الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"جورج أورويل".. كاتب قتلته روايته

جورج أورويل
جورج أورويل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحدث صلاح عبدالصبور بكتاب حياتي في الشعر، عن الواردة التي من الممكن أن تكون أقل من إمكانيات المبدع، فتنتج لغة عظيمة لفكرة ضحلة، أو أن تكون كحالتنا تلك أكبر من إمكانيات المبدع فتغلبه، فلا يستطيع وعيه السيطرة عليها، تمامًا كما حدث مع جورج أورويل أو "إريك آرثر بلير"، الصحفي الإنجليزي من مواليد الهند عام 1903، الذي اشتهر بذكائه وخفة ظله، واشتهر بصورته أمام ميكروفون BBC، والأكثر منه شهرة هي روايتيه "1984"، و"مزرعة الحيوانات" تلك الرواية الترميزية.
عندما قدمت رواية "1984" لأول مرة لكبير الشعراء وكبير ناشري الإبداع في انجلترا "تي إس إليوت" عام 1949، رفض نشرها معللًا ذلك بضعف المعالجة للفكرة التي تبدو براقة وحقيقية، حقيقة.. كانت مخاوف "جوروج أورويل" كبيرة أكبر من إبداعه، وأكبر من قدرته على تحدي المرض الذي أجهده وأودى بحياته فور نشر الرواية.
ثلث قرن أو يزيد هي المسافة الزمنية بين نشر الرواية وبين 1984 التي وضعها "أورويل" عنوانا لروايته، والتي تنبأ فيها أورويل بتغير العالم، وهو ما رصده الدكتور جلال أمين في مقالته التي نشرها في موقع جريدة الدستور الأردنية عام 2014.
ويرى الدكتور جلال أمين، الذي يستعد لإصدار أحدث كتبه عن "أورويل" أنه أراد بالرواية أن يطلق تحذيرا لما يمكن أن يأتى به المستقبل، بل ما كان واثقا من أن المستقبل سيأتى به، ما لم ينتبه الناس إلى حقيقة من الأمر قبل فوات الأوان، لهذا اختار أورويل كعنوان للرواية، الرقم الدال على سنة تبعد بنحو ثلث قرن عن الوقت الذى كان يكتب فيه، لكن هذا الرقم لا قيمة له فى ذاته فأورويل لم يتصد به أكثر من المستقبل.
ويطرح جلال أمين سؤالًا هو لماذا قاومت هذه الرواية أثر مرور الزمن مع هذا النحو؟، فمصدر الخوف الذى كان يسيطر على أورويل حقيقي، واتضح أن له ما يبرره، أكثر فأكثر كلما مر الزمن، وها نحن بعد مرور ما يقرب من 70 عامًا على صدور الرواية لأول مرة، نجد أمثلة فى مختلف بلاد العالم أيا كانت الايديولوجية التى تتبناها، على زيادة تضاؤل الفرد تجاه اصحاب السلطة، نتيجة لزيادة ما بين أصحاب السلطة من وسائل التكنولوجيا الحديثة، وعلى زيادة حجم الاكاذيب التى تقدم للإنسان المعاصر على أنها حقيقة، وتضاؤل قدرته على المقاومة، يوما بعد يوم، ليس فقط قدرته على تحدى أوامر السلطة ومعارضتها، بل على التمييز بين الكذب والصدق فيما يقال له عن طريق وسائل الاعلام.
بطل الرواية يكتب فى مذكراته "إنى أحافظ على التراث الانسانى وأحميه ليس بالضرورة عن طريق إسماع صوتي، بل فقط بنجاحي فى أن أحتفظ بقواي العقلية"، ويكتب مرة أخرى "إذا ضاعت الذاكرة، والسجلات قد تم تزيينها فما الذى يمكن أن يدحض ادعاء الحزب بأنه قد رفع مستوى المعيشة؟"
جدير بالذكر أن كتاب «تجديد جورج أورويل.. أو ماذا حدث للعالم منذ 1950؟» للكاتب الكبير جلال أمين، سيصدر قريبًا عن دار الكرمة للنشر.