الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

المرأة.. كرّمها الإسلام وظلمها المسلمون

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب - مصطفى حمزة وإسلام محمد وليد منصور وآية عز ودعاء إمام ومحمد رجب سلامة
كانت المرأة قبل الإسلام مهضومة الحقوق مسلوبة الإرادة، سلعة تباع وتشترى وتورث، بل لم يكن لها حق فى الحياة من الأصل، حيث كانت تووأد فى مهدها، قبل بعثة النبى صلى الله عليه وسلم، فاسترد لها الإسلام حقوقها وجعلها نصف المجتمع و«شقائق الرجال»، بل والتى يقوم عليها النصف الآخر وفى آخر وصية للنبى قبل موته قال: (استوصوا بالنساء خيرًا).
ولكن لا يخلو تراثنا الإسلامى من نصوص يفهمها البعض على غير معناها الصحيح، بل يفهمها على نحو يتعارض مع الإسلام وعدالته، والسماحة التى حث عليها، وتمثلت فى أروع صورها فى تطبيقات النبى صلى الله عليه وسلم لها، ما يؤكد أن هذه النصوص يصعب الاستقلال بفهمها دون الرجوع إلى العلماء الذين يفهمون لغة العرب التى نزلت بها نصوص الشريعة، ويعلمون سياقات هذه النصوص وأسباب نزولها والناسخ والمنسوخ منها.

الذمة المالية مستقلة
«الميراث والنفقة والمهر» مواردها الشرعية
لم يقف القرآن بالمرأة عند حد تسويتها بالرجل فى المسئولية أمام الله عز وجل، وتسويتها بالرجل فى حق حرية الرأى واحترامه، ومساواتها بالرجل فى جميع الحقوق، بل ساوى بينهما فى حق التملك، ومباشرة عقود التصرفات بجميع أنواعها، وجعل لها ذمةً مالية مستقلة، فالمرأة إذا بلغت وظهرت عليها علامات الرشد وحسن التصرف زالت عنها ولاية وليها أو الوصى عليها، سواء أكان أبًا أم غيره، ويكون لها حق التصرف فى شئونها المالية والشخصية.
وقد أجمع فقهاء الإسلام على أن النصوص الواردة فى التصرفات المالية خاصة بالرجل والمرأة على السواء، وأنها جعلت المرأة صاحبة السلطان فى إدارة مالها والتصرف فيه، وحظر على الرجل أن يمد يده إلى شيء منه إلا بإذنها ورضاها، فأعطى الإسلام المرأة حق التملك والتصرف فى ملكها بما تشاء: من البيع، والشراء، والهبة، والصدقة، والوصية، والإجارة، والإنفاق، والوقف، والرهن، كما أن للمرأة حق التقاضى والدفاع عن نفسها، وعن ملكها، كما أن للمرأة حق إقامة الدعوى، وحق التخلص بمالها فى حالة سوء معاشرة الزوج لها إذا رأت أن فى ذلك سبيلًا لراحتها، وقد كان شأنها فى ذلك شأن الرجال، يتخلصون بأموالهم من كل ما ينزل بهم متى رأوا أن بذل المال سبيل للخلاص منه.
ومن الموارد المالية التى كفلها الإسلام للمرأة، حق النفقة سكنًا وكسوةً ومطعمًا ومشربًا وعلاجًا، وهو الحق الذى كفله الشرع لها فألزم به أبويها وهما ملزمان بأداء هذا الحق من حقوقها حتى تنتقل بالدخول بها إلى بيت زوجها؛ فيكون ملزمًا بأداء هذا الحق لها؛ فإذا فقدت الزوج -لوفاة أو طلاق- كان لهذه الحقوق عودة إلزام إلى الأبوين فى حال افتقارها.
كما كفل لها نصيبًا ماليًا محددًا من «الميراث» حدده الشرع على أى حال كان وضعها: زوجة، أو جدةً، أو أمًا، أو بنتًا، أو أختًا، استنادًا لما ورد فى سورة النساء.
أما المورد الثالث من الموارد المالية للمرأة فهو «المهر»، الذى يعتبر حقًا ماليًا ثابتًا من حقوقها، ليس لوليها أن يغفله أو يتنازل عنه، وليس له نهاية مالية محددة، قال تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نِحلةً} بمعنى آتو النساء مهورهن وجوبًا، فالمهر ملك خالص لها، وهو ما تقدم منه وما تأخر، لقوله: {وإن ءاتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئًا أتأخذونه بهتانًا وإثمًا مبينًا}، وكان عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- قد نهى عن كثرة الإصداق ثم رجع عن ذلك، وقيل إن هذا الحق المالى فى المهر ليس خاصًا بالزوجة إذا كانت مسلمة فقط، فهو حقها مسلمةً كانت أو كتابية، والمهر واجب -أيضًا- للإماء المؤمنات؛ حيث قال تعالى:{وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، والمقصود بأجورهن مهورهن.
وبما للمرأة من ذمة مالية مستقلة؛ فإنها تستطيع أن تضارب بمالها مع أمين يحسن التجارة، ويقوم عنها بالعمل، وقد اشترط بعض الفقهاء إِذْنَ وليها: أبًا، أو زوجًا فى هذا المقام ليس للحكر عليها، بل صونًا لها من القيل والقال، ومالها وربحه حق لها.

«الأعراف.. الجهل.. الجشع» ثالوث حرمها من حقوقها
دراسة: 57% طالبن بميراثهن و60لم يستطعن الحصول عليه
أسباب وعوامل عدة تسببت فى حرمان المرأة من حقوقها التى كفلها الإسلام، وعلى رأس هذه الأسباب؛ الأعراف والعادات والتقاليد المنتشرة فى بعض البلدان، وتمتلئ بها محافظات الصعيد والدلتا على حد سواء، وإن كان انتشارها فى الصعيد أكثر؛ حيث يتربع الجنوب على عرش ظلم المرأة إذ وصل الأمر إلى قتل المرأة لحرمانها من ميراثها، إذ شهدت محافظة سوهاج واقعة قتل أخ لأخته، بعد ضربها على رأسها بـ«البلطة» ثم أخرج جثتها من منزله ملفوفة بالقش، قبل أن ينفضح أمره ويُلقى القبض عليه بسبب الميراث.
وتحرم المرأة الصعيدية من الحصول على حقها الشرعى فى الميراث بفضل الموروث الثقافى الذى يُجرم على المرأة المطالبة، وإن فعلت فقد ارتكبت جرمًا شديدًا، ويبدأ الأهل بمقاطعتها ومحاربتها اعتقادًا منهم بأنها تزوجت من رجل غريب، وإذا ورثت سيعود له ميراث زوجته فكيف يقتسم الغريب أملاك العائلة، وهى مسئولة من رجل عليه الإنفاق عليها دون احتياج لميراثها فيمتنعون عن توريثها، وإذا أكرمها الأهل فيلقى لها بما يسمى «الرضوة» التى تمثل جزءًا ضئيلًا للغاية من ميراثها.
ورغم صدور فتوى عن مؤسسة الأزهر، تقر بأن حرمان البنت من الميراث هو أكل لأموال الناس بالباطل، وهو من كبائر الذنوب التى توعد الله مرتكبيها بشديد العذاب، إلا أن هناك ١٤٤ ألف قضية نزاع على ميراث يتم نظرها أمام القضاء سنويا، فضلا عن ٢٧٥٠ قضية حجر لعدم الأهلية للتصرف فى الممتلكات على أحد الوالدين أو كليهما، يقيمها أبناؤهم أو الأشقاء ضد بعضهم بعضًا، إضافة إلى ٨ آلاف جريمة قتل تقريبًا ترتكب سنويًا بين أفراد الأسرة الواحدة بسبب النزاع على الميراث.
وبحسب دراسة أعدها الدكتور أشرف محمد سيد، الباحث بكلية الحقوق جامعة أسيوط، على عينة عشوائية من النساء، فإن ‏٥٧٪‏ من هذه العينة طالبن بميراثهن فى مقابل ‏٤٣٪‏ لم يطالبن بذلك، وأثبتت الدراسة أن نسبة ٦٠٪ من هؤلاء لم يستطعن الحصول على ميراثهن، فى حين اعتبر ٣٠٪ أن تقاليد العائلة تمنعهن من المطالبة بالميراث، و٥٪ لم يطالبن به حتى لا يخسرن عائلاتهن، بينما حصل أقل من ٥٪ منهن على الميراث غير كامل.
ليس الميراث فقط هو ما يتم انتقاصه من الحقوق التى كفلها الإسلام للمرأة، بل تحرم الكثيرات من النساء من نفقتهن عقب الطلاق، بحيل ينتهجها الزوج، منها: طلب الزوجة ببيت الطاعة ورفع دعوى نشوز؛ مما يترتب عليه حرمانها من نفقتها هى وأبناؤها. أما الصداق «المهر» فمنه المقدم وهو ما يدفعه الزوج عند عقد القران، ومنه المؤخر، دين فى ذمة الزوج، وحق من حقوق المرأة على زوجها، ومرجع استيفائه إلى الشرط حين العقد إذا وُجد، أو إلى العرف السائد بين الناس فى مجتمع الزوجين، المعمول به لديهم بلا نكير؛ إذ المعروف عرفا كالمشروط شرطا.

المرأة لا تساوى نصف رجل أمام القضاء

الرسول أوصى بالأم أكثر من الأب لتكريمها.. وأعلن حبه لزوجته دون خجل

تسبب سوء الفهم لقضية تعدد الزوجات من قبل الكثير من الرجال لظلم عظيم وقع على المرأة بسبب أنهم جعلوا الأمر فى الآية: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ} للوجوب، وظل الرجل يبحث عن زوجة وراء زوجة دون مراعاة لحق الله فيهن، خاصة أن الله اشترط فى الآية نفسها العدل بين الزوجات، وأن الذى لا يحقق هذا العدل فلا يجوز له أن يتزوج بأخرى، حيث قال: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}.

ويقول أهل الجهل إن الله لم يساو بين الرجال والنساء فى الشهادة أمام القاضي، وأن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، أى أنها تساوى أمام القضاء نصف رجل، وهذا ليس صحيحًا؛ لأن الاستشهاد المقصود فى آية سورة البقرة إنما المقصود به ما يكون فى الديون والمعاملات المالية فقط، وذلك لعلة أن الله شدد فى توثيق المعاملات المالية لخطورة ما يتعلق بها، وكما قال الله إن ذلك مخافة أن تنسى إحداهن ما حدث فتذكرها الأخرى، أما الشهادة أمام القاضى فهى لكل من توافرت فيه شروط الشهادة بغض النظر عن جنسه، ذكرًا كان أو أنثى.

ولا ننسى ونحن نتحدث عن ظلم المرأة ما تتعرض له من ضرب شديد موجع يجعلها تكره الرجال جميعًا، بل تكره الزواج نفسه؛ لأن الأزواج الذين يضربون زوجاتهم يعتبرون هذا حقًا لهم منحهم الله إياه بموجب القرآن ولم يمنح هذا الحق للنساء؛ حيث يقول الله تعالى: {وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}، ولم يقل واضربوهم.

ونسى أشباه الرجال أن الضرب المأمور به فى الآية هو ضرب التأديب وليس التعذيب، والمقصود به الإيلام النفسي، وليس البدني؛ لأن الله الذى خلق النفس يعلم أن الإيلام النفسى للمرأة أشد من الإيلام البدني، وهو ما يدفعها للتراجع عن خطئها، وقد بين النبى صلى الله عليه وسلم، أن الضرب يكون بعود الأراك أى السواك الذى يكون فى حجم القلم تقريبًا، وأجاز الفقهاء الضرب بالمنديل الملفوف، ونهى الرسول عن الضرب المبرح قائلًا: (لَا يَجْلِدُ أحدُكم امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجَامِعُهَا فى آخِرِ الْيَوْمِ)، وتقول زوجته أم المؤمنين عائشة، رضى الله عنها: (ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شيئا قَطُّ بيده ولا امْرَأَةً ولا خَادِمًا.(

ومن النصوص التى أساء المسلمون فهمها وتأويلها قول الله تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}، وقالوا إن الآية تدل على التفاضل بين الذكور والإناث، علمًا بأن التفاضل فى دين الله لا يكون على أساس الجنس أو العرق أو اللون، وإنما يكون على أساس التقوى كما مر بنا، فهذه الآية تدل على التمايز وليس التفاضل، فإذا ما قلنا مثلًا: ليس الماء كالهواء؛ فإنه لا يفهم بالضرورة أننا نفاضل بقدر ما يفهم أننا نمايز بينهما.

ومن سوء التقدير والحساب فى فهم طبيعة المرأة عند البعض سوء تأويل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذى يقول فيه: (استوصوا بالنِّساءِ خيرًا؛ فإنَّهنَّ خُلقْنَ مِن ضِلع، وإنَّ أعوجَ شيءٍ فى الضلع أعلاه، فإنْ ذَهبتَ تقيمه كسرتَه، وإن تركتَه لم يزلْ أعوج، فاستوصوا بالنِّساء خيرًا)، وفى رواية أخرى: (إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة؛ فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها.(

وأصحاب سوء التأويل صاروا يرددون عبارة المرأة ضلع أعوج، دون أن يفهموا معناها، بل ربما يكون قصده نعتها بالعيب، والمقصود بتشبيه النبى صلى الله عليه وسلم، هو تنبيه الرجل إلى اختلاف طبيعة جنس المرأة عن جنسه، فكما أن الله تعالى خلق الضلع وهو عظم فيه انحناء واعوجاج مقصود ليقوم بوظيفة معينة؛ حيث يشد من أعلاه المنحنى عظم الصلب ليتكون القفص الصدرى الحامى للقلب والرئتين، فكذلك خلق المرأة بطبيعة فيسيولوجية وسيكولوجية خاصة لتقوم بوظائف معينة من أجل المحافظة على النوع البشرى وإسعاده.

ولم يخجل رسول الله أن يجهر بحبه لزوجته أمام جمع من أصحابه حينما سأله عمرو بن العاص، رضى الله عنه: أى الناس أحب إليك؟ قال: (عائشة)، ولم يخجل أن يعترف بذلك بعكس رجال هذه الأيام الذين يخجلون قول هذا، وكأن الاعتراف بحب المرأة عيب!!

وقد أوصى الرسول بالأم أكثر من الأب، كما روى البخارى أن رجلًا جاء إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك)، قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك)، قال: ثم من؟ قال: (ثم أبوك.)


علماء الأزهر: الإسلام أنصفها واسترد حقوقها

»كريمة»: 14 حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل

أكد عدد من علماء الأزهر الشريف أن ميراث النساء فى الشريعة الإسلامية من الثوابت التى لا تقبل النقاش، بسبب النصوص القرآنية الصريحة والأحاديث النبوية الصحيحة الواردة بشأنها، إضافة إلى إجماع علماء الأمة على مر العصور على المسائل الفقهية التى تتعلق بميراث المرأة، بمختلف حالاته.

ومن المفارقات أن يسيء بعض المسلمين فهم آية {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}، على الرغم من أن الآية دالة على تساوى الرجال والنساء فى الحقوق والواجبات، إلا فى القوامة التى عبرت عنها الآية بكلمة «درجة» وهى توجب على الرجل النفقة والرعاية والإحاطة، كما أمر الله الأزواج بمعاشرة نسائهم بالمعروف قائلًا: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}.

ومن نتائج الفهم الخاطئ للنصوص القرآنية والنبوية التى تحدثت عن المرأة قيام البعض بحرمانها من الميراث بحجة اعتقادهم بأن المرأة لا تحسن التصرف فى مالها، وادعاؤهم أنهم يحافظون على مصلحتها، بالإضافة إلى تقديس العادات والتقاليد القبلية الجاهلية، وتقديمها على الكتاب والسنة، فبعض الناس لديهم عادات قبيحة تجعلهم لا يورثون المرأة ويعتبرون حصولها على ميراثها عيبا يقدح فى رجولة الرجل، وإذا كانت الزوجة من خارج الأسرة أو العائلة فتحرم من ميراث زوجها بحجة أنها ليست من العائلة أو الأسرة.

من جانبه أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن المواريث فى الشريعة من الثوابت التى لا تقبل تغييرا أو تبديلا، لاستنادها على أدلة قطعية مثل آية المواريث فى سورة النساء، والتى أكدت أن{لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ثم أوضحت تفصيلات الميراث فى الحالات المختلفة، مشددًا على أن ميراث المرأة من المسلمات الشرعية التى لا تقبل أى نقاش أو تأويل.

وقال فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»: «للأسف الذين يتحدثون عن أن الإسلام ظلم المرأة لم يفقهوا شيئًا عن المرأة وحقوقها»، مفجرًا مفاجأة من العيار الثقيل؛ حيث قال إن هناك ١٤ حالة فى الإسلام ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، بالإضافة إلى ٤ حالات أخرى ترث فيها مثل الرجل بالتساوي.

وأضاف «كريمة» أن الحالات التى ترث فيها المرأة نصف الرجل تنحصر فى ٤ حالات فقط، هي: الابن من البنت، والأخ الشقيق مع الأخت الشقيقة، والأخ لأب والأخت لأب، وبنت الابن مع ابن الابن، مشيرًا إلى أن الإسلام هو دين العدل الذى أنصف المرأة، وهناك حالة من الاستقرار داخل المجتمع الإسلامى فيما يخص الحقوق المالية لها وعلى رأسها الميراث.

أما عن سلوكيات بعض المسلمين فى ما يخص حرمان نسائهم من الميراث، فقد شدد أستاذ الفقه المقارن، على أن منع بعض العائلات والقبائل من إعطاء الميراث للمرأة نتيجة الأعراف والتقاليد هو ظلم بيّن واقع على المرأة من المسلمين وليس من الإسلام، فلا ينبغى أن نقول إن الإسلام لم يعط المرأة حقوقها، وإنما منع هذه الحقوق نتيجة لظلم الناس لبعضهم البعض، مضيفًا: «يجب على الأزهر والأوقاف نشر التوعية الدينية لمواجهة هذا الظلم».

وقال الدكتور عبدالفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إنه لا يجوز التغيير فى أحكام المواريث الخاصة بالمرأة والرجل، تحت دعوى المساواة بينهما فى حالة نزول السيدة إلى العمل ومشاركتها فى الإنفاق على المنزل مع الرجل، وذلك لأن هناك نصوصًا ثابتة وواضحة فى القرآن الكريم تحرم المساواة بينهما فى الميراث إلا فى حالات معينة لا يجب الاجتهاد فيها.

وأكد «العواري» فى تصريحات لـ«البوابة»، أن هناك نصوصًا فى القرآن الكريم تعطى السيدة حقوقًا أكثر من حقوق الرجل، لافتًا النظر إلى أن بعض الحالات يحرم الرجل من حقوقه بشكل كامل، حتى إن الفتاة فى كثير من الأحيان تأخذ أكثر من أبيها فى الميراث.

وأوضح عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أن الآية الكريمة {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، يتم تطبيقها فى ٤ حالات فقط من أصل ٣٠ حالة توضح أحكام الميراث بين الرجل والمرأة فى الشريعة الإسلامية، مؤكدًا أن الفتاة ترث نصف الذكر فى حالة وجود البنت والابن فقط، وذلك لأن الصلة هنا تكون قريبة للغاية، وأن ترث أخت الأب مثل أخ الأب، وكذلك يمكن للفتاة أن ترث مثل الذكر فى حالة الإخوة من الأب أو الأم، وفى حالة وجود ٤ إخوة ذكور وإناث يُقسم الميراث فى هذه الحالة بالتساوى بينهم دون تفرقة بين الذكر والأنثى.

واتفق مع «كريمة» فى وجود حالات كثيرة فى الشريعة الإسلامية ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، مثل البنتين والأختين الشقيقتين وأخت الأب وبنت الأب، مستنكرًا ما تفعله بعض العائلات التى تحرم الفتاة من ميراثها وتسلبها حقها المالي، بحجة أنها صغيرة أو أنهم أعالوها حتى نضجت وتزوجت، وأفتى بأن هذا الأمر باطل ولا يجوز شرعًا ويعتبر ظلمًا لهذه الفتاة، والدين الإسلامى لا يرضى بالظلم.

ومن جانبه قال شوقى عبداللطيف، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، إن أحكام المواريث بين الرجل والمرأة فى القرآن ثابتة ولا يجوز الاجتهاد فيها، من أجل المساواة بين الرجل والمرأة، مؤكدًا أن المرأة إذا قامت بالنزول إلى الشارع من أجل العمل وشاركت فى الإنفاق على المنزل مع زوجها، لا يجوز لها أن تأخذ أكثر من الزوج فى الميراث، وذلك وفقًا للشريعة الإسلامية.

وأضاف وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، أن القرآن الكريم والشريعة الإسلامية لم تظلم المرأة فى أمر الميراث؛ لأنه فى كثير من الأحيان تأخذ الفتاة أكثر من الذكر، وذلك بحسب حالات كثيرة يوضحها القرآن الكريم.

وأوضح، إذا كان الأب لا يوجد لديه سوى ابنة واحدة فتأخذ نصف ميراث أبيها، وهذا يعنى أنها تأخذ أكثر من العم أو الجد، والسيدة المتزوجة التى أنجبت ذكرًا تأخذ الربع إلى جانب نصيبها الأصلى الذى يبلغ الثلث أو السدس، بالإضافة إلى أن المرأة فى كثير من الأحيان ترث من الأب والزوج فى الوقت نفسه.

وعلل الحكمة فى هذا التقسيم والتوزيع القرآنى للميراث بأن الذكر فى جميع الأحوال يكون هو المسئول الأول والوحيد عن الإنفاق على الفتاة، سواء أكان هذا الذكر أبًا أم أخًا أم زوجًا، بينما لا تكون الأنثى مسئولة عن الإنفاق على الذكور، وهذا من تكريم الإسلام لها.


المرأة فى عقل المتشددين كائن جنسى يتسبب فى رفع معدلات البطالة

»الحوينى» وصف النساء بـ«الجاهلات» وحرّم خروجهن لطلب العلم

المرأة فى عقل المتشددين السلفيين يظهرها كمخلوق ضعيف وناقص، وتعتمد عقليتهم على اعتبار المجال العام خاصاً بالرجل وحده، ولا يعترف بدور للمرأة سوى التفكير بالجسد وخدمة أغراض الزوج داخل المنزل فقط، ولا يتجاوز الخطاب الدعوى السلفى فى مخاطبة النساء مفهومى الحجاب وطاعة الزوج.

ومن المعروف عن هذا الخطاب أنه يعتمد على الانتقائية فى التعامل مع النصوص الدينية والأمثلة التاريخية الإسلامية، بتجاهل خطابهم الآيات والأحاديث التى تتوجه إلى المؤمنين والمؤمنات على قدم المساواة، مع أن من آخر وصايا نبى الإسلام محمد: (أوصيكم بالنساء خيرًا)، والصحابى سيدنا أبو هريرة، استدل بحديث (أول زمرة تدخل الجنة..)، والذى فيه أن كل رجل يدخل الجنة تدخل معه امرأتان، باعتباره دليلا على أن النساء أكثر أهل الجنة، بما يثبت عكس ما يتردد.

ويردد السلفيون عبارة شهيرة هى «النساء ناقصات عقل ودين» على سبيل الاستهزاء بهن، استنادًا لما رواه البخارى من وصف النبى صلى الله عليه وسلم للنساء بأنهن ناقصات عقل ودين، متجاهلين أن النبى أوضح المراد بذلك فى الحديث ذاته حينما سألته امرأة: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالى ما تصلى وتفطر فى رمضان فهذا نقصان الدين".

وليس من العيب أن ينقص دين المرأة كمًا لا كيفًا فى صلاتها وهى حائض أو نفساء، وليس من العيب أيضا أن ينقص عقلها كيفًا لا كمًا وهى فى أحوال سيكولوجية خاصة؛ لأنها أرق عاطفة من الرجل نظرًا لطبيعتها الأنثوية.

ومن الأمثال الخاطئة والشائعة بين الناس وتظلم المرأة كثيرًا، المثل العامى الذى يقول: (شورة المرأة ترجع البيت ورا)، وهو ما يخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حيث أخذ برأى أم سلمة فى صلح الحديبية، وقد صار هذا دليلًا لجواز استشارة المرأة، وكذلك أخذ نبى الله شعيب برأى ابنته حين قالت: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين}، وفى الصحيحين من حديث أم عطية، عندما غسلت زينب بنت النبى محمد، قال لها رسول الله عليه الصلاة والسلام: (اغسلنها خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)، فرد الرأى إليهن فى ذلك، وأما حديث: (شاوروهن وخالفوهن) الذى يتبناه السلفيون، فهو حديث لا يصح؛ حيث ضعفه السخاوى فى المقاصد الحسنة، والشوكانى فى الفوائد، وحكم عليه بعض العلماء بالوضع.

كما نجد الرفض فى كتابات السلفيين لكل ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين أو الدفاع عن حرية المرأة، وفى السفر والعمل خارج البيت، ويعتبرون كل دعوة هدامة تدمر المجتمع الإسلامى عن طريق تدمير أخلاقه، وأنها وسيلة استخدمها الغرب لتحقيق هذا الهدف، ويستندون فى ذلك إلى الآية القرآنية: {وقرن فى بيوتكن.

وتقتصر تعريفاتهم للنساء على اعتبارهن مجرد كائنات جنسية، وقد وصف الشيخ أبو إسحاق الحوينى المرأة بـ«الجاهلة»، بقوله ذات مرة: «ماذا عند المرأة من العلم فالعلم للرجال، أى امرأة مهما صعدت هى مقلدة وعامية، فلا توجد امرأة تستطيع أن تعرف الحديث صحيح أم ضعيف، فمعروف أن الجهل أفسد النساء»، وامتدت فتاويه عن المرأة إلى حد تحريم خروجها من منزلها، ولا يجوز لها العمل لأنها تأخذ وظيفة رجل، ومن ثم فهى فى نظره السبب الرئيسى فى ارتفاع معدلات البطالة، كما أنه لا يرحب بتعليمها العلوم الشرعية والدينية.

وبعد فوز الإسلاميين بالحكم عام (٢٠١٢ – ٢٠١٣)، ظهر أنّ الإسلام السياسى حاول بداية إسكات صوت المرأة، من خلال سلب حقوقها كحق الخُلع. وترافق ذلك مع حملة اتّهامات للقانون، من قبيل أنّ الخلع استيراد غربي، ومنع سفر المرأة لحضور مؤتمرات خارج مصر من دون محرم، ودفع إلى إنشاء مجلس قومى خاص بالرجال، واتهم المرأة بأنّها مسئولة عن زيادة نسبة الطلاق والعنوسة فى المجتمع، وعاد الجدل حول المرأة إلى أيام محمد عبده وقاسم أمين. إلى درجة أنّ أحد ممثّلى الكتلة السلفيّة فى البرلمان المصرى اقترح حلّ البطالة بإعادة العاملات فى القطاعين العام والخاصّ إلى منازلهن؛ حيث سيقمن بدورهنّ التاريخى فى الإنجاب والرضاعة والتربية.

وفيما يخص العمل العام والسياسي، جاء تقرير أعدّته الأممُ المتّحدة يقول: «المنطقة العربيّة كانت الوحيدة فى العالم التى لم يحقّق فيها أيُّ برلمان حدّا أدنى من ٣٠ ٪ للمرأة»، وتبين غياب المرأة عن مواقع اتّخاذ القرار، بذريعة حديث نبويٍّ يقول: (لن يفلحَ قومٌ ولّوا أمرَهم امرأةً)، ومن ضمن ما قيل بخصوص هذه المسألة، «أن ربيع الثورات العربيّة يعد شتاءً للنساء العربيّات»، بسبب فتاوى الذين تبوأوا المناصب وشكلوا أغلبية برلمانية فى فترة ما بعد ثورة يناير، وهو البرلمان، الذى لم تتعد نسبة تمثيل المرأة فيه ٢٪ من المقاعد. باستثناء فتوى سلفية وحيدة منسوبة للشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، حول جواز ترشح المرأة فى الانتخابات البرلمانية، وقت قرار حزب النور (السلفي)، الذراع السياسية للدعوة السلفية، بالدفع بأكثر من خمس عشرة سيدة على قوائمهم فى الانتخابات التشريعية، وأثارت الجدل وقتها حول تغير مكانة المرأة فى أجندة السلفيين خاصة.


 4حالات لميراث المرأة

الحالة الأولى

ترث المرأة نصف الرجل، ولذلك أربع حالات، هى الآتية:

١ .إذا ورثت المتوفى ابنته مع ابنه.

٢ .أو بنت ابنه مع ابن ابنه.

٣ .أو أخته الشقيقة مع أخيه الشقيق.

٤ .أو أخته لأب مع أخيه لأب.

الحالة الثانية

أن يكون نصيب المرأة مساويًا لنصيب الرجل، ولها ثلاث حالات:

رقم (١): إذا توفى شخص وترك بنتًا وأبًا، فإن نصيب البنت هو نصف الميراث، بينما نصيب الأب هو: سدس الميراث مع باقى الميراث، وهو فى هذه الحالة السدسان (أي: ما مجموعه النصف الآخر من التركة)، ففى هذه الحالة تأخذ بنت المتوفى مثل نصيب والد المتوفى.

رقم (٢): إذا توفى شخص وترك بنتًا وابن ابن؛ فإن نصيب البنت هو نصف الميراث، وابن الابن هنا عصبة، والعصبة يأخذ ما بقى من التركة إن بقى منها شيء، وباقى التركة فى هذه الحالة هو النصف، وهكذا ترى هنا أن بنت المتوفى قد أخذت مثل نصيب ابن ابن المتوفى.

رقم (٣): إذا توفى شخص وترك بنتًا وأخًا واحدًا؛ فإن نصيب البنت هو نصف الميراث، والأخ هنا عصبة، فسيأخذ باقى الميراث، والباقى فى هذه الحالة هو النصف، وهكذا ترى هنا أن بنت المتوفى قد أخذت مثل نصيب أخ المتوفى.

الحالة الثالثة

أن يكون نصيب المرأة أكثر من نصيب الرجل، ولها حالات منها ما يلي:

رقم (١): إذا توفى شخص وترك بنتًا وأمًا وأبًا، فهذه الحالة مثل الحالة رقم (١) لكن مع زيادة الأم، وستأخذ الأم سدس الميراث، لكن هذا السدس لن يخفض من نصيب البنت شيئًا، بل سيخفض من نصيب الأب، وعليه فسيكون نصيب بنت المتوفى نصف الميراث، ونصيب الأم سدس الميراث، ونصيب الأب هو: سدس الميراث مع باقى الميراث وهو فى هذه الحالة السدس فقط (أي: ما مجموعه ثلث التركة)، وهكذا ترى فى هذه الحالة أن بنت المتوفى قد أخذت أكثر من نصيب جدها.

رقم (٢): إذا توفى شخص وترك بنتًا وعشرة إخوة؛ فإن نصيب البنت هو نصف الميراث، والإخوة العشرة هنا عصبة، فسيأخذون الباقي، أى أن العشرة سيشتركون فى نصف الميراث، وهذا يعنى أن بنت المتوفى وحدها ستأخذ نصف التركة، وكل واحد من الإخوة سيأخذ (١/٢٠) من التركة، فلو فرضنا أن المتوفى ترك مائة دونم، فستأخذ البنت وحدها خمسين دونمًا، وسيأخذ كل واحد من الإخوة دونمين ونصف الدونم.

رقم (٣): إذا توفى شخص وترك بنتين وثلاثة أعمام؛ فإن نصيب البنتين معًا هو الثلثان من الميراث، والأعمام الثلاثة هنا عصبة، فسيأخذون الباقي، أى أن الأعمام الثلاثة سيشتركون فى باقى الميراث، وهو الثلث، وهذا يعنى أن بنتى المتوفى وحدهما ستأخذان ثلثى التركة، وكل واحد من الأعمام سيأخذ (١/٩) من التركة، فلو فرضنا أن المتوفى ترك تسعين دونمًا، فستأخذ كل بنت ثلاثين دونمًا، وسيأخذ كل واحد من الأعمام عشرة دونمات

الحالة الرابعة

ترث المرأة ولا يرث الرجل

إذا توفى شخص وترك بنتًا وأختًا شقيقة وأخًا لأب، فإن البنت ستأخذ نصف الميراث، والأخت الشقيقة هنا عصبة مع البنت، فستأخذ الباقي، وكل من البنت والأخت الشقيقة معا سيحجبان الأخ لأب ولن يرث شيئًا، بينما لو لم توجد الأخت الشقيقة، فسيكون الأخ لأب عصبة وسيأخذ هو الباقي، وهذا يعنى أن الأخت الشقيقة مع البنت حجبا الأخ لأب.