "العلم والإيمان" كان شعارا مقبولا ومتواضعا وواقعيا ولقى تجاوب في الشارع المصري وعلى المستوى البرلماني ظهرت كوادر برلمانية متميزة في مقدمتهم المفكر والفقيه العظيم الدكتور جمال العطيفي الذي قام بصياغة التشريعات المكملة للدستور ومنهم زكريا لطفي جمعة وعبد مراد ومحمود أبو وافية وعلوي حافظ وعلي سلامة ومحمود القاضي النائب الأسطورة والدكتور السيد علي السيد الذي اختاره وكيلاً للمجلس رغم ماتلقاه من تقارير أنه من الخلايا النائمه الإخوانية .. كل هذا انقلب بعد أن استسلم للأله الدعائية .. انقلب شعار العدل الإجتماعي إلى انفتاح "سداح.. مداح" وتبلور السخط الشعبي وبلغ مداه في انتفاضة 17 و 18 يناير 1977 والتي وصفها بأنها انتفاضة حراميه وجعله لايقترب من الملف الإقتصادي ولجأ إلى المسكنات وفي مقدمتها تلك الخطة التي وضعها الدكتور عبدالرازق عبدالمحيد الذي وصف بأنه ازنهاور مصر.. فقد وضع الإيرادات مضافا إليها القروض على أنها هي الميزانية وإن هناك فائضا في ميزان المدفوعات وفتح ابواب الأستيراد على مصراعيها واستبدل التعامل مع الأجنحة السياسية مثل الناصرية بمفهوم "الكيسنجر" لدرجة أنه قالوا إذا أردت أن تعرف مكان السادات فأبحث عنه في محفظة كسينجر!.
وتغيرت لغة السادات فأصبح لا يتحدث إلى شعبه إلا قليلا وفي المناسبات الحرجه وتصور أن شعبه الحقيقي هو الميديا الخارجية ... عمل داخلياً التعليم والصناعة والخدمات الصحية وركز على معاش السادات وهذا شيء جيد لكن على طريقة "أعطني سمكة ولا تعطني شبكة" بدلا من تعميق تطبيق نموذج "الكنيستي" حتى ولد ظاهريا وهي التجربة التي ابهرت السادات في الأداء الديموقراطي بدأ تصفية خصومه فتم تزوير انتخابات 1979 ولم يلفت من التزوير سوى في أسيوط المستشار مختار نصار لأن أهل البداري حرسوا الصناديق بالسلاح.. وخارجيا لم إهمال العرب والأفارقة بل وأهمل أوروبا ووضع 99% من أوراق اللعبة السياسية في يد امريكا وهو خطأ استراتيجي ودفعت مصر الثمن .
كان السادات يتصور أن العالم العربي لم يستوعب فكرة وهذه حقيقة لكن السادات لم يحاول التعامل بالأفق الواسع لأمتصاص حملة الحنجورين والمزايدين لكنه اكتفى بوصفهم بالجهل وقصر النظر وضيق الأفق وهذه حقيقة لكن غير مقبوله إلا في حالة التلاسن وليس عند الرغبة في التعاون ..... وحتى إذا جاء من أقرب المخلصين له وهي السيدة جيهان السادات متصورًا أنها وقفت إلى جانبه كزوجه وفيه اكثر منها مواطنه تساند الرئيس وهي تراه قد تعدى كافة الخطوط الحمراء ... فقد احتكر الحكمة وحده ووصلت إلى درجة قبوله بفكرة الهامية الزعامة ... وأمام ضغط الحوار قبل أطروحة الدكتور عاطف غيث رئيس نادي اعضاء هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية في أكبر حوار أجراه الرئيس حيث قد له الدكتور عاطف غيث الوصايا العشر في المقدمة ان يتولى الحزب الوطني لكوادره ... وأن يؤسس هيئة مستشاري الرئيس وبالفعل قام بتشكيل الهيئة من الوزراء وبعض الشخصيات العامة وبهذا افرغ الهيئة من مضمونها حتى ولو رأسها إلى سيحدد وعي الذي استقال من رئاستها فور رحيل الرئيس السادات.. لكن كان الوصية الذي يجلس إلى جواره ويحاول قدر الكافة مساندة مواقفة هو المهندس عثمان أحمد عثمان لكن حداثة عهده بالسياسية حعلت مهمة صعبة حيث حول الحزب الوطني إلى جهاز وشركات وكان نجمها توفيق عبدالحميد!.
أن أنور السادات لم يغتال يوم 6 أكتوبر 1981 ولكن الاغتيال الحقيقي له كان يوم 5 سبتمبر وانني نشرته لعرفان الأخ الكريم الأستاذ أحمد بهجت وأمتزج المخرج محمد خان الذي استعان بالخبر الذي نشرته في اخبار اليوم بعنوان "ليلة القبض على هيكل" ونشر تفاصيل هذه العملية التي كانت الإسكندرية مسرحا لها وذلك في فيلم "ايام السادات" وابلغني ابراهيم سعدة يومها أن الرئيس السادات كان سعيداً بهذا الخبر، وقال إن عبدالباري رئيس مؤسسة الأهرام ولابراهيم سعدة هو دا الشغل.. والغريب أن هذ الخبر أغضب أصدق أعزاء من الأهرام لكن الغريب أن الوحيد الذي لم يغضب هو الأستاذ هيكل شخصيا بل أن رسائله إلى تؤكد هذا لكن أكثر ما أحزنني عليه هو أن أنور السادات قال عبارة اعتبرنها سقطة في لقائه مع المحامين بالإسكندرية قبل رحيله بأيام بأني أتأسى بخطى عمر بن الخطاب.. وهي كلمة تعبر عن الحالة التي وصل إليها بأنه وضع نهايته بنفسه!.
أهمل قضية الشباب وإرساء قواعد التنمية وأسس للاقتصاد الربيعي اقتصاد التوكيلات التجارية والاستيراد حتى بورسعيد قرار تحويلها إلى منطقى حرع وبال على بورسعيد وإنشاء جهاز الذي الاشتراكي لي يعمل في كل مجتمع رأس مالي.. وأسرف في استخدام جصة كرئيس في إجراء استفتاءات معرف نتيجة مسبقاً لتصفية خصومه وجعل الصحافة سلطة دستورية رابعة وأصبح تطبيق هذا النص الدستوري ثمنا غاليا دفعته الصحافة القومية وادى إلى تردي أوضاعها وأسس مجلس الشيوخ ليس له أي إختصاص ولكنه كان للإمتصاص وأصبح المجتمع الغني يزداد غنى.. والفقير يزداد فقرًا. 
لقد غدر الجميع بالسادات حتى الأعلام الغربي الذي استسلم له في آخر مؤتمر صحفي عقده، استفزه صحفي أمريكي بسؤال فقدت الرئيس أعصابه حينما قال له هل استئأذنت أمريكا في هذه الإجراءات القمعية التي اتخذتها.. فرد السادات بعصبية بالغة ولم ينتقي الفاظه قائلا.. لو أن معي مسدسًا الآن لأطلقت عليك الرصاص فورا.. وكانت هذه الجملة بداية لأطلاق لغة الرصاص على الساحة وفعلاً قال الرصاص كلمته للسادات وهو يجلس على منصة العرض العسكري يرتدي وشاح القضاء على بدلته العسكرية وممسكًا بيده عصا المارشيليه.