الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أصول الدولة المهدرة.. مدينة الإنتاج الإعلامي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر كانت لديها رؤية للإعلام فى المستقبل فكانت أول دولة فى المنطقة تمتلك قناة فضائية، وتطلق قمرا صناعيا، وتنشئ مدينة للإنتاج الإعلامى أطلق عليها «هوليوود الشرق»، وهى بالفعل كانت كذلك وقت افتتاحها واستمرت لسنوات عدة تسيطر على الإنتاج الفنى والإعلامى حتى ثورة يناير عام ٢٠١١.
حينما فكرت الدولة فى إنشاء مدينة الإنتاج الإعلامى كانت تهدف إلى السيطرة على الفضاء وريادة الإعلام العربى، وقد تحقق ذلك وأكثر؛ حيث كانت سببا رئيسيا فى انتعاش مدينة ٦ أكتوبر، وأن تدب فيها الحياة، وجعلت لها سعرا وقيمة، والأمانة تقتضى أننى سمعت هذا الكلام بنفسى من صفوت الشريف وزير الإعلام الأسبق.
ولكن للأسف الشديد حال المدينة فى الإنتاج الإعلامى والدارمى أصبح «لا يسر عدو ولا حبيب»؛ فعلى مستوى الدراما مثلا فى رمضان الماضى فقط، القطاع الخاص أنفق أكثر من مليار جنيه فى إنتاج المسلسلات، نصيب المدينة منها لا يُذكر؛ فمعظم التصوير كان خارج البلاد أو داخلها ولكن فى استوديوهات خاصة، أما على مستوى الإعلام؛ فقنواتنا الكثيرة فشلت فى كل المعارك الإعلامية التى تعرضت لها مصر، وكان آخرها معركة تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش»؛ لأننا مصممون أن نتحدث مع أنفسنا ولا نخاطب العالم بلغته.
مدينة الإنتاج الإعلامى بطاقاتها وإمكانياتها كافة، الوكيل الرئيسى للخدمات الإنتاجية بمصر، هذا بالإضافة إلى إمكانياتها التى لا تعد ولا تحصى من مواقع تصوير تمثل مختلف العصور التاريخية؛ حيث تضم مجموعة كبيرة من الاستوديوهات أصبحت مهجورة وخاوية على عروشها.
المدينة مقامة على مساحة ٣ ملايين متر فى موقع يعتبر الأعلى سعرا فى مصر حاليا، والقيمة الفعلية للأرض والمبانى والاستوديوهات تقدر بعشرات المليارات، لو فكرت الدولة فى إنشائها من جديد لن تستطيع، فليس لديها أموال لذلك.
منذ ثورة يناير المدينة تحقق خسائر كبيرة نظرا لظروف البلد السياسية، ولكن هذا العام فقط حققت أرباحا تقدر بـ ٥٠ مليونا، حسبما أعلن رئيسها الأستاذ أسامة هيكل، الذى يحسب له أنه استطاع إيقاف نزيف الخسائر وحولها إلى أرباح، وإن كانت ضئيلة جدا ولكنها خطوة يجب أن تتبعها خطوات كثيرة، خاصة أن الـ٥٠ مليونًا هى عائد إيجار الاستوديوهات للقنوات الفضائية، أما إمكانيات المدينة الضخمة فتعتبر أصولا مهدرة على الدولة.
لن أعقد مقارنة مع مدينة هوليوود فى أمريكا؛ لأنها سوف تكون ظالمة، ولكن قد لا يعلم أستاذ أسامة هيكل أن مدينة السينما فى دولة المغرب الشقيق تحقق ٢ مليار دولار عائدا سنويا، وهى ما زالت ناشئة وتجذب صناع السينما فى العالم، حتى أفلام الحضارة المصرية يتم تصويرها هناك، كما أن استوديوهات «عجمان» كانت بداية نهضة الإمارات، أما «عائد هوليوود لأمريكا قد يتجاوز الناتج القومى المصرى كله»..
إدارة مدينة الإنتاج الإعلامى لو فكرت فى شراء «طفطف»، وقامت بتحصيل عشرة جنيهات فقط من المواطنين مقابل جولة فى استوديوهاتها (المهجورة)، سوف تحقق مليار جنيه أرباحًا، وتجنى مثلها إذا أعادت تشغيل الماجيك لاند (الدولفين)، وسوف تكون المدينة فى برنامج رحلات المدارس والجامعات والمواطنين؛ خاصة أنها فى موقع متميز بجوار «دريم بارك» و«مول مصر» أكبر مول فى المنطقة، وأيضًا أهرامات الجيزة وسواقى الفيوم..
بالمناسبة البطريق والتزلج على الجليد فى «مول مصر» سوف يحققان دخلا قد يفوق الـ ٥٠ مليون جنيه عائد مدينة الإنتاج الإعلامي.
والتى تحتاج إدارة إلى فكر استثمارى وأتمنى أن يفعلها أستاذ أسامة هيكل فى الاستعانة بأصحاب الخبرة الاقتصادية التى تستغل كل كبيرة وصغيرة حتى أسوارها الممتدة على طريق الواحات يمكن الاستفادة منها فى أنشطة تجارية وإعلانية.
لماذا نرتضى بالفتات طالما أن لدينا الإمكانيات أن نصل إلى السحاب؟!