الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"القبح الخرساني" ينتصر على التاريخ.. نهاية حزينة لفيلا "داريل" بالإسكندرية

فيلا امبرون قبل الهدم
فيلا امبرون قبل الهدم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحولت الفيلا التي ألهمت الروائي البريطاني لورانس داريل، لإبداع رباعيته الشهيرة، لكومة ركام، بعد أن أعمل السمسار الجديد بلدوزرًا ضخمًا في جنباتها، مستفيدا من حكم قضائي لصالحه، لتنضم الفيلا لقائمة متكررة من هدم التراث بالمحافظة، وتحويله لغابة إسمنتية. 
الفيلا عاش فيها "داريل" بالطابق العلوي حيث عمل مراسلا حربيا ما بين 1942 وحتى اندلاع العدوان الثلاثي 1956، حينما اضطر لمغادرة البلاد، وفيها وضع أريكته ومزهريته الصفراء وسجادته التركية، ومكتبه الأثير، وبضعة كراسي للجلوس، وسريره الذي وصفه بأعماله.
والفيلا كائنة بـ19 شارع المأمون الهادي بحي محرم بك بالإسكندرية، وتسمى فيلا "إمبرون" نسبة للمهندس المعماري الإيطالي الذي شيدها عام 1920، وامتلكتها عائلته، وبينهم زوجته الفنانة التشكيلية إميليا، وقد ألحق بها برجًا أثريًا جعلها تجمع بين سمات الفيلا والقصر معا، وقد كانت حديقتها مليئة بالأشجار والنباتات النادرة، قبل أن يجري بيعها وإقامة أبراج سكنية أيضا، وقبل أن تتحول لمزرعة مواشي ومقلبًا للقمامة أيضا، على يد جزار مجاور للفيلا، نعم هذا ما يجري لتراثنا، وهو حال رفعته الصحف العربية والأجنبية وحذر النشطاء والأثريون والمواطنون على السواء من سيناريو الهدم فلم يحدث شيء.
كما سكن الفيلا عدد من الفنانين الأجانب والمصريين؛ فمن بعد لورانس داريل، الذي كتب عن الفيلا وشارع النبي دانيال ومحرم بك، وكوم الدكة، وعمود السواري ومحطة مصر ومقابر الشاطبي، بعشق شديد، سكنها الفنانون عفت ناجي وسعد الخادم وجاذبية سري. 
وذكرت صحيفة "الجارديان" أن المالك الحالى للفيلا بنى منزلين داخل حديقة الفيلا، وحصل على تصريح من السلطات لهدمها، بعد أن اشتراها من نجل أمبرون مقابل 5 ملايين دولار، وركزت الصحيفة على رد وزير الآثار، بأن الفيلات والقصور تتبع وزارة الثقافة، وأن تلك الفيلا تنضم لمصير سابقاتها ومنها "أجيون" والتي صممها المعماري أوجست بيريه، وشيكوريل برشدي وعبود باشا بجليم وعشرات الفيلات والسينمات ومنها "ريالتو".
من جانبها، علقت حملة "تراقب الإسكندرية" باستنكار شديد، مذكرة بوقائع هدم فيلا مؤسسي جريدة الأهرام بشارة وسليم تقلا مؤخرا، وطالب محمد توفيق، منسق الحملة، الحكومة بحماية ما بقي من الفيلات التراثية حتى لو خرجت من مجلد التراث بـ"التدليس" عبر التحايل على القانون وثغراته من قبل مافيا العقارات وعصابات القبح الخراساني. 
أما زهرة عوض، الناشطة الأثرية، فأشارت على صفحتها بأن نداءات عديدة كانت تصدر لمنع هدم الفيلا، وأقامت مكتبة الإسكندرية مؤتمرا لإبراز أهميتها، وكانت وفودًا أجنبية تأتي للمحافظة خصيصا لزيارة الفيلا، وقالت إن مالك البيت طالب الحكومة بشرائها كي لا يعرضها للبيع، وأن تتحول بعدها لملكية عامة يمكن جعلها متحفا، وفي النهاية كان صوت "البيزنس" هو الأعلى بالطبع.
محمد أبو سعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضاري، علق على هدم الفيلات التراثية بتصريح لـ"البوابة نيوز" مشيرا إلى عدم تمكنهم من حمايتها بعد صدور أحكام قضائية، ومؤكدا أنه يجري حاليا استصدار قانون من خلال مجلس الشعب لتعديل المادة الثانية من قانون التراث العمراني، بحيث لا تسمح بهدم التراث العمراني المتميز، وإخراجه من مجلد التراث، ومشيرا للعمل حاليا على تدشين صندوق لحماية التراث المعماري تابع للمحليات ويحظى بمتابعة وزارة الثقافة.