الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الفقر يحول المرضى إلى "فئران تجارب" للشركات العالمية.. تقارير رسمية: 14% من الشعب يعيشون بأقل من دولارين يوميًا.. و50% خارج التأمين الصحي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كل شيء في مصر مباح، طالما هناك العوز والفقر والحاجة، كلها ظروف سيئة تدفع المواطن لأن يفعل أي شيء؛ بحثًا عن جرعة دواء تشفي سقمه، ولما لا فوفقًا للتقارير الرسمية، أن حوالى 14% من المصريين، يعيشون على أقل من دولارين يوميًا، ولا يحظى نصف السكان بالتأمين الصحي.

وهُنا يرى الباطل حقا، وتكون مراحل التجريب الدوائي في ظاهرها الرحمة وباطنها ويلات العذاب، حيث يرى العديد من المصريين أن تجارب الأدوية بمثابة علاج مجاني، والأكثر غرابة أنها تتم بمباركة مستشفيات مصرية، بالتنسيق مع شركات عالمية عابرة للقارات تمتد عبر شبكات دولية من الباحثين الذين باعوا ضمائرهم لحفنة الدولارات على حساب البسطاء

أما التجارب السريرية، هي عبارة عن تجارب يقوم بها الباحثين على المرضى والأصحاء؛ عبر خطوات متتالية ومتتابعة من إجراء التجارب على فئران تجارب بعدها على حيوانات وآخرها على الإنسان، في إحدى مراكز التكافؤ الحيوية، وذلك لقياس فاعلية وخطورة وسُميّة الدواء وخطورتها على المرضى.

ترجع جذور القضية إلى غياب اطار تشريعي وقانوني ينظمها، ساعد الشركات الدولية عبر فرق الباحثين لها على عمل الاتفاقات واستخدام المرضى المصريين من لاحول لهم ولا قوة حقول للتجارب، فإذا هم يوقعون المريض في فخ إجراء التجارب السريرية عليه.

أطراف الجريمة تبدأ من الجناة الذين هم متهمين بدرجة باحثين مصريين يمتلكون براءة اختراع لأدوية في غاية الخطورة؛ مثل الالتهاب الكبدي الوبائي «فيروس سي»، والسرطان، والتصلب المتعدد، ولا يجد سبيلًا لتسجيلها، لكن لا يكون العذر الذي يمثل في إجراء التجارب السريرية، في غفلة القوانين، أقبح من الذنب من عدم السماح والتيسير في إجراءاتها.

أما المجنى عليهم، فهم المبحوثون المصريون من المرضى، الذين لا حول لهم ولا قوة، سوى أنهم يعيشون على بصيص من الأمل هو الشفاء، حيث يتحايل عليهم الأطباء عبر حيل غير أخلاقية، تتمثل في تسجيل الدواء، بعد تصنيعه في المعامل المختلفة الملحقة بالمراكز البحثية الخاصة والحكومية، والسعي لتسجيله رسميًا على كونه منتج غذائي في دفاتر أحد الوزارات المعنية، بتسجيل المكملات الغذائية؛ مثل وزارات الصحة والزراعة والصناعة.

طرق اصطياد المرضى

ما توارد لنا من معلومات يكشف تسجيل الباحثين لبراءات اختراع عن أدوية جديدة لعلاج السرطان وفيروس والتصلب المتعدد، ثم يتقدم الباحث لتسجيلها في مكتب براءات الاختراع في التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وفى حالة رفضها في مصر، يلجأ الباحث لتسجيلها في إحدى المكاتب الدولية التي لا تحتاج سوى دفع رسوم لا تتجاوز 500 دولار كتأمين للبحث، شريطة أن يفصل في الفكرة في فترة لا تتجاوز 18 شهرًا، في حين أن مكتب تسجيل براءات الاختراع في مصر قد يحتاج من 5 إلى 6 سنوات على حد ما ذكره الباحثين.

ما يثار من أقاويل الباحثين، أن ثمة مصالح لكبرى شركات الأدوية العالمية، هي من تقف ضد كل الأبحاث الدوائية الجادة، وتعمل على عرقلتها ووقف تسجيلها، ليتخذوا منها ذريعة التحايل على القانون واستغلال حوائج الناس، ومن ثم إجراء الأبحاث على البشر التي لا بدّ أن تمر بخطوتين أولها الحصول على موافقة من الجهة التابع لها سواء مركز بحثى أو جامعة أو مركز بحثي.

كما يحظر نهائيًا إجراء أية تجارب سريرية إلا بعد موافقة لجنة أخلاقيات البحث العلمي بوزارة الصحة، بعد استيفاء الأوراق المطلوبة مثل بروتوكول الدراسة والدراسة السابقة والتأثيرات الجانبية، علاوة عن بوليصة تأمين على المبحوثين؛ تصل بنصف مليون جنيه أو دولار على الأقل، والإخطار بالجهة التي تدعم البحث، والموافقة المستنيرة التي بموجبها يوافق المبحوث أو الشخص المريض أن تجرى عليه مثل هذه التجارب، كل ذلك لا يتم إلا بعد أن يكون الباحث، قد انتهى من إجراء التجارب المعملية، وتسمى مرحلة ما قبل التجارب، وهي التي تجرى في المعامل المتخصصة وعلى الحيوانات وفئران التجارب.

أما التجارب السريرية على الإنسان فتمر على 4 مراحل وهى:

أولها.. إجراء التجارب على أصحاء تمامًا، ويكون العدد محدود لقياس مدى سُميّة العقار، ومدى فاعليته، ودرجة الأمان، وأفضل طريقة لتناول الجرعة، وكمياتها، والأعراض الجانبية، وهذا يحدث إذا كان الدواء مصريًا، وغالبًا إذا كان مستوردًا، إذ تشترط وزارة الصحة أن تجرى هذه التجارب في بلد المنشأ.

أما الثانية.. تعطى الجرعة لعدد محدود من المرضى، عددهم يصل لعشرات أو مئات، وتتابع النتائج، تليها المرحلة الثالثة تجريب الدواء على عدد كبير من المرضى، آخرها المرحلة الرابعة، الموافقة الرسمية لنزول العقار للسوق الدوائي، ناهيك بأن الموافقة من اللجنة تكون لمدة سنة واحدة فقط، ومتابعة دورية كل 3 أشهر، وفى حالة حدوث أية مخالفات أو أعراض جانبية، يسحب الدواء من السوق، ويصدر به منشور دوري صادر من الإدارة المركزية للصيادلة.

وفى السياق نفسه، يقول الدكتور محمود فؤاد، المدير التنفيذي للحق في الدواء: إنه لا بدّ من تفعيل القوانين، وتجريم ما يجرى داخل أروقة المستشفيات المصرية، من إجراء تجارب سريرية على المرضى، خاصة أن الدستور المصري؛ يجرم التجارب على البشر في المادة رقم 60، التي تنص على «لا يجوز إجراء أية تجارب طبية أو علمية إلا بعد موافقة الشخص نفسه».

وأضاف «فؤاد»: التقارير الدولية، فضحت الأمر، حتى وصلت مصر للمرتبة الثانية، في التجارب السريرية إفريقيًا، حيث كشف تقرير نشرته صحيفة Géopolis الفرنسية، أن شركات الأدوية العالمية تستغل عدم القدرة المالية لبعض المصريين في الحصول على العلاج، واستخدامهم «حقول تجارب» لبعض الأدوية، عبر إجراء التجارب السريرية والتي زادت نسبتها في أعقاب 2011.

وأجرت منظمة سويسرية غير الحكومية مسحًا «بابليك آي» في سنة 2016، وأكد أن مصر أصبحت ثاني أهم الوجهات، التي تختارها شركات الأدوية متعددة الجنسيات؛ لإجراء «تجارب سريرية» في القارة الإفريقية، بعد دولة جنوب إفريقيا.

وتترأس الشركات السويسرية، قائمة هؤلاء المصنعون، حيث يحتكر العملاقان روش ونوفارتس، نصف الاختبارات الدولية، التي تم القيام بها في مصر في أوائل سنة 2016.

وأوضح تقرير الصحيفة، أن شرط موافقة المريض على إجراء التجارب السريرية في مصر، يتنافى مع المعايير الدولية، على الرغم من أن الموافقة شرط أساسي لإجراء التجارب، نظرًا لأن أغلب المرضى لا يدركون المخاطر جراء هذه التجارب، كما أنهم لا يدركون أن بعض الشركات قد تستغلهم في تجارب دواء وهمي.

ما سبق يتطابق مع تقرير بيرن، الذي ذكر بأنه بعد تواتر الأخبار، عن إجراء تجارب سريرية دون معرفة وزارة الصحة، والتي تكشف عن إجراء عدد من التجارب، بالتنسيق مع عدد من الشركات الكبرى، ناهيك عن ما نشر في دوريات طبية، وهي منظمة «إعلان برن»، وهي منظمة دولية معنية بالحفاظ على قانون التجارب السريرية، و«إعلان هلسنكي سنة 1949»، والذي ينظم التجارب الطبية على البشر، ويضع عددًا من الشروط والضوابط لإجرائها.

وذكرت المنظمة على موقعها في العاصمة السويسرية جنيف، أن اثنين من الشركات السويسرية العاملة في مصر، تقوم بإجراء تجارب سريرية فى مجال أدوية سرطان حديثة تستخدم في مصر.