الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"امرأتنا في الشريعة والمجتمع".. أفكار الطاهر الحداد تشكل دستور تونس

امرأتنا في الشريعة
امرأتنا في الشريعة والمجتمع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توجهت أنظار العالم العربي إلى التغييرات الاجتماعية والمكتسبات التي حصلت عليها المرأة التونسية خلال الفترة الماضية بعد دعوة الرئيس القائد الباجي السبسي بإعادة النظر في بعض المسائل التي رأي أنها غير مناسبة لروح العصر مثل المساواة بين المرأة والرجل في الميراث وزواج المسلمة من غير المسلم..ومن قبلها ناقش البرلمان التونسي قانونا لمنع العنف ضد المرأة تمهيدًا لإقراره، كما يمنع بموجب القانون تعدد الزوجات، هذه المكتسبات كلها التي ميزت المرأة التونسية عن نظائرها في عدد من الدول العربية،تعد إستكمالًا لمسيرة بدأت قبل 85 عاما، بدأها الطاهر الحداد في صفحات الجرائد وجمعها بعد ذلك في كتاب"إمراتنا في الشريعة والمجتمع" الذي أصدره في 1930.
دعا الحداد في كتابه لتحرير المرأة المسلمة من العادات الظلامية والمورثات البالية التي تظلم المرأة والمجتمع.
قسم الحداد كتابه إلى قسمين، الأول تشريعي والثاني اجتماعي. وسلط الحداد الضوء في القسم التشريعي على ما وصفه بالتدرج في الشريعة الإسلامية، أى أن الإسلام حينما شرع هذه الحقوق للمرأة لم يكن يريد أو يقصد أن يقف عندها، وإنما كان غايته أن يمهد بها إلى المساواة التامة بين الرجل والمرأة، ولكن المسلمين بسبب ظروفهم التاريخية فيما بعد قد وقفوا في طريق التطور، بل أرجعوا المرأة إلى الوراء.
طبق الحداد نظريته في التدرج هذه في قضايا الميراث وتعدد الزوجات والمساواة بين الرجل والمرأة، ومن بين الحقوق التي يستعرضها الحداد هو حقوق المرأة المدنية، وأهلية التصرف،وحرية اختيار زوجها، والمطالبة بمنع تعدد الزوجات هذه العادة التي يؤكد الحداد بأنها وجدت قبل الإسلام، فجاء الإسلام وهذبها ووضع شرط لها إلا وهو التحديد بأربع نساء ووضع شرط قاسي لتحقيقه وهو العدل.
هذه الأراء التي تعتبرها حداثية وثورية في عصرها أثارت حفيظة رجال الدين في المجتمع التونسي بسبب نظريته في تدرج التشريع وموقفه حول ثبات وتغير بعض أحكام هذا التشريع، حيث نبه الحداد إلى ضرورة التفرقة بين الأحكام الجوهرية الخالدة بخلود الإسلام وبين أحكام عرضية أوجبتها الظروف ولم تكن غرضا من أغراض الدين ومن بينها حقوق المرأة.
انعكست هذه الأراء على القانون التونسي الذي صدر في 1957 حيث أقر بأهلية المرأة لتزويج نفسها مما يستحيل معه عضلها عن الزواج أو تزويجها دون رضاها، كما منع تعدد الزوجات لضمان استقرار الأسرة كما أقر الطلاق القضائي حتى لا تطلق يد الرجل في التطليق مع إقرار إجراءات مصالحة قضائية 
كما أنتهت إلى القوانين التي أقرت المساواة بين الجنسين في التمتع بحق التعليم المجاني والإجباري منذ سنة 1958، وانتهت إلى القانون الانتخابي الذي أقر حق المرأة في أن تكون ناخبة ومنتخبة منذ السنوات الأولى للاستقلال، وانتهت إلى قانون الشغل والوظيفة العمومية الذين لا يقران أي تمييز في الاجور أو الامتيازات بين المراة والرجل بل ويقران عديد الامتيازات للمرأة.
أما في القسم الاجتماعي يتحدث الطاهر الحداد عن كيفية تثقيف المرأة لكي تكون زوجة وأما صالحة. يضع الحداد في هذا القسم مخططا تعليميا خياليا بالنسبة إلى ذاك العصر،إذ يستهدف تربية الروح الدينية في المرأة وتهذيب ذوقها وتكوين عقلها وتدريبه على الصواب، وتنشيطه بالألعاب الرياضية. وتمنى الحداد في دعوته أن تصل المرأة إلى التعليم العالي، هي دعوة لم يتبناها إلا قليلون ممن دعوا إلى تحرير المرأة ممن توفقت مطالبهم عن حد تعليم المرأة القراءة والكتابة، ومن بينهم "قاسم أمين" وتعد نبوية موسي هي الوحيدة التي دعت إلى وصول المرأة إلى أعلى درجات العلم وأن تناقض ذلك مع أرائها الخاصة بتعليم أبناء الطبقات العليا فقط وهم بدورهم سيتولون رعاية الطبقات الفقيرة.
واختتم الحداد كتابه بالدعوة إلى منع احتجاب المرأة في المنزل والمطالبة بخروجها للتعليم والعمل، فهو في رأيه وسيله لتطوير المرأة وإعدادها الإعداد اللائق الذي أشار إليه الإسلام وحدد إطاره.