الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"الربابة" تعيد الطابع الأصيل لمهرجان الموسيقى العربية

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دائمًا ما يتعرض مهرجان الموسيقى العربية خلال دوراته السابقة، لاتهامات بابتعاده تمامًا عن الموسيقى العربية، وتأثره بالموسيقى الأجنبية، هذا ما جعل دار الأوبرا تفكر في الأمر، حيث وافقت الدكتورة إيناس عبدالدايم على إقامة مسابقة للربابة كآلة مصرية قديمة لها جذور فلكلورية تنتمي لروح الوجدان الشعبي المصري.
وتقام المسابقة ضمن فعاليات الدورة السادسة والعشرون لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية، وتقرر إهداء هذه الدورة إلى روح المطرب الراحل محسن فاروق، وتقام فى الفترة من 1 حتى 15 نوفمبر المقبل على مسارح الأوبرا المختلفة، وتحدد يوم 25 أكتوبر المقبل كآخر موعد لتلقي طلبات الالتحاق بها.
وتعد الربابة من الآلات التي أوجدها المصري القديم، وقد ترك لنا المصريين القدماء نقوشًا على المعابد لموسيقيين يعزفون على القيثارة "الهارب"، والطبول، وأيضًا تلك الآلة ذات الوتر الواحد التي تسمى "الربابة" حديثًا.
ارتبطت الربابة في العصور المتأخرة منذ المماليك بالشعر الشعبي، وخصوصًا سير الأبطال والملاحم الشعبية، ولعل أبرزها سيرة أبو زيد الهلالي، وذات الهمة، وطومان باي. 
تمتعت الربابة في فترة من الفترات وخصوصًا في صعيد مصر، بشعبية جعلتها تتبوأ المركز الأول لاهتمام المصريين، ورغم أصولها المصرية إلا أنها تناقلت مع اختلافات طفيفة في الشكل والصوت عبر الحضارات، فوصلت إلى بلاد فارس عبر الفينيقيين، ووصلت إلى بلاد القوقاز، وشرق آسيا، حتى أصبحت جزءا أساسيا في الموسيقى العربية، وورد ذكرها في العديد من المؤلفات القديمة لكبار العلماء أمثال الجاحظ في مجموعة الرسائل، وابن خلدون، وأيضا ورد شرح مفصل لها في كتاب الفارابي الموسيقي الكبير، وهناك صورة لآلة الربابة على قطعة حرير وجدت في إيران وتوجد الآن في متحف بوسطن للفنون.
وقد وصلت الربابة إلى أوروبا مع الفتح الإسلامي للأندلس، وحملت أكثر من مسمى، ففي فرنسا تسمى رابلا وفي إيطاليا ريبك وفي إسبانيا رابيل أو أربيل.
وقد حاول الفنان التشكيلي العالمي حسن الشرق، أن يخلد البيئة الشعبية في الصعيد، فقام بتصوير عازف الربابة يقف حاملًا ربابته ويعزف منفردًا حيث يحتل العازف والآلة المشهد كاملًا في اللوحة، وأيضًا في لوحة أخرى له يجلس عازف الربابة وتلتف حوله الحريم بمفهومها المملوكي.
ومع وفاة معظم رواة السيرة المخضرمين آخرهم سيد الضوي راوي السيرة الأشهر الذي جاب بربابته وشعره وصوته المعبأ برائحة الصعيد، جميع أنحاء العالم يروي سيرة أبو زيد بن رزق بن نايل، وابن الخضرة الشريفة، وأصبحت الربابة معرضة للاندثار، خصوصًا مع عدم تبقي الكثير من جيل السميعة الذين عشقوا الربابة، وعدم تعرف كثير من الأجيال الحالية على سحر هذه الآلة التي تراجعت بفعل التكنولوجيا التي فرضت مسارًا إلكترونيًا للموسيقى، ويأمل منظمي المسابقة في إنقاذ تلك الآلة الساحرة من الاندثار.
ليست الربابة وحدها هي من تتعرض للاندثار، فهناك الآلة الشعبية الأشهر في مدن القناة "السمسمية" التي قدمت إلى مصر من السودان، أثناء حفر قناة السويس على أيدي عمال الحفر السودانيين، وهي امتداد لآلة القيثارة المصرية القديمة المصورة على المعابد، والتي توارثها أبناء النوبة وشمال السودان عن أجدادهم المصريين القدماء في الجنوب.
كذلك آلة المزمار الصعيدي التي تنال حظًا أفضل من الربابة في البقاء، وإن كانت معرضة للاندثار هي الأخرى نسبيًا، نظرًا لعدم توافر عازفين مبدعين كما كان في السابق.