الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

رئيس "بان أفريكان": المنظمة أهم تجمع للأحرار الأفارقة

مؤتمر الوحدة الأفريقيَّة
مؤتمر الوحدة الأفريقيَّة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال السفير محمد عبد الغفار رئيس منظمة "بان أفريكان موفمنت جلوبال لدى دول شمال إفريقيا والعالم العربي، إن المنظمة هي أهم تجمُّع للأحرار والثُوَّار الوحدويين الأفارقة، والذين انتقلت معهم مشاعر الولاء والانتماء وحُبُّ الوطن الأم – القارة الأفريقيَّة – إلى الأراضي البعيدة لما وراء البحار، منذ بداية حملات العبوديَّة في بداية القرن الخامس عشر والتي مهَّدت للاستعمار ولمُواجهة هذه المُمارسات الرجعيَّة..
وأضاف عبد الغفار في مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء أن الوحدة الأفريقيَّة “Pan-Africanism”، تعتبر أيديولوجيا وحركة تُشجِّع تضامُن الأفارقة في جميع أنحاء العالم، من اجل الحرية والوحدة وإنهاء الهيمنة والتبعيَّة، وتستند في مبادئها التي تقوم عليها إلى الاعتقاد بأنَّ الوحدة هي عاملٌ حيوي للتقدُّم الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وتهدف إلى "توحيد ورفعة" الشُعُوب ذات الأصول الأفريقيَّة. 
وتؤكد الأيديولوجيَّة على تشابُكٍ وارتباط ووحدة مصير جميع الشُعُوب والبلدان الأفريقيَّة، وباقي شعوب العالم التي تعرَّضت ومرَّت بمثل الظروف التي مرَّت بها شُعُوبُ القارَّة.
​وأوضح في أساسها، تُعتبرُ الوحدة الأفريقيَّة اعتقادٌ بأنَّ الشُعُوب الأفريقيَّة، سواءً في القارَّة أو في الشتات، لا تتبادل تاريخ مشترك فقط، لكن مصير مُشترك. وبدأت الكتابة عنها كفكرة أدبية بعد عديد من الإنجازات التاريخيَّة الفارقة التي حققها الأحرار المُناضلين الأفارقة في الأمريكتين وبعض الدول الأوروبية، ومنها تحرير أمريكا من الاستعمار الإنجليزي، وتحرير الزنوج الأمريكان من الاضطهاد العُنصُري، وهو ما يُعرفُ ب"ثورة تحرير العبيد وتوحيد الولايات المتحدة الأمريكيَّة". 
وبعدها بدأت صياغة فكرة العدالة والحريَّة لتمتد لجميع شعوب الأرض، بداية من الموطن الأصلي، الذي ينتمي إليه هؤلاء الثوار، وتطوَّرت هذه الفكرة في العديد من الكتابات إلى أن برزت بوضوح في كتابات "دبوا" عام 1900، وقد حاول تأسيس أوَّل سكرتارية عامَّة خلال النصف الأوَّل من القرن العشرين، إلى أن تمكن هُو ومجموعة من المُؤمنين الأوفياء لهذه الأيديولوجيَّة، حيث تمَّ عقد المُؤتمر الأوَّل في لندن عام 1900، وشارك فيه 30 مندوبًا ممَّن كانوا يعيشون في أوروبا وأمريكا ودول الكاريبي، ليمثلوا الدول الأفريقيَّة، وكان من ضمنهم الحُقوقي الجمايكي، "هنري سيلفستر وليم" المحامي، والذي وضع فكرة ال"بان أفريكانيزم" للتأثير في الرأي العام الإنجليزي، وخلق التعاطف مع فكرة العدالة للشُعُوب والدُّول الأفريقيَّة، وخلق رأي عام مُناهض للاستعمار وظلمه للدُّول الأفريقيَّة، وحمايتهم من عُدوان البيض، وانتهاك حُقوقهم، وكان مُؤتمر العام 1900 هُو أوَّل محفل يتم فيه الدَّعوة إلى وحدة الشُعُوب السوداء، وإنهاء الاستعمار بها، وهو أوَّل حدث تطلق فيه كلمة "الوحدة الأفريقيَّة".
​كما دعا لإنشاء منظمة أفريقيَّة جامعة تعمل على تحقيق الحُريَّة وإنهاء الحُكم العُنصُري والوحدة.
مؤتمر الجامعة الأفريقيَّة الأوَّل و​لم يتمكن هذا المُؤتمر من تأسيس أمانة عامَّة لهذه المنظمة، لذا تلاها مُؤتمر الجامعة الأفريقيَّة الثاني في العام 1919، والذي عُقد في باريس بعد الحرب العالميَّة الأولى، بجُهُودٍ من "دبوا" وصفوة من السياسيين والمُفكرين من رُفقاء النضال، المُؤمنين بأيديولوجيَّة الـ"بان أفريكانزم”، واشترك في المؤتمر 57 عضوًا من دولٍ أفريقية وأوروبا وأمريكا برئاسة "دبوا"، وتمكَّن المُؤتمر من اتخاذ مجموعة من القرارات الهامَّة، وضعت المستعمرات الألمانيَّة في أفريقيا تحت الرقابة الدوليَّة المُشدَّدة حتى تنال هذه الدول استقلالها التام.
- منع استغلال الإنسان الأفريقي واستعباده والإصرار على إلغاء التفرقة العُنصُريَّة القائمة على اللغة والعرق.
- إتاحة الفرصة للأفارقة لحُكم أنفُسهم بأنفُسهم والمُشاركة في الحكومات التي تحكُم بلادهم.
​ويُشارُ إلى أنَّ مؤتمر الجامعة الأفريقيَّة الثاني هُو أوَّل مُؤتمر تعلنُ فيه مطالب الأفارقة.
مؤتمر الجامعة الأفريقيَّة الثالث
​عٌقِدَ في لندن وبروكسل وباريس 1921، حيث شارك في مؤتمر لندن 113 مندوبًا و41 من أصول أفريقية، 35 من أمريكا، 24 من السود المقيمين في أوروبا، و13 مندوبًا من مناطق أخرى بالعالم.
​أصدر المؤتمر نداءً لدول العالم، أكد فيه أنَّ المساواة بين الأجناس هي أمرٌ طبيعي، قامت عليه البشريَّة، وهو أساس المبادئ السياسيَّة والاجتماعيَّة. 
وقُدِّمت في مؤتمر بروكسل عددٌ من المطالب الإصلاحيَّة السياسيَّة، أهمُّها النداء الذي صدر عنه لتأمين الحُكم الذاتي لمُختلف الدول، كما طالب رئيس المؤتمر البروفيسور "دبوا" بإنشاء هيئاتٍ سياسيَّة للشُعُوب التي لا تحكم نفسها بنفسها لتتحقق العدالة والشرعيَّة.
​وصدر عن مؤتمر باريس الذي ترأسه "تلير ديلجن" إعلانٌ مُطالبًا العالم بالمُساواة بين الأجناس، والعمل على تحقيق الأهداف التالية:
1- عودة السود إلى أراضيهم.
2- إنشاء مجتمع مكتب بهيئة العمل الدوليَّة التابع لعُصبة الأمم لحماية الأيدى العاملة السوداء.
3- إنشاء منظمة دولية تحت عُصبة الأمم تكون مهمَّتها دراسة والعمل على حلِّ مشاكل الزُنُوج.
4- تعيين عُضو من أصلٍ أفريقي في لجنة الانتدابات الدوليَّة التابعة لعُصبة الأمم عندما يخلوا مكانًا بهذه اللجنة.
مؤتمر الجامعة الأفريقية الرابع:
​عُقد على التوالي في نفس التوقيت بكُلٍ من العاصمة البريطانية لندن والعاصمة البرتغالية لشبونة. حيث ناقش قضيَّة “السُّخرة” وهى من أهم السياسات الجائرة التي اتبعتها الحكومة البرتغاليَّة، حيث أكد المُؤتمر على حتمية إدخال إصلاحاتٍ قانونيَّة على سياسات المُستعمرات البرتغاليَّة في الدول الأفريقيَّة في أقرب فرصة ممكنة لإنهاء سُخرة البشر، كما نادى بإنشاء اتحاد ليجمع الدول الأفريقيَّة ويُشرف على النضال وكفاح المجتمعات المضطهدة، وأسَّس هذا المؤتمر للتلاحُم الفكري بين أصحاب أيديولوجيَّة الـ“بان أفريكانزم”، من دول القارة الأفريقية ومن خارجها في الـ"دياسبور".
المؤتمر الخامس
​عُقد في ولاية نيويورك عام 1927 برئاسة البروفيسور "دبوا"، حيث أكد فيه أن الاتحاد السوفيتي هُو التجمُّع الأوروبي الوحيد الذي يُؤيِّد الجامعة الأفريقيَّة، وشهد كمًا ضخمًا من تطوُّر الأفكار لزُعمائها، ليخرجوا من إطار "الزنوجة" بُغية الوصول لتحالف أكبر مع باقي الشُعوب المُلوَّنة، حيث طالبوا بتأسيس تحالف مع المصريين والهنود والصينيين في حركة واحدة تُحرِّرهم جميعًا من الاستعمار والتمييز العُنصُري، كما حاول "دبوا" أن ينقل مؤتمرات الجامعة الأفريقية لأرض القارَّة الأفريقيَّة في عام 1929، لتأكيده على أهميَّة دول الشمال الأفريقي في دعم الثورات وحركات التحرُّر، لكن تصدَّت له فرنسا بشدَّة، ما عطل انعقاد المُؤتمر حتى العام 1945، ليُعقد المُؤتمر السادس للجامعة الأفريقية في مانشستر عام 1945. حيث يُعَدُّ هذا المُؤتمر هو العلامة الفارقة والتغيُّر الدراماتيكي لتاريخ حركة الـ"بان أفريكانزم" للأسباب الآتية:
1- انعقد بعد فترة طويلة تقارب العقدين من الزمان وفور انتهاء الحرب العالمية الثانية.
2- تغيُّر قيادة المؤتمر، إذ زاد عدد الزعماء الأفارقة المُشاركين من القارة الأفريقيَّة، وقلَّ عدد الزنوج المشاركين من أمريكا وأوروبا، ونتج ذلك عن تبلوُر فكرة الوحدة الأفريقيَّة وتناميها بعد الحرب العالميَّة الثانيَّة. حضر المؤتمر عددٌ كبير من العاملين بالحقل السياسي، وكذلك ممثلون للعمال والشباب، وسيطر على المؤتمر المُثقفون القادمون من المستعمرات الأفريقيَّة مباشرة، ومن أبرزهم: كوامي نكروما من غانا، والمعروفة بساحل الذهب في هذا الوقت، جومو كينياتا من كينيا، لاك جونستون من سيراليون، الشاعر الكبير الدكتور روفائيل من دولة توجو والدكتور بيتر أبراهام من جنون أفريقيا، وكلًا من ماجنز وليمز وإزيكوي من نيجيريا.
3- صدر عن هذا المؤتمر مجموعة من أهم القرارات:
1- رفض الحُدُود المرسومة من قبل الاستعمار والتي تحولُ دون قيام دُولٍ أو وحداتٍ سياسيَّة مُستقرَّة.
2- الاستقلال التام لشعوب غرب أفريقيا، هُو الحل الوحيد لقضاياهم.
3- التضامن مُع وتأييد مطالب شعوب شمال أفريقيا المطلة على البحر المتوسط.
4- إلغاء الحُكم البريطاني في السودان وتأييد حق السودانيين في الاستقلال.
​ولأوَّل مرَّة، نجح هذا المؤتمر في التحوُّل من مراحل تسجيل الاحتجاجات والاعتراضات، إلى سلاح وآليَّة عمل لحركات التحرير الوطني الأفريقيَّة والنضال المنظم ضدَّ الاستعمار. كما تمَّ الفصل فيه بين حركة الزنوج في أمريكا وحركات التحرير الأفريقيَّة.
​على ضوء ذلك، تمَّ تأسيس أول نواة للجامعة الأفريقية "حركة بان أفريكان موفمنت العالميَّة" على أوَّل دولة محرَّرة في القارة الأفريقيَّة، وهي المملكة المصريَّة، تحت اسم “الرابطة الأفريقيَّة” والمعروفة الآن بـ"الجمعيَّة الأفريقيَّة"، ومقرِّها في: 5، شارع أحمد حشمت، الزمالك بالقاهرة، والتي قامت على احتضان حركات التحرير بالقارَّة الأفريقيَّة، والتي وصل عددها إلى 38 حركة. إلى أن قامت على تأسيس أوَّل تنظيم يضُمُّ نضال الشعوب الأفروآسيويَّة عام 1958 بباندونج كنتيجة لمجموعة من المُؤتمرات التي تمَّ عقدها في “الرابطة الأفريقيَّة” بالقاهرة، بداية من العام 1949، مرورًا بمؤتمر عام 1954 للتأسيس لتضامُن الشُعوب الأفروآسيويَّة، وتضافُر الجهود بينها لدعم كفاح الشُعُوب لتحقيق الحرية والعدالة والمساواة والوحدة. وهي الأسُس التي قام عليها مؤتمر الشعوب الأفريقيَّة الأوَّل بأكرا، عاصمة غانا، نهاية العام 1958 خلال الفترة من 5 إلى 13 ديسمبر عام 1958. وشارك فيه 200 عُضو مثلوا 50 حزبًا سياسيًا ونقابات عماليَّة واتحادات طلابيَّة أفريقيَّة.
​تتجلى أهميَّة هذا المؤتمر في أنه أعلن عن ميلاد القطب الفاعل في القارة الأفريقيَّة، وهو "الرابطة الأفريقيَّة"، والتي اختصَّت بالعمل على المستوى الشعبي. 
حيث أعلن الرئيس الغاني كوامي نكروما شعارًا للقارة الأفريقية، وهو: "أفريقيا للأفريقيين"، وهو لم يعن استثناء الجنسيَّات الأخرى ولكنه قصد أنَّ الأفارقة الذين يُمثلون الأغلبيَّة البشريَّة في القارة الأفريقيَّة يجب أن يحكُمُوا أنفسهم بأنفُسِهِم في دُوَلِهِم.
​تلاه مؤتمر الشعوب الأفريقيَّة الثاني من 25 إلى 29 يناير 1960، والذي ناقش فكرة إنشاء مجتمع أفريقي مُوحَّد ينبذ الحُدُود الوضعيَّة التي رسمها الاستعمار، كما دعا لإنشاء السوق الأفريقيَّة المشتركة، وإنشاء بنك للاستثمار الأفريقي، وكذلك مؤسسة للتنمية الاقتصاديَّة في أفريقيا.
 وحث على نشر الوعي بالهُويَّة الأفريقيَّة وقوميَّتها بين أبناء القارَّة، حتى تتصدَّى الشُعُوب للمُؤامرات الاستعماريَّة وتُحبطها. كما أوصى بإنشاء معهدٍ لتعليم اللغات الأفريقيَّة لدعم الرَّوابط بين شُعُوب القارَّة.
​مؤتمر الشعوب الأفريقيَّة الثالث عُقد في القاهرة في الفترة من 25 إلى 30 مارس 1961، وشارك فيه 300 مندوب مثلوا جميع شُعُوب القارَّة، وصدرت عنه مجموعة من التوصيات، أهمُّها:
- التصدِّي لمشكلة الاستعمار الجديد في القارَّة.
- التوصية باستنكار ورفض كافة الأساليب الاستعماريَّة، بما في ذلك الاتحادات الفيدراليَّة مع الدُّول الاستعماريَّة.
- المطالبة بتصفية كافة القواعد العسكريَّة للمستعمر في جميع الدول الأفريقيَّة.
- التعاون بين الدول الأفريقيَّة المُستقلة بعضها البعض في كافة الميادين الثقافيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة تأسيسا لتحقيق رغبة الشُعُوب الأفريقيَّة في الوحدة.
- وأوصى المؤتمر بإنشاء عدة أجهزة تعمل على تحقيق ذلك.
​بذلك عُدَّ مؤتمر الشعوب الثالث في القاهرة هُو أهم المُؤتمرات من ناحية عدد المُشاركين، حيث شارك معظم زعماء القارة، وأيضًا على مستوى التوصيات والأفكار والمبادئ والآليات الصادرة عنه، والتي تمحورت حول الحُريَّة والتضامُن بين الشعوب الأفريقيَّة. 
ونتيجة لهذا المؤتمر، تمَّ تأسيس "منظمة الوحدة الأفريقية" و"حركة تحرير أفريقيا" والآليات والتنظيمات الأفريقية التي نشهدها اليوم.