الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

البطريرك الماروني: نحن مدعوّون لنجدد العزم بقوة دماء شهدائنا

 البطريرك الماروني
البطريرك الماروني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الالهي بدعوة من رابطة سيدة ايليج، في كنسية سيدة ايليج سلطانة الشهداء، احتفالًا بسنة الشهادة والشهداء، وبذكرى 630 سنة على استشهاد البطريرك جبرائيل حجولا. وألقى الراعي عظة بعنوان:"حبّة الحنطة إذا وقعت في الأرض وماتت، أتت بثمر كثير" (يو12: 24)، وقد جاء فيها:
ومن بين هؤلاء الذين نهجوا نهج حبّة الحنطة البطريرك الشهيد جبرايل حجولا الذي نحيي ذكرى استشهاده الستماية والثلاثين؛ وشهداء الإيمان والوطن. كلّهم أثمروا الثّمار الوفيرة في حياة كنيستنا ووطننا. من هذه الثمار حماية وجودنا وتاريخنا وكرامتنا، والنّمو والازدهار على كل صعيد. لكن استشهادهم بإراقة دمائهم على مذبح الإيمان والكنيسة والوطن، والوفاء لذكراهم، كما نحن فاعلون الآن، يستدعيان منّا أن نعيش حياة روحية وأخلاقية وسياسية وثقافية تليق بالثمن الغالي الذي دفعوه عنّا ومن أجلنا، وهو ثمن دمهم الذي لا يُعوّض.
انّ شهداؤنا الذين نحيي ذكراهم في هذا المكان المقدس مع الكثيرين من أمثالهم ورفاقهم على أرض لبنان كافة، وقدّموا دماءهم ذودًا عن لبنان في الحرب اللبنانية الأخيرة، هم أيضًا حبات حنطة أثمرت خلاصًا لوطننا وشعبنا ولنا. فلا يسعنا إلا إلانحناءة أمام ذكراهم جميعًا، مع الإقرار بأنّهم ماتوا لنحيا. وفي هذا فخرهم ومجدهم وعزاء أهلهم وعائلاتهم. 
فالبرّغم ممّا أحرز لبنان من ازدهار ونمو من جهة، ومن حالات التراجع السياسي والاقتصادي والمعيشي، من جهة أخرى، ومن مظاهر الفقر والحرمان والحاجة عند أكثر من ثلث اللبنانيين من جهة ثالثة، فإنّنا مدعوّون لنجدّد العزم والعزيمة بقوة دماء شهدائنا، فنضحّي بما يلزم كي نحافظ على وديعة وطننا لبنان. فلا يكون أرضًا للهجرة أو للبيع أو للاهمال أو أرضًا سائبةً للطامعين. فعلى أرضه المروية بدماء شهدائنا، وعرق جبين أجدادنا ودموعهم، كتبنا تاريخنا ورسمنا هويتنا وحددنا رسالتنا.
وإنّني من سيدة إيليج وما تعني، أوجّه معكم النّداء إلى الجماعة السياسية عندنا لتصحّح ممارستها السياسية. فدماء شهدائنا تستصرخ ضمائرهم ليكونوا على مستوى التحديات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية. ندعوهم للمحافظة على لبنان بخصوصياته وميزاته بين بلدان المنطقة، وفقًا للميثاق الوطني والدستور، بغنى تنوعه الديني والثقافي ضمن إطار الوحدة الوطنية، وبنظامه الديمقراطي، وبميزة المشاركة المتساوية والمتوازنة في الحكم والإدارة بين المسيحيين والمسلمين، وبأهميّة حياده وتحييده عن الصراعات والتدخلات الإقليمية والدولية، ليكون فاعل استقرار وسلام والمدافع عن قضايا المنطقة، ومكانًا للقاء الأديان والثقافات والحضارات.
كما ندعوهم لبذل الجهود في إطلاق النهوض الاقتصادي بكلِ مكوِناته، وإيجاد فرص عمل لشبابنا وقوانا الحية، ودعم خزينة الدولة، والتخفيف من عبء الدين العام، وقيام الدولة بإيفاء مستحقاتها المالية للمؤسسات الاستشفائية والتربوية والاجتماعية.
وندعوهم لتوحيد القوى والسبل من أجل تحقيق عودة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم وممتلكاتهم، استرجاعًا لحقوقهم بحكم المواطنة، والتزامًا بإعادة بناء بيوتهم، وحفاظًا على ثقافاتهم وحضاراتهم. بعودتهم يسلم لبنان من الأخطار الجسيمة التي تتهدّد أمنه واقتصاده واستقراره السياسي وثقافته، والتي تتسبّب بارتفاع عدد العاطلين عن العمل، وبفتح باب الهجرة المميت.
انّ لبنان يحتاج إلى بزوغ فجر جديد من القوى السياسية المسؤولة والواعية والملتزمة. هذا ما نرجوه عبر الانتخابات النيابية الفرعية والعامة، وفقًا للدستور، قبل حلول شهر أيار المقبل، آملين أن تعطي هذه الانتخابات بلادنا وجوهًا جديدةً تكون على مستوى تطلّعات الشّعب اللّبناني، والتّحديات الراهنة، وحاجات الدولة والوطن.
نلتمس ذلك من جودة الله وعنايته، بشفاعة أمنا مريم العذراء سيدة إيليج، وبحق دماء البطريرك الشهيد جبرايل حجولا، وسائر شهدائنا، شهداء الإيمان والوطن.