الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

ضعف تعاون الأجهزة الأمنية.. وانتشار المراكز الإسلامية.. وتراجع المواجهة الفكرية.. أبرز إشكاليات مكافحة الإرهاب في أوروبا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كشفت العمليات الإرهابية المتعددة والمتعاقبة في أوروبا، والتي كان آخرها حادث تفجيرات محطة مترو غرب لندن، الجمعة الماضية، والذي من المحتمل أن يكون حادثًا إرهابيًا، عن قصور واضح في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف في هذه المنطقة من العالم، بعد أن اقتصرت المواجهة على توسيع دائرة الاشتباه والتوقيف للعناصر المشتبه بها، والتي بلغت ذروتها في بريطانيا لتصل إلى اعتقال 379 شخصًا متهمين في قضايا تتعلق بالإرهاب، خلال العام الماضي فقط، وهو رقم قياسي إذا ما قورن بسنوات أخرى وبلدان أوروبية عديدة.


ويرجع القصور الأوروبي في التعامل مع الإرهاب لأسباب عديدة؛ أهمها: التوظيف السياسي للجاليات المسلمة في أوروبا خلال العمليات الانتخابية، التي تعتمد على حصد أكبر عدد من الأصوات بغض النظر عن انتماءات أصحابها، مما يدفع اليمين الأوروبي المتطرف أحيانًا لاستمالة أعضاء هذه الجاليات، في إطار التدافع السياسي الذي يحدث بين الأحزاب والمنظمات الأوروبية المختلفة، التي يدعم بعضها التنظيمات الإرهابية للقيام بعمليات ضد الدولة، بحجة معارضة هذه الأحزاب السياسية للحكومة في إحدى الدول الأوروبية، كنوع من النكاية فيها، دون إلحاق الضرر بهذه الأحزاب من الناحية القانونية.

في مقابل ذلك تسعى التنظيمات الإرهابية تجنيد عناصر أوربية تعمل كذئاب منفردة غير متصلة بشكل مباشر بهذه التنظيمات للقيام بالعمليات المختلفة، ويكونون غالبًا على درجة كبيرة من الجهل بالإسلام والتحمس لنصرته في آن واحد، بسبب حداثة عهدهم بهذا الدين، حيث إن التطرف اليميني في أوروبا والتطرف الإسلامي كلاهما وجهان لعملة واحدة، والانتقال من التطرف إلى التطرف أسهل من الانتقال من التطرف إلى الاعتدال.


وقد أشار الأزهر الشريف في تقارير سابقة إلى أن إشكالية التطرف الإسلامي في أوربا ترجع بالأساس إلى عدم الاندماج في المجتمعات الأوروبية، مطالبًا المسلمين في أوروبا بتحقيق الاندماج داخل مجتمعاتهم بما لا يتعارض مع مبادئ دينهم، ويحفظ لهم تمسكهم بهويتهم الإسلامية، حيث لا يتعارض الاندماج والتعايش السلمي مع الاحتفاظ بهذه الهوية.

وعلى الرغم من عدد الموقوفين على ذمة قضايا تتصل بالإرهاب في أوروبا، إلا أن المحاكمات تسفر عن تبرئة الكثير منهم، ففي بريطانيا، لم تصدر أحكام قضائية بالإدانة إلا على 28 متهمًا من بينهم 7 متهمين تمت تبرئتهم من اتهامات الإرهاب، من إجمالي 79 متهمًا، حوكم من بينهم 31 متهمًا فقط.

ويشكل الإرهاب المحلي داخل الدول الأوروبية تحديًا خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، حيث إن 74 بالمئة من المتهمين في قضايا إرهابية ببريطانيا خلال العام الماضي كانوا من ذوي الجنسية البريطانية، في حين يشكل أيضًا المهاجرون تحديًا إضافيًا، لا سيما من دول الجزائر وباكستان والعراق وأفغانستان وإيران والهند، بعد أن تصدر المهاجرون من هذه الدول قوائم المتهمين بجرائم إرهابية خلال الفترة بين عامي 2001 و2016.


ويشكل "العائدون من داعش" من أصول أوروبية تهديدًا أمنيًا يفوق قدرة الأجهزة الأمنية على مواجهته، لا سيما بعد نقل مسرح عمليات تنظيم الدولة الإسلامية المزعومة في العراق والشام «داعش» إلى أوروبا، مستخدمًا بذلك استراتيجية التجنيد بالتوحش، لجذب المتطرفين الإسلاميين في أوروبا الذين تجذبهم وحشية «داعش»، ويزداد الخطر مع تزايد العناضر المنضمة لمناطق التوحش في العراق وسوريا أضعاف ما كانت عليه مع بداية نشأة التنظيم.

ومع تراجع التنظيم في واستمرار معارك التحرير في مناطق سيطرته، ستعاني أوروبا من "الإرهاب المرتد" الذي تم تصديره منذ سنوات إلى المنطقة العربية، حيث تعد الدول الأوروبية الأكثر تصديرًا للدواعش، وهو ما سيرتد إليها بشكل ملحوظ خلال الفترة المقبلة.

وتمثل سجون المتطرفين في أوروبا بيئة مواتية لنمو العنف والإرهاب، بسبب حفاظ هؤلاء المتطرفين على بنيتهم التنظيمية والفكرية داخل سجنهم، ليتحول ذلك الإرهاب الفكري إلى إرهاب عملي بعد خروجهم، خاصة أن عدد المساجين المتطرفين في أوروبا ارتفع خلال العشر سنوات الماضية ليصبح 12255 سجينًا –حسب صحيفة "الدايلي ميل البريطانية".

ومن أهم إشكاليات مكافحة التطرف في أوربا هو اعتماد بعض الدول الأوروبية على استراتيجية احتواء الإسلاميين وفي القلب منهم جماعة الإخوان المسلمين، لتحقيق أغراض سياسية، باعتبارها الأكثر اعتدالًا –حسب اعتقادعم- ليواجهوا بها المتطرفين في الغرب، مثلما حدث في ألمانيا التي بها أكبر المراكز الإسلامية التي تفرخ الإرهاب والتطرف، وتنتشر في أكثر من 30 دولة ألمانية، وأبرزهم المركز الإسلامي في ميونخ.

كما تتأثر مكافحة الإرهاب في أوروبا بدرجة التعاون الأمني بين أجهزة الدول الأوروبية المختلفة وقوانين كل دولة، حيث ترتبط هذه الأجهزة مع مكافحة الإرهاب بعلاقة عكسية مع الإرهاب، وطرية مع مكافحته، بمعنى أنه كلما زادت درجة التعاون بين هذه الأجهزة كلما قل انتشار الإرهاب والتطرف في أوروبا، وزادت مكافحته.