الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

حامد العويضي.. عاشق حروف اللغة العربية

حامد العويضي
حامد العويضي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"في غُرَفِ العمليات/ كان نِقابُ الأطباءِ أبيضَ/ لونُ المعاطفِ أبيض/ تاجُ الحكيماتِ أبيضَ، أرديةُ الراهبات/ الملاءاتُ/ لونُ الأسرّةِ/ أربطةُ الشاشِ والقُطْن/ قرصُ المنوِّمِ، أُنبوبةُ المَصْلِ/ كوبُ اللَّبن/ كلُّ هذا يُشيعُ بِقَلْبي الوَهَنْ/ كلُّ هذا البياضِ يذكِّرني بالكَفَنْ"، في أواخر أيامه أثناء رقاده على سرير المرض، كتب أمل دنقل تلك الكلمات ليودع بها دخان الشوارع وأرصفة الملل، كان هذا في العام 1983.
بعد مرور ما يقرب من ثلاثين عامًا تحديدًا عام 2008، يرحل عن عالمنا شبيهه ورفيق روحه "حامد العويضي"، ذلك الثائر الصامت الذي لم يملأ الدنيا جلبة وضجيجًا بصوته الأجش كمواطنه دنقل، وإنما ملأها جمالًا وانسيابية وسحرًا، حامد العويضي الذي عشق الحروف العربية، وتفاعل معها، وأصبح فيلسوفها المفضل.
حامد العويضي ليس كابن مقلة مثالًا، وليس كمحمد حسني البابا، من "حريفة" الخطوط، الذين يتفننون في إجهاد الحرف لإبداع شكل جمالي، توحد العويضي مع الحرف، فأعطاه الحرف ما يشاء، هو صاحب خط "حامد" صاحب الخط المميز في برامج الكتابة الإلكتروني، وهو صاحب محاولات ابتداع خط "العويضي" قبيل وفاته، ولكن حال القدر دون ذلك.
في الثمانينات من القرن الماضي، عقب اتفاقية "كامب ديفيد"، صعد صوت أمل دنقل قائلًا، لا تصالح، القصيدة التي جرت رغم صعوبتها على ألسنة العوام من العمال والكادحين، لا تصالح التي أصبحت لوحة معلقة في جميع الأحزاب السياسية والجماعات الوطنية حتى الآن، لوحة بالخط العربي تضفي ثورة أخرى لثورة القصيدة، هي لوحة "حامد العويضي"، وأشهر ما أنجز وإن اشتهرت لوحته على حساب شهرته الخاصة.
حامد العويضي ولد عام 1957م بمدينة قوص بقنا، بدأ بكتابة اللوحات على الجدران وتطوع بكتابة لوحات الحجاج على المنازل وكان يستخدم البوص في الكتابات كما كان يستخدمه كأداة عزف الناي، ثم أبدع في مجال الخطوط العربية في المرحلة الثانوية حيث كانت لوحاته معبرة وكلماته نافذة إلى القلب، وتفوق في المرحلة الثانوية ثم التحق بكلية الهندسة ولكن عشقه للخط دفعه إلى التقدم لمدرسة الخطوط بالمدرسة السعيدية، ما دفعه لترك كلية الهندسة والتقدم لكلية الإعلام، ثم تفرغ للخط العربي حتى عمل بجريدة الأهالي ثم التحقق بمؤسسة الأهرام مشرفا فنيا بمركز الدراسات السياسية.