الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر و«بريكس»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هناك مؤشرات عديدة على نية جمهورية مصر العربية الانضمام إلى مجموعة بريكس التى تضم اقتصادات ناشئة مهمة، كالصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، ما سيعد تطورًا لافتًا فى العلاقات الاقتصادية الدولية، وسيعود بنتائج إيجابية كبيرة على مجموعة «بريكس» وعلى مصر التى تسعى إلى بناء اقتصادها بعد أحداث ما سمى «بالربيع العربي» والتدهور الاقتصادى الذى تسبب فيه نظام «الإخوان المسلمين».
وكما هو معروف، فإن هذه المجموعة تضم ثانى أكبر اقتصاد عالمي، وهو الاقتصاد الصيني، وأول وثالث أكبر اقتصاديين فى آسيا، وهما الصين والهند، وواحدة من أكبر ثلاث دول منتجة للنفط والغاز فى العالم، أى روسيا الاتحادية، حيث حجزت مجموعة «بريكس» لنفسها موقعًا مرموقًا فى العلاقات الاقتصادية الدولية فى فترة زمنية قصيرة، كما أشار إلى ذلك الرئيس الصينى «شى جين بينغ» فى كلمته الافتتاحية لقمة «بريكس»، والتى عقدت بداية شهر سبتمبر الجارى بمدينة «شيامن» الصينية، والتى حضرها الرئيس المصرى لأول مرة، حيث ذكر الرئيس الصينى أن «بريكس لديها مهام كبرى لتنجزها، وهى نمو اقتصاداتها وتعزيز التعاون فيما بينها، مؤكدًا أن عليها تحرير التجارة وفتح الاقتصاد العالمى وخلق قيمة عالمية جديدة، وإعادة التوازن للاقتصاد العالمى واكتشاف وسائل ابتكار غير مكلفة». وفى إشارة إلى إمكانية انضمام مصر دعا «بينغ» إلى توسيع مجموعة «بريكس» بضم أعضاء جدد إليها.
وسيشكل ذلك بالنسبة لمصر نقلة نوعية، سواء على مستوى أوضاعها الاقتصادية أو على مستوى علاقاتها الدولية، إذ سيساهم ذلك فى انتعاش الصادرات المصرية والتى ستفتح أمامها أسواقا كبرى تضم أكثر من ٤٠٪ من سكان العالم، مما سيترتب عليه توافر إمكانيات لتنمية العديد من القطاعات الاقتصادية، وبالأخص القطاعين الصناعى والزراعي، كما أن ذلك سيساهم مساهمة كبيرة فى تنشيط القطاع السياحى المهم للاقتصاد المصرى والذى ما زال يعانى الأحداث الماضية.
من جانب آخر، فإن انضمام مصر بثقلها العربى والإفريقى لـ«بريكس» سيضيف الكثير للمجموعة التى تسعى إلى إعادة رسم خريطة العلاقات الدولية، بما يتناسب والتغيرات التى حدثت فى العالم فى العقدين الماضيين واللذين شهدا بزوغ الصين والهند، كقوتين اقتصاديتين كبريين على حساب تراجع المكانتين الأمريكية والأوروبية، مما يعنى أن ميزان القوى الذى بنيت عليه أوضاع العالم بعد الحرب العالمية الثانية لا بد وأن يتغير ليناسب الثقل الحالى للقوى الدولية. وفى الوقت نفسه، فإن دول «بريكس» يمكنها الاستفادة من السوق المصرية الكبيرة، ومن الكثير من فرص الاستثمار الواعدة، ومن الموقع الاستراتيجى لقناة السويس، ما سيمنحها المزيد من التأثير والثقل الاستراتيجى على المستوى العالمي.
بالتأكيد ستواجه عملية الانضمام بعض المصاعب، فأوضاع اقتصادات «بريكس» أفضل من أوضاع الاقتصاد المصري، بما فى ذلك نسب النمو والتضخم ومعدلات البطالة، إلا أن الاقتصاد المصرى يسير فى الاتجاه الصحيح، وبالأخص بعد الدعم الخليجى الكبير، ما يعنى أن تلك الصعوبات يمكن تذليلها، كما أن هناك تفاوتًا فى الأنظمة والتشريعات، ما يتوجب على مصر القيام بتعديل هذه الأنظمة والتشريعات لتتناسق مع مثيلاتها فى دول «بريكس»، وبالإضافة إلى الجوانب الاقتصادية والتجارية المهمة التى ستترتب على انضمام مصر لهذه المجموعة، فإن هناك جوانب أمنية لا تقل أهمية، فعملية الانضمام ستضعف المنظمات الإرهابية التى تحاول تخريب المنشآت الاقتصادية وبث الرعب لتدمير القطاع السياحي، فدول «بريكس» تملك تجارب وخبرات تحتاجها مصر فى محاربة الإرهاب والتطرف، إذ ستؤدى عملية الانضمام إلى زيادة التعاون فى هذا المجال، ما سيكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية ستساعد مصر كثيرًا على تجاوز الأزمات التى تسببت بها أحداث السنوات الماضية.
نقلا عن الاتحاد الإماراتى.