أدى اقتراح الرئيس محمد حسنى مبارك بصدد تعديل الدستور تعديلًا جوهريًا مبناه إتاحة الفرصة -وفق قواعد وضوابط محددة- لمرشحين متعددين لمنصب رئيس الجمهورية بحيث يتم الاختيار بينهم عن طريق الاقتراع السرى المباشر من قبل الشعب بدلا من الاستفتاء إلى فتح الشهية الديمقراطية -إن صح التعبير- للجماهير.
وقد تابعت على عديد من الفضائيات المصرية والعربية مكالمات المشاهدين، والتى لم تخل من طرائف متعددة بعضها يكشف عن جهل عميق بالمبادئ الدستورية المقارنة والآخر يكشف عن سذاجة لا حدود لها نتيجة لنقص التربية السياسية وانعدام الممارسات الديمقراطية.
الإصلاح السياسى ضرورة قصوى كما أكدنا أكثر من مرة وهو المنطلق الذى سيفتح الباب أمام كل وجوه الإصلاح الأخرى ولو قرأنا بدقة وثيقة الإسكندرية التى أصدرها مؤتمر الإصلاح العربى الذى عقدته مكتبة الإسكندرية فى مارس الماضى لاكتشفنا أنها تتحدث عن أربعة جوانب للإصلاح هى السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى.
وفى تقديرنا أن الإصلاح الثقافى لا يقل أهمية عن الإصلاح السياسى وفى تحليل الأزمة الثقافية التى يمر بها المجتمع المصرى فى المرحلة الراهنة ذهب بعض الباحثين العرب الثقات إلى أن أهم مظاهرها سيادة الفكر الدينى المتطرف الذى كان وقودا للإرهاب فى العالم العربى وفى العالم كله، بالإضافة إلى انتشار الأفكار الخرافية التى تستند إلى تأويلات مشوهة للنصوص الدينية.
وحين نذكر الأفكار الدينية المتطرفة ينبغى علينا أن نطلع أولا فى وثائقها الأصلية ولو حدث ذلك فإننا سنصاب بصدمة عنيفة من خطورة هذه الأفكار وتحريضها على القتل لا فرق فى ذلك بين قتل المسلمين أو قتل «الكفار» إذا استخدمنا مصطلحات الجماعات الإسلامية الإرهابية.
قد زارنى اليوم فى مكتب بـ «الأهرام» باحث من طراز فريد هو الأستاذ عبدالرحيم علي، هذا الباحث الدءوب الذى أخذ يعمل فى صمت سنوات طويلة فى تجميع وتحليل الوثائق الأصلية للجماعات الإسلامية وأخرجها فى مجلدات متعددة لتكون فى الواقع موسوعة فريدة فى موضوعها.
وتحت يدى ستة أجزاء من هذه الموسوعة.
الجزء الأول عنوانه: حلف الإرهاب: تنظيم القاعدة من عبدالله عزام إلى أيمن الظواهرى (١٩٧٩-٢٠٠٣) والجزء الثانى من ١٩٧٩-٢٠٠٣ وهو استكمال للجزء الأول وكذلك الجزء الثالث أما الجزء الرابع فقد خصصه للوثائق العسكرية.
وينتهى التوثيق بذلك لكى ينتقل فى الجزء الخامس إلى كتاب مهم عنوانه: الحصاد المر الدولة وجماعات العنف الدينى فى مصر (١٩٧١-٢٠٠٤) والجزء السادس يخصصه لموضوع الإخوان المسلمين أزمة تيار التجديد هذا الجزء العلمى الرائد يعد أهم ما وثق وكتب عن تنظيم القاعدة وباقى الجماعات الإسلامية المتطرفة باللغة العربية.
وفى تقديرنا أن الإصلاح الدينى ينبغى أن يبدأ بالتحليل النقدى لهذه الموسوعة الخطيرة هذا جهد لا يستطيعه إلا أولو العزم.
جريدة القاهرة
العدد ٢٠٥٦ الصحفة الخامسة
يوم الثلاثاء الموافق ٨/٣/٢٠٠٥
