الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

بعد محاولة سرقة قصر محمد علي.. أثريون: تبرعوا لشراء كاميرات مراقبة

قصر محمد علي بشبرا
قصر محمد علي بشبرا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من الحين للحين تطل علينا وزارة الآثار ببيان يفيد بواقعة سرقة أو إحباطها كان آخرها ما حدث لقصر محمد علي باشا بشبرا الخيمة واكتشاف أثار محاولات لاقتحامه؛ ما يدفعنا لإعادة فتح ملف السرقات مرة أخرى، والتحقيق في إن كان هناك تقصير في نظام تأمين المتاحف أم أن الأمور على ما يرام وهذه الأحداث لها روايات أخرى تبعد عن فكرة التأمين من الأساس؛ "البوابة" تلتقي بعدد من خبراء الآثار لتتباحث معهم المشكلة..

بسام الشماع: من يدير مافيا الآثار بمصر؟!
في البداية؛ يقول المرشد السياحي والأثري البارز بسام الشماع: إننا بحاجة لفتح ملفات سرقة وتهريب الآثار بمكتب النائب العام، والتي تقيد ضد مجهولين دائما، وعلينا أن نتساءل من يتحكم بمافيا سرقة وتهريب الآثار، لا أن نكتفي بالمتورطين الصغار، وتساءل: ألم يكن من الأولى أن نركب كاميرات للمتاحف والمواقع الأثرية من الاعتماد الذي تخطى مليار جنيه للآثار المصرية والذي تم توزيعه على 8 مناطق بينها القاهرة التاريخية، لكن 100 مليون جنيه بأكملها راحت لتطوير المعبد اليهودي بالإسكندرية برغم أن مصر كلها بها 6 يهوديات، فهل تضررن لهذا الحد من سقوط "شخشيخة" المعبد!
وقال "الشماع" أنه زار برمضان الماضي مسجد أحمد بن طولون، الأكبر مساحة في مصر، والآية المعمارية، فوجد أن أعمالا منافية للآداب حدثت بداخله، وعبارات مسيئة كُتبت على جداره، واكتشف أن المسجد القائم على مساحة تزيد عن 6 أفدنة لا يحرسه سوى ضابط أمن واحد!، وأنه أيضا يعاني من غياب الكاميرات، ومطلوب من هذا الحارس أن يكون "سوبرمان" كي يصل لكل شبر فيه، ومن هنا أطلق حملة لتثبيت كاميرات فيه وتبرعت إحدى السيدات المصريات الوطنيات بمبلغ مالي بالفعل، وتبرع مهندس بتثبيت الكاميرات ببراعة.
وتساءل الشماع: هل من المنطقي أن يتعطل تركيب الكاميرات بالمتحف القبطي، فيصبح الأمر سداحا ومتروكا لعامل أمن يحصل على قطع نفيسة ويضعها بكيس، ولولا الشك بهذا الكيس لما اكتشفنا السرقة من الأساس؛ والغريب أنه في واقعة كقصر محمد علي، نجد أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض للسرقة، فقد سبق عام 2009، أن اقتحمه لصوص وتم ضبطهم بعد أيام، وضبط ما بحوزتهم من لوحات نفيسة مسروقة، والسؤال: هل الملايين التي أنفقت على القصر لتطويره عجزت عن شراء كاميرات، سعر الواحدة لا يتجاوز 800 جنيه، ويمكن أن نحصل على كاميرا بأقل من هذا السعر بالطبع؛ ومن الأمثلة التي يوردها الشماع، سرقة المتحف المصري بميدان التحرير عشية جمعة الغضب بثورة يناير 2011، وكيف أنه طالب عبر حملة دشنها بتسجيل مقتنيات المتحف بالكامل بكتيبة من المتطوعين المصريين، وخاطب وزارة الآثار رسميا، وأراد أن تصبح حملة قومية على مستوى البلاد، لتسجيل كل الآثار إليكترونيا ومنحها أرقاما دولية كي لا تتسنى سرقتها بسهولة. ولكننا نرى دول العالم تضع بصمة للأثر فلا يمكن بيعه ولا تهريبه، بينما في مصر يعجزون عن شراء مجرد كاميرا.
ويورد الخبير الأثري واقعة سرقة لوحة "زهرة الخشخاش" لفان جوخ من متحف محمود خليل، والتي تقدر بالملايين، والغريب أنها لوحة وحيدة موضوعة بغرفة بأكملها، لكن يجيئك من المسئولين من يقول بأن أسلاك الكاميرا تعطلت! وهكذا لا نعرف مصيرها حتى اليوم، تماما كما لا نعرف مصير آلاف القطع المسروقة والمحررة محاضر بمواصفاتها لدى النائب العام، ونراها بعد مضي شهور أو سنوات بمزادات العالم للبيع.
كما يورد واقعة سرقة منبر قانيباي الرماح التي جرت عام 2010، لآية فن معماري إسلامي، وسرقة منبر بأكمله توحي بسهولة السرقة ببلادنا وتقييدها ضد مجهولين بأحيان كثيرة، ومع الأسف؛ ولهذا دعا "الشماع" لحملة شراء كاميرات لمتاحف ومزارات ومتاحف مصر، نحو 500 كاميرا يمكن البدء بها، ويتبرع لها رجال أعمال أو أصحاب شركات الكاميرات والوطنيون الغيورون على تراث بلدهم.
وهو يؤكد لـ"البوابة" أن إهدار المال العام يجري بكل قطاعات الآثار، ورغم أن تراجع عائدات السياحة بعد الثورة قد أثر على موازنة الآثار، باعتبارها وزارة تعتمد التمويل الذاتي، لكن المسئولين نراهم ينفقون الآلاف والملايين فيما لا جدوى من ورائه. كما دعا لعدم التستر على أي مسئول متورط بالإهمال أو التستر أو التورط بتهريب الآثار، مشيرا للوحة مرنبتاح التي حملت اسم "إسرائيل" ولم يساءل أحد، ومؤكدا أن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم.

عبدالرحيم ريحان: الأزمة في المشرفين
وعن الحلول العلمية لوقف سرقات الآثار، قال عبدالرحيم ريحان، مدير الدراسات بوزارة الآثار، إن قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 83 وتعديلاته 2010 يحوي ثغرات كثيرة تجعل العقوبة غير رادعة للمتورطين بسرقة وتهريب الآثار؛ مؤكدا على أهمية استحداث بصمة يجري العمل بها دوليا لتسجيل كل أثر يتم اكتشافه وإيداعه بالمخازن والمتاحف. 
وأشار "ريحان" لخطورة ترك أعمال الحفر الخلسة التي تجري بالعديد من المواقع بالجيزة والأقصر وصعيد مصر، والتي يحدث من خلالها استخراج الآثار وتهريبها وبيعها أو طمسها والاستفادة من المادة الخام، في إهدار ونزيف لم يتم مواجهته بشكل منضبط حتى الآن. وطالب أيضا بوضع بوابات إليكترونية حديثة للمناطق الأثرية المختلفة.
وشدد على ضرورة تشديد الحراسة على المخازن الأثرية وتعزيز المراقبين ومشرفي الأمن ومنحهم التسليح الكافي للدفاع عن الآثار، وخاصة في المناطق الحدودية كسيناء وجنوبي البلاد، وقد تم بالسنوات الأخيرة اكتشاف متحف أثري متكامل يضم آثارا مصرية رومانية ويونانية وإسلامية، كان يجري تهريبه عبر ميناء نويبع لولا يقظة الشرطة المصرية.