الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ووجه سيادته بالسيطرة على الأسعار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في اقتصاديات السوق الحرة لا تملك الحكومات السيطرة على الأسواق، لا بفرض تسعيرة جبرية، ولا بمنع التجار من إقرار زيادات على السلع، الحكومة في السوق الحرة تراقب، وتعمل على زيادة المعروض، وتعطي صلاحيات لدور أكبر للأجهزة الرقابية التي تكافح الغش التجاري، وتمنع وجود ممارسات احتكارية تضر بالمستهلك.
إن كثيرًا من العبارات فقدت معناها ومغزاها، ومنها ما يذكر بشكل متكرر في البيانات الصادرة عن الحكومة بشأن ارتفاع الأسعار، والإشارة في كل بيان خاص بموضوع الأسعار بتوجيه رئيس الوزراء بالسيطرة على الأسعار، فالأصل أن الحكومة لا تتدخل في التسعير، فالتسعيرة الجبرية انتهت ولا عودة لها، فهي تخلق سوقا سوداء، ويكون ضرر فرضها أكثر من فوائده.
وما زالت ارتفاعات أسعار السلع هي الشاغل الرئيسي لمعظم المصريين، الفقراء ومتوسطى الدخل منهم، وتؤكد الأرقام الرسمية ذلك، فالتضخم السنوي، وفقًا للأرقام الصادرة عن وزارة التخطيط، بلغ خلال العام المالي السابق ٣٣.٢٪، وهي نسبة غير مسبوقة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وأصبحت قضية تحتاج إلى مجهودات كبيرة على المدى الطويل من خلال التوسع في الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد من الخارج، وإجراءات قصيرة المدى بوفرة المعروض وتقليل حلقات تداول السلعة، وضبط السوق بوجود آليات حقيقية تحمي المستهلك.
إن التشديد على ضرورة خفض الأسعار لن يمنع تاجرًا من المغالاة في سعر سلعة، ولن تمنع هذه التوجيهات ضعاف النفوس من استغلال قرارات الحكومة وبرنامجها الإصلاحي الذي انعكس على زيادة الأسعار بشكل أكبر بكثير من الزيادة الفعلية، كما أن المحافظين أو الوزراء لا يمتلكون أدوات تنفيذ هذه التوجيهات.
فالحكومة بعد رفع أسعار المنتجات البترولية حددت أسعار النقل سواء الداخلي أو بين المحافظات، ولكن التنفيذ الفعلي أخذ شكلا مختلفا من عدم الالتزام بهذه الأسعار، أو لجوء سائقي الأجرة إلى تقسيم الرحلة الواحدة لعدة محطات، وتحصيل أجرة الرحلة الواحدة أكثر من مرة، والمواطن يكون دائما الحلقة الأضعف، وهو من يتحمل تبعات زيادة الأسعار، ويدفعون فواتير جشع التجار.
الحكومة تحاول طرح سلع مخفضة من خلال منافذها المتمثّلة في المجمعات الاستهلاكية والمنافذ التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، ولكنها جهود غير كافية بمفردها، فالحكومة لا بد لها من تفعيل دور الأجهزة الرقابية، وأن تتوسع في الاستثمار في النقل المبرد لتقليل الفاقد في الخضار والفاكهة التي يتعرض ٣٠٪ منها للتلف لسوء عمليات النقل، وأن تعمل على تحقيق نمو أكبر في القطاع الزراعي والتصنيع الزراعي، وأن يتوزع ذلك بشكل عادل على المحافظات.
إن الأسواق لن تنضبط بالتوجيهات ولكنها تنضبط بالإنتاج والاستثمار، وأن يكون دور الحكومة تنظيم السوق ومنع التلاعب بالمستهلك وحمايته من أي تجاوز، وهو ما يحتاج إلى جهود كبيرة خلال الفترة المقبلة.