الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

وهم العلاج بـ"سيراجيم".. "ملف"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
1200 مركز صحى لعلاج الأمراض المزمنة بجهاز «السرائر الحرارية» والمتضررون: حالتنا ساءت بسببه
«عبدالحميد»: أصبت بمضاعفات.. ولم أعد أسير إلا باستخدام حزام الظهر
«النجار»: نصبوا علىّ فى 37 ألف جنيه.. و«مجدى»: الطبيب أكد لى أن العلاج «فنكوش»
مدير مركز: يعالج ٣٠ مرضًا.. والسعر ٤٩ ألف جنيه.. والدفع كاش
خبراء: دخل البلاد بالتحايل على القانون.. و«الصحة» لا تعترف به
40 إلى ٥٠ مركز سيراجيم أحصتها نقابة العلاج الطبيعي تعمل في مصر
49 ألف جنيه سعر الجهاز في مصر ويشمل الصيانة وقطع الغيار
2004 حصلت الشركة على ترخيص يسمح لها بالترويج لجهازها وبيعه داخل أمريكا
3000 فرع في ٧٦ دولة حول العالم تديرها شركة «سيراجيم»
12 مركزًا تابعًا للشركة أُغلقت في محافظة المنوفية

«يارب اشفينا.. آمين»، هكذا انطلقت أصوات عشرات الرجال والنساء، الذين كانوا داخل أحد مراكز العلاج بجهاز الـ «سيراجيم»، والتى تدعى أنها مراكز علاجية تداوى المرضى من خلال «سرائر حرارية» تقوم بعمل تدليك للمناطق المختلفة فى الجسم بزعم شفاء الكثير من الأمراض المستعصية.
واخترقت «البوابة» مراكز الـ«سيراجيم»، والتى يصل عددها إلى حوالى 1200 مركز علاجى على مستوى الجمهورية، وتدعى علاجها للكثير من الأمراض من خلال أجهزة يتم استيرادها من كوريا الجنوبية.
وخلال رحلتنا إلى مقر «سيراجيم» فى إحدى المناطق المغمورة فى الجيزة، بدا المكان أنه بدائى وغير مجهز بشكل جيد، اللهم إلا من بعض البانرات والكثير من الكراسى التى تتجمع فى منطقة واحدة تتوسطها شاشة تلفاز، ومكتب وأحد العاملين فى هذا المركز الذى يستمر فى الحديث عن مزايا الجهاز وفوائده.
وأخبرنا الموظف المختص الذى قابلناه من البداية أنه يوجد إمكانية لتجربة الجهاز الآن وهو شرط أساسى قبل الشراء، قائلا إن الجلسات من هذا النوع تكون مجانية.

يعالج أكثر من ٣٠ مرضًا
قابلنا أحد الأشخاص بالمركز، ويدعى «باسم. ع»، وهو أحد المتعاقدين على بيع الجهاز فى محافظة المنوفية، وأكد لنا أن الجهاز يتم استيراده فى الأساس من كوريا الجنوبية؛ حيث توجد العديد من الفروع على مستوى الجمهورية التى تبيع الجهاز بالسعر نفسه المحدد له.
وحينما أدرك «باسم» وجود نية لشراء الجهاز بدأ محاولاته فى إقناع محرر «البوابة» بجدوى الجهاز، وأنه يستطيع علاج الكثير من الأمراض المزمنة، مؤكدًا أن سرير «سيراجيم» له العديد من الأنظمة العلاجية المختلفة، مشيرا إلى أن سعر الجهاز موحد على مستوى جميع مراكز بيع الجهاز، وهو ٤٩ ألف جنيه، ويشمل هذا الصيانة وقطع الغيار.
وأكد باسم أن الجهاز تعتمد فكرته على الاستلقاء على الجهاز لفترة زمنية معينة لا تتجاوز ساعة زمن؛ حيث يقوم الجهاز فى تلك الفترة بتدليك المناطق المختلفة فى الجسم وفق كل نظام يتم ضبطه عليه؛ فمرض الغضروف له نظام صحى معين يعمل من خلاله الجهاز، زاعمًا أنه حينما يتم إجراء عمليات جراحية فإنها لا تعمل على حل المشكلة، بينما استخدام الجهاز يعمل على تدليك الظهر بما ينشط الغضروف مرة أخرى؛ حيث لا بد من النوم عليه لكى يقوم بتعديل الفقرات وإزالة الضغط من على العصب.
وأكد أن الجهاز يمكن ضبطه على العديد من الأنظمة المختلفة، وأن كل نظام له دور معين وتأثير محدد على عضلات الجسم، فيوجد النظام الشامل وهو يعمل على العلاج بالإضافة إلى التدليك، ويوجد نظام لعلاج الغضروف، ويوجد نظام للبواسير، كما أن هناك نظاما مخصصا للتخسيس، وادعى «باسم» أن الجهاز يعالج مرض السكر كذلك، وقال إن الجهاز ممكن أن يعالج أكثر من ٣٠ مرضًا- على حد قوله.
ولفت إلى أن الجهاز يقوم بالتدليك بواسطة أحد الأحجار الكريمة المشعة، وهو حجر يسمى حجر «الجاد»، وله عشرات الفوائد، من بينها أنه يعزز وظائف الجهاز المناعى لدى الجسم، ويعالج أمراض المعدة، ومفيد لأمراض القولون، ويوقف النزف الدموي، ويقوى القدرة على الإنجاب، كما يشارك فى محاربة العقم وغيرها من المزايا، قائلا: «يمكنك أن تبحث فى محرك بحث جوجل عن كم فوائد ومزايا هذا الحجر».

المرضى يشكون مضاعفات الجهاز
ثم انتقلنا إلى سؤال المرضى الذين توافدوا على المركز للعلاج باستخدام جهاز «سيراجيم»، وكانت البداية مع محمد عبدالحميد، موظف توزيع بمعرض ثلاجات، ويعمل فى عمل شاق ويحتاج عمله إلى مجهود بدنى لحمل الثلاجات بيديه وعلى ظهره، وبمرور الوقت تعرض لإصابة فى الغضروف بسبب كثرة الأحمال والضغوط على عموده الفقري.
وقال «محمد»: «استمررت فى العلاج الطبيعى لدى الطبيب المعالج، على أمل الشفاء سريعًا، والعودة لممارسة الحياة الطبيعية، وكان من المفترض أن حالتى تحتاج إلى إجراء عملية جراحية فى الظهر لإصلاح الخلل وإتمام الشفاء».
ويضيف «محمد»: «قبل إجراء العملية سمعت عن مركز للعلاج من أحد أصدقائى الذى أثنى على المركز وعلى القائمين عليه، وهو ما جعلنى أذهب للعلاج مباشرة، وهنا كانت بداية المشكلة وليست نهايتها كما اعتقدت؛ حيث إن القائمين على المركز العلاجى أكدوا له أن العلاج لا يتطلب إجراء أى عمليات جراحية إلا العلاج باستخدام جهازهم، وهو عبارة عن سرير حرارى يعمل على تدليك فقرات الظهر ويسهم فى العلاج».
وتابع «محمد»، بعد استمرارى فى استخدام الجهاز فى العديد من الجلسات التى وصلت إلى ٢٢ جلسة، شعرت بآلام أكثر قوة تجتاح منطقة الظهر، لافتًا إلى أنه طوال فترة الجلسات التى أخذها حاول القائمون الترويج لشرائه بمبلغ يصل إلى ٣٧ ألف جنيه.
وقال «محمد»: «هنا اكتشفت حقيقة ما تعرضت له من نصب وتضليل من ذلك المركز، خاصة مع زيادة الشعور بالكثير من الآلام فى الغضروف وهو ما يجعلنى أذهب إلى عملى مرتديًا حزامًا طبيًا على منطقة الظهر»، مشيرًا إلى أنه حينما ذهب للطبيب قال له إن حالته الصحية كادت تتدهور بشكل أكبر من ذلك وهو ما قد يحرمه من السير على قدمه فيما بعد على المدى البعيد.

الوضع أصبح اسوأ
وقال مصطفى النجار، موظف، «أصبت إصابة شديدة فى ظهرى نتيجة حادث، وأصبح ألم الغضروف يلازمني، وحينما ذهبت إلى الطبيب أخبرنى بضرورة إجراء عملية جراحية فى منطقة الظهر مع الانتظام فى العلاج»، لافتًا إلى أنه عبر أحد الإعلانات رأى جهاز «سيراجيم»، وحينما ذهب إلى مقر المركز أخبروه أنه يحتاج إلى جلسات علاجية تصل إلى مدة ٦ شهور كاملة.
وأضاف، بدأت بالفعل فى تلقى الجلسات العلاجية التى كانت بأسعار مغرية بالنسبة إليه، وفى كل مرة كانت تنهال عليه الإغراءات حول مزايا الجهاز والقدرات العلاجية الهائلة التى يحققها، مشيرًا إلى أنه اشترى الجهاز بمبلغ ٣٧.٥ ألف جنيه، بسبب اعتقاده بالسمعة الطيبة للمركز وبسبب رغبته فى التخلص من إجراء عملية جراحية فى الظهر.
وقال «مصطفى» ليت الحال أصبح أفضل، ولكن للأسف فإن الجهاز الذى يمثل سريرا ينام عليه ويستمر فى الاهتزاز بصورة عنيفة أثر فى ظهره، وأصبحت الآلام مضاعفة بعد الاستخدام المتكرر له، وأصبح يشعر بتنميل فى القدم وصعوبة فى الحركة، لا سيما فى منطقة الحادثة التى تعرض لها، وهو ما جعله يشك فى سلامة الجهاز ومصداقية القائمين على مركز «سيراجيم»، مؤكدًا أنه حينما أراد إرجاع الجهاز والحصول على مستحقاته المالية، وافقت الشركة بشرط الحصول على تعويض يعادل ١٠ آلاف جنيه من إجمالى المبلغ الذى اشتراه به.
وقال محمد مجدي، صاحب كافيه، «لما رحت أشوف الجهاز لاقيت حاجات غريبة، إللى يروح عاوز يتخلص من الشيخوخة، واللى عنده مرارة، واللى عاوز يعالج نفسه من البواسير وغيرها».
وهو ما جعله يرتاب فى الأمر ويذهب إلى طبيب العلاج الطبيعي، الذى أكد له أن السرير العلاجى ما هو إلا «فنكوش» وأكاذيب نجحت تلك الشركة فى نصبها للمواطنين بسبب الجهل وغياب الدور التوعوى من خطورة تلك الأجهزة، مشيرًا إلى أنه لولا ستر الله لكان الآن ضمن المتضررين بسبب السرير.

الخبراء: «فنكوش» ولابد من محاربته
فى محاولة لأخذ آراء الخبراء، سألنا الدكتور أمير صالح، عميد كلية العلاج الطبيعى بجامعة جنوب الوادي، ووكيل نقابة العلاج الطبيعي، عن الجهاز، والذى قال إن جهاز «سيراجيم» بيزنس بدأ يظهر وينتشر فى مصر خلال الأعوام الأخيرة، لا سيما داخل المراكز والأقاليم، وهو جهاز لا يتم تصنيعه فى مصر، وإنما يتم استيراده من الخارج وتحديدًا من كوريا الجنوبية عبر شركات كورية، ويعاونهم رجال أعمال من مصر.
ولفت إلى أن خطورة الجهاز تكمن فى أنه لم تتم صناعته بطريقة علمية صحيحة؛ حيث إن فكرة الجهاز تقوم على وجود ٤ بكرات متصلة به مساج عنيف للجسم، وتقوم بكرات الجهاز بعمل ذبذبات تصل بالجسم إلى درجة حرارة تصل إلى ٦٠ درجة مئوية، وهنا تكمن الخطورة، خاصة أنه يتم تدليك فقرات الجسم بصورة عميقة لمدة تصل إلى ساعة لدفع الفقرات، وفى هذه الحرارة العنيفة، الأمر الذى يؤدى إلى الإضرار صحيًا بصورة كبيرة بالمرضى، وظهر هذا بصورة واضحة بعدما تم رصد الكثير من مستخدمى الجهاز الذين تضرروا وذهبوا إلى المستشفيات بأقسام الطوارئ، بسبب حدوث كسر فى الفقرات، خاصة النساء ومن يعانى مرض هشاشة العظام، أو المصابين بأمراض الروماتيزم أو الغضروف.
وأضاف «صالح»: يأتى هذا فى الوقت الذى يروج للجهاز أشخاص لا علاقة لهم بمهنة العلاج الطبيعي، تحت دعوى أن الجهاز يعالج الكثير من الأمراض، وهو ما يعد نصبًا علنيًا على المواطنين، وبابًا خلفيًا لاستخدام العلاج لغير المتخصصين فى ممارسة المهنة، فتلك المراكز لا يعرف القائمون عليها أن ارتفاع درجة حرارة الجسم يؤدى إلى حدوث مضاعفات، كما أنهم لا يعلمون أن هشاشة العظام أو الانزلاق الغضروفى أو تنحنح الفقرات والالتهابات الروماتيزمية لها متطلبات وعناية خاصة.
وأكد وكيل نقابة العلاج الطبيعي، أن الجهاز دخل بصورة غير شرعية إلى مصر ومن خلال التحايل على القانون، فهو لم يمر على الجهات المختصة التى تحدد استخدام الجهاز طبيًا، فمن يعمل على إدخال الجهاز يدخله على أنه جهاز ترفيهى أو من أجل التدليك وليس من أجل تداوى المرضى، وحينما يدخل إلى مصر يتم استخدامه بغرض طبى وهو كارثي، لافتًا إلى أن أى جهاز طبى يدخل يجب أن يمر على الجهات المتخصصة.
وأكد «صالح» أن النقابة تعكف حاليًا على محاربة الظاهرة، بعد انتشارها بشكل مفزع؛ لأنه للأسف هناك الكثير من المرضى الذين يتم إيهامهم من خلال استغلال عدم علمهم بما يتعرضون له، وتجميل صورة الجهاز فى عيونهم، وقال إن النقابة تقف حاليًا بالمرصاد لتلك المراكز لإغلاقها؛ لأنها تعمل خارج إطار الرقابة الصحية.

١٢٠٠ مركز علاجى
قال الدكتور أحمد عزت، أمين صندوق نقابة العلاج الطبيعي، وعضو لجنة التراخيص بوزارة الصحة، إن المراكز تزايد عددها بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، حيث اكتشفوا ما يصل إلى ١٢٠٠ مركز علاج لـ «سيراجيم» على مستوى الجمهورية.
ولفت إلى أن نقابة العلاج الطبيعى رصدت من ٤٠ إلى ٥٠ مركز سيراجيم، لافتًا إلى أنه تم إغلاق حوالى ١٢ مركزًا فى محافظة المنوفية وحدها، مؤكدا أن النقابة تُجرّم أى شخص يفتح منشأة غير خاضعة لنقابة العلاج الطبيعي، فى حين أن من يمارس العمل من خلال «سيراجيم» هو منتحل شخصية طبيب علاج طبيعي.
وتابع أن جهاز «سيراجيم» تقوم فكرة انتشاره مثل فكرة التسويق الإلكترونى؛ حيث إن القائمين على مراكز «سيراجيم» يقومون بدعاية هائلة للجهاز على مستوى المحافظات، سواء من خلال الإعلانات الورقية أو الإلكترونية؛ حيث يجذبون المرضى بدعوى أنهم سيحصلون على جلسة علاج مجانية أو رمزية لتجربة الجهاز، ومن ثم يتم بعد ذلك محاولة إقناع المريض بشراء الجهاز.
وأكد «عزت» أن نقابة العلاج الطبيعى لا تقف صامتة أمام ما يحدث، حيث تقوم بشن حملات بجانب إدارة العلاج الحر التابعة لوزارة الصحة، والمديريات الخاصة بإدارة العلاج الحر على مستوى المحافظات؛ حيث يتم إغلاق أى مراكز مخالفة، خاصة أنه ثبت أن الجهاز يضر بالصحة ويؤدى إلى إحداث مشكلات بالنسبة للمرضى، ومن هنا يجب أن يتم رفع الوعى العام لدى المريض المصرى ومشاركته إيجابيًا فى مواجهة السرطان الممتد من خلال الإبلاغ عن تلك المراكز التى تدعى علاج المرض.

النقابة: يسبب خطورة على الصحة
أما الدكتور سامى السيد، نقيب العلاج الطبيعي، فقال إن أية وسيلة علاجية لا بد أن تمر على القنوات القانونية واللجان المختصة، وفقًا لقوانين مزاولة المهنة واللوائح التى تحكم العمل الطبي، ولكن هذا لم يحدث من قبل مراكز «سيراجيم» التى قامت بالعمل دون الحصول على ترخيص مزاولة من قبل نقابة العلاج الطبيعي.
وأضاف: طرحنا الأمر على وزير الصحة ولجان التراخيص وجهات سيادية أخرى بألا يكون هناك مدخلات لكل الأجهزة الطبية إلى البلاد سوى من خلال معاينة اللجان الفنية المختصة بتحديد مدى أهلية تلك الأجهزة وموافقتها للشروط والمعايير المهنية والطبية العلاجية السليمة.
وأكد «السيد» أن الوضع بين النقابة ومراكز «سيراجيم» و«نوجا بيست».. وغيرها من المراكز، مثل لعبة القط والفأر، قائلا: «كلما نتجه إلى إغلاق مراكز خاصة بهم، كونها لا تستوفى المعايير الصحيحة وتقوم بالإعلان عن خدمة طبية غير واقعية، بل وتضرّ المرضى أيضًا، ورغم هذا كله تستمر المراكز فى تقديم «فنكوشها» للمرضى تحت وهم علاج الأمراض المستعصية». وأكد نقيب العلاج الطبيعي، أن تلك المراكز تتمثل خطورتها فى كونها تستغل مرض وجهل المريض الذى يأتى للعلاج عن طيب خاطر، اعتقادًا منه أن الجهاز سيعالجه، أى أنها جريمتان: الأولى تتعلق بالنصب على المرضى، والثانية تتمثل فى استغلالهم ومحاولة التربح المادى على حسابهم، مؤكدًا أنه من أجل ذلك يتم محاربة تلك المراكز التى تروج لجهازها الذى تزعم أنه جهاز علاجى وتشخيصي، مطالبًا الجميع بالاشتراك والإبلاغ عن تلك المراكز التى تستغل المرضى.