الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"الزبالة".. مصير أوراق المتقدمين لـ"الوظيفة الميري"

عبدالمطلب عبدالحميد
عبدالمطلب عبدالحميد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«البوابة» تكتشف مصير أظرف المسابقات فى شارع فيصل 
الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات: ضعف الإمكانات وعدم وجود «مفرمة» السبب 

حلم يعيشه الشباب عقب تخرجهم باقتناص فرصة الحصول على وظيفة حكومية تضمن لهم مستقبلًا آمنًا، خاصة أن معظمهم يفضلون العمل فى القطاع الحكومي، ويسعى معظمهم إلى تحقيق هذا الحلم من خلال المشاركة فى مسابقات التوظيف الحكومية، آملين ألا تتلاعب الحكومة بأحلامهم كما تقوم أغلب شركات القطاع الخاص.
لم تتحول مسابقات التوظيف الحكومية إلى «سبوبة» لسحب الأموال من جيوب الشباب فقط، لكنها أيضًا تحولت إلى كارثة تهدد مصير بعض المتقدمين وتجعل مصيرهم «السجن».
صدفة قادت محررة «البوابة» للكشف عن مصير أوراق المتقدمين لإشغال الوظائف الحكومية التى تم الإعلان عنها فى وقت سابق، فأثناء سيرها فى أحد الشوارع الحيوية بمنطقة فيصل التابعة لمحافظة الجيزة أثار استغرابها ظرف أبيض اللون ملقى على الأرض، ملصق عليه أربعة طوابع بريدية مدون عليه رقم صندوق البريد- وزارة المالية- القاهرة ومختوم.
وكانت المفاجأة أن الظرف يحمل مجموعة من الأوراق الخاصة بأحد الأشخاص، عبارة عن صور من أوراق رسمية كـ«بطاقة الرقم القومي- شهادة الميلاد- شهادة التخرج- سيرة ذاتية».
توقعت المحررة أن هذه الأوراق قد تكون سقطت من أحد المارة دون علمه، فقررت الذهاب إلى أحد أصحاب الأكشاك الموجودة بالشارع لترك الظرف معه، ليكشف لها مفاجأة أخرى حينما قالت له إنها وجدته على الأرض، وتريد أن تتركه معه ليعطيه لصاحبه إذا سأل عنه، ليقول إن هذا الظرف ليس الوحيد، ويخِرج لها عددًا آخر من الأظرف المماثلة.
وأضاف صاحب الكشك: «إن بعض المارة وجدوا أظرفًا أخرى وأعطوها لها أيضًا، متوقعًا قيام أحد الموظفين بإلقاء عدد كبير من تلك الأوراق فى الشارع»، ومتابعًا فى استنكار شديد: «مش عارف ليه بيعملوا كده هما لو مش هيوظفوا الناس يرموا أوراقهم ليه.. ما يمكن حد يقتل قتيل ويرمى الورق جنبه، ووقتها صاحب الورق يبقى متهم بالقتل».
وبالبحث فى محتوى الأوراق الموجودة فى الأظرف، وجد أنها لبعض حملة الدبلومات والشهادات العليا من الشباب والفتيات بالمحافظات المختلفة، جميعها موجهة إلى «وزارة المالية»، ويطالبون بالتعيين فى إحدى الوظائف الحكومية كـ«الضرائب- البنوك- الاتصالات».
الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد، الرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، علق على الواقعة المذكورة فى السطور السابقة، متهمًا موظفى الحكومة بسوء التصرف والإهمال، بالإضافة إلى ضعف الإمكانات، خاصة أن فى هذه الحالات لا بد من توافر «مفرمة» لاستخدامها فى التخلص من الأوراق الهامة.
وأضاف عبد الحميد لـ«البوابة»: «إن من لم تنطبق عليهم شروط الوظيفة ومع ذلك يتقدمون بأوراقهم، يضعون الوزارات فى موقف سيئ لعدم وجود وسيلة للتخلص من أوراقهم سوى صناديق القمامة»، لافتًا إلى أن وزارة المالية وحدها يصلها أطنان من الطلبات غير المطابقة للشروط.
وعن رحلة أوراق المتقدمين فى المسابقات حتى تصل إلى مصير التوظيف أو «القمامة»، أوضح أن المسئولين يقومون بفحصها، ومن تنطبق عليه المواصفات يتم قبوله، وبعدها يتم إجراء تصفية مبدئية للمقبولين، ومن ثم عقد مقابلات معهم لاختيار الأنسب، أما من لم تنطبق عليه المواصفات فيكون مصير أوراقه القمامة.
واستبعد «عبدالحميد» استغلال الحكومة للعدد الكبير من المتقدمين ومتاجرتها بتلك الوظائف، قائلًا: «الحكومة مش بتنصب على المواطنين هى مش زى القطاع الخاص، ولا هتجيب شبهة لنفسها»، مؤكدًا أنها قليلًا ما تحصل على مقابل من المتقدمين، وأن هذا المقابل لم يمثل حصيلة كبيرة لها.
وللتخلص من أزمة العمالة الزائدة، شدد على ضرورة أن تكون عملية التوظيف محددة حسب حاجة الدولة، بالإضافة إلى إجراء دراسة دقيقة للعمالة فى مصر، خاصة أن بعض الأماكن بها فائض وأخرى بها عجز، مشيرًا إلى أن من لديه عجز لا يستطيع أن يستوفى النقص، ومن لديه فائض غير قادر على تخفيض العمالة.
اللواء فاروق المقرحى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، وصف إعلانات الوظائف الحكومية بـ«الوهمية»، موضحًا أن الوزارات تنشر إعلانات مُطلقة لمجرد الحصول على أوراق المتقدمين ورسوم تقديم، ومن ثم تكون المحصلة النهائية إلقاءها فى «القمامة».
وأوضح المقرحى لـ«البوابة»، أن الشباب يقدمون الأوراق التى تحتوى على معلومات كـ«شهادة التخرج والرقم القومي» ويتم الاستهتار بها، خاصة أن الوظائف المُعلنة وهمية يتم شغلها عن طريق الوساطة، مضيفًا: «إعلانات وهمية وفى المقابل يتم الإعلان أن هناك وظائف رسمية، ويتاخد الورق بتاع الناس وبعدين يترمى فى القمامة».
ونوّه بأن تلك الإعلانات الوهمية لها ميزة واحدة، وهى طلب صور الأوراق وليس الأصول، معللًا ذلك حتى يسهل على الوزارة التخلص منها، وهو ما يقلل من خطورة استغلالها فى الجرائم، وتعرض أصحابها للمساءلة.
وشدد «المقرحي» على ضرورة أن ينص القانون بأن تُعاد تلك الأوراق إلى أصحابها فى حال عدم قبولها، مع إضافة أسباب عدم القبول لإثبات جدية المسابقة والإعلان الذى بناء عليه تقدم المواطن بطلبه، متابعًا: «لا يجوز الاستهتار بمصالح الناس ويجب معاقبة الموظف الذى يقوم بذلك أيا كان موقعه».