الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ظواهر مناخية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تابعنا على مدى الأسبوع الماضي على الهواء مباشرة الإعصار المدمر "إيرما"، الذى ضرب السواحل الأمريكية وولاية فلوريدا تحديدا، وتسبب فى خسائر مهولة، شاهدنا بحالة من الذهول والحيرة، تعجبنا من مدى قوة الطبيعية، ولم نتعجب من قدرة الدولة الأمريكية والشعب الأمريكي على إجلاء ما يزيد عن الستة ملايين شخص فى حوالى ثلاثين ساعة فقط واحتواء هؤلاء النازحين فى خلال ساعات.
التصوير المباشر للإعصار لحظة بلحظة، الذى لا يمكن التنبؤ بشكل كامل بمساره، أو حسم أين هى المحطة التالية له، كل هذه الأمور العلمية المعقدة وحالة النظام وتوفير المأوى والمأكل والملابس لملايين المواطنين أمر للأسف الشديد يفوق قدراتنا على التخيل، ويدعو الكثير منا إلى التفكير فى كيفية تحقيق هذه المعضلة على الأقل بالنسبة لنا.
بالطبع وأمر ليس محلا للنقاش أن قدرات الدول الاقتصادية لها دوره يدعم ويساعد الدولة على سرعة الحركة وتوفير الموارد سريعا ومرونة التعامل مع كارثة بهذا الحجم، لكن الأمر أيضا له بعد يأبى كثير منا –خاصة من رافضي الثقافة الغربية- أن يراه لأنه أعمق وأكثر تأثيرا من القوة الاقتصادية، هذا البعد الذى أقصده هو الثقافة المجتمعية الناضجة فى كيفية التعامل مع الكوارث وإعداد وتأهيل المجتمع للتعامل معها بإتزان دون عشوائية، والحركة بشكل منظم رغم الخطر، وتشكيل لجان الإعاشة سريعا، قبل التفكير فى الأضرار المادية، ثقافة تضع إنقاذ الأرواح هدفا أول، وتعى جيدا أن الإنسان هو من يصنع كل هذا المجد والحضارة، وأن فردا وحده لن ينجو، لكن التحرك الجماعى السريع هو طوق النجاة، وعلى الرغم مما خلفه إعصار إيرما من خسائر جسيمة والتى تكبدتها أمريكا.
ورغم أن إيرما ليس الكارثة المناخية الوحيدة التى شهدها العالم خلال الفترة الماضية، إلا أنه الوحيد الذى نقلت أحداثه لحظة بلحظة كافة وسائل الإعلام فى العالم، فقد شهد شهر أغسطس الماضى وحده أربع أعاصير تعد من هذه الكوارث علامة تاريخية ونقطة فارقة من الصعب نسيانها وكأنها أرادت أن تلقن كل من تجاهل آثار المناخ درساً لن تنساه البشرية. "إعصار هارفي" فى ولاية تكساس والخسائر 180 مليار دولار ويصنف من الدرجة الثالثة، و"إعصار إيرما" من الدرجة الخامسة ويضرب ميامى وفلوريدا ويضرب جزر سانت مارتن وسان بارتيملى بالمحيط ودمر 95% من جزر الكاريبى، وفى أسيا ضرب " إعصار مورا " دكار ببنجلاديش ومعسكرات لاجئين الروهينجا الهاربين من ميانمار، وكذلك سريلانكا، و"إعصار هاتو" الذى ضرب الصين وجنوب شرق آسيا وتم إجلاء ٢٧ ألف شخص من كانتون ومكاو وهذا الإعصار وصل إلى أعلى الدرجات ولم يحدث بهذه القوة منذ عام ١٩٦٨.
إن القدرة على التعامل الجاد مع مثل تلك الظواهر المناخية والنجاة منها وتقليص الأضرار يعد نجاحا للإنسان فى هزيمة واحدة من أخطر الكوارث الطبيعية، وربما يستطيع إعصار "إيرما" تحقيق ما فشلت دول العالم أجمع فيه، وهو التوافق على ضرورة الوصول لحلول جذرية فى مؤتمر التغير المناخى الذى يعقد هذه الأيام فى مونتريال، وربما إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بالتراجع عن الانسحاب من اتفاقيات التغير المناخي.