الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

المصلح جان نوكس.."إنسان مع الله هو دائمًا الأكثرية"

المصلح جان نوكس
المصلح جان نوكس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المصلح جان نوكس هو من أقوى وعاظ عصره. يجمع في شخصه تناقضات كثيرة. ولد نوكس عام 1514 في ادنبرج في سكوتلندا. درس اللاهوت، ثم رسم كاهنا عام 1536. 
تأثر بأفكار بعض الذين قبلوا الإصلاح الإنجيلي ومنهم المصلح توماس جيوم. إلا أن التأثير الأكبر على نوكس كان، عبر المصلح الواعظ جورج ويشرت الذي عرف بوعظه المؤثر وتعليمه لعقائد الإصلاح. 
فصار نوكس مرافقا له، ينتقل معه أثناء وعظه في سكوتلندا، عندما انزعج الكاردينال بيتن من الواعظ ويشرت، أرسل مجموعة لتلقي القبض عليه. فتمسك نوكس بالواعظ، ولم يرد أن يتركه يعتقل، فقال له صديقه "ارجع الى صوابك يا جورج، الله يباركك، يكفي تقديم ذبيحة واحدة اليوم"، ذهب نوكس إلى إنجلترا في فترة حكم الملك البروتستنتي إدوارد الذي ساهم في دخول أفكار الإصلاح إلى البلاد.
إن طبيعة الإصلاح الذي دخل إنجلترا، كان أقل راديكالية من الإصلاح في الدول الأوروبية الأخرى، عمل نوكس كواعظ في كنيسة إنجلترا، وخدم في كنيسة القديس نيقولا في نيوكاسل. 
كما عمل كراع روحي للملك، أظهر مواهب مميزة جدًا في وعظه استرعت انتباه الناس، خدم خمسة سنين كواعظ في إنجلترا، وعندما تربعت الملكة ماري على العرش، بعد الملك إدوارد، اضطهدت الإنجيليين، وقتلت عددًا من الرعاة، ومنعت المظاهر الإنجيلية، فهرب جان نوكس من إنجلترا، وتوجّه إلى جنيف، حيث المصلح جان كلفن، ومن هناك، تلقى في العام 1554، دعوة من كنيسة الجالية الإنجليزية اللاجئة في فرانكفورت، ليكون احد رعاتها. فقبل الدعوة.ومع أنه لم يكن مرتاحا كثيرا للعمل في كنيسة انجلترا بسبب الليتورجيا (نظام العبادة والعقيدة) التي اعتمدتها. اذ كان عليه استخدام كتاب الصلاة العامة. 
إلا أنه وبتشجيع من كلفن بقي يخدم في الكنيسة، وعندما قدم أحد الذين شاركوا في وضع كتاب الصلاة العامة، وصار يشدّد أكثر على الليتورجية، لم يعد يحتمل نوكس هذا الأمر، فترك وهكذا انفصل عن كنيسة إنجلترا نهائيا، ثم عاد ثانية إلى جنيف وعمل كراع في إحدى كنائس جنيف إلى جانب كلفن. 
وبعد تغيّر الحكم في إنجلترا، وتوالت على العرش الملكة اليزابيت البروتستانتية، دعت الملكة اليزابيت المصلح جان نوكس، للعودة إلى مسقط رأسه سكتلندا، فلبّى الدعوة. 
وقد لاحظ تغييرًا إيجابيا كبير في سكوتلندا لصالح قبول مبادئ الإصلاح، فاستأنف وعظة المميز، ولكن بسبب قساوة وعظة وفظة كلامه، شعر بعض الأساقفة بالإهانة، فاستدعوه إلى محكمة ادنبرج، فأتى مرافقًا بعدد كبير من المناصرين النافذين، إلى المحكمة. ولما رأى الأساقفة هذا التأييد الكبير له، غضّوا النظر عن محاكمته. وهكذا أكمل نوكس الوعظ علانية في ادنبرج. ثم أرسل رسالة إلى ملكة سكوتلندا، داعيًا إياها إلى تبني الإصلاح، وإلغاء الهرمية في الكنيسة. 
بعدها، شعر نوكس، أن من واجبه العودة إلى جنيف، تلبية لدعوة كنيسة ضمت لاجئين إنجليز وإيطاليين، ليكون راعيا لها. 
وهكذا رجع عام 1556 مع عائلته إلى جنيف، وعاش مدة سنتين وصفهما بأنهما كانتا أسعد سني حياته. 
تأثر نوكس بالعمل العظيم والخدمة الكبيرة التي كان يقيمها كلفن في جنيف، ووصف جنيف، بأنها "مدرسة المسيح الأكثر كمالا على الأرض، منذ أيام الرسل"، وعظ 3 عظات في الأسبوع، دامت كل عظة أكثر من ساعتين، واستخدم برنامج عبادة أعده، هو وبعض الرعاة.
 وصف المصلح جان كلفن نوكس، بأنه أخ يعمل باندفاع من أجل الإيمان. ثم عاد جان نوكس في يونيو 1559 إلى اسكتلندا، وانتخب راعيا لكنيسة ادنبرج.
 وفي العام 1560، اجتمع البرلمان الاسكتلندي، وقرّر اعتماد الإيمان الإنجيلي المصلح مذهبا للبلاد، فتم تكليف المصلح جان نوكس مع خمسة رعاة، كتابة اعتراف الإيمان الإنجيلي الاسكتلندي، فكتبوه في مدة 4 أيام. 
ثم عاد واجتمع البرلمان ثانية، وأقر اعتراف الإيمان الجديد، ووافق على تنظيم الكنيسة المصلحة، وإعداد نظامها الذي سمي، "كتاب التلمذة"، أدرك المصلح جان نوكس أهمية التعليم، وحاجة البلاد القصوى إليه، فأعطى تعليماته عام 1567 بتأسيس: مدارس في كل إبراشية، ومعهد في كل مدينة، و3 جامعات لخدمة البلاد.
أصيب نوكس بجلطة دماغية عام 1570، ومع أنه استعاد صحته جزئيا، لكنه أصرّ على الوعظ، حتى نهاية حياته، فكان يحمل إلى المنبر حملا للوعظ، أن الكتاب الرئيسي الذي كتبه جان نوكس، كان بعنوان، "تاريخ إصلاح الدين في اسكتلندا". 
في نهاية أيامه قال نوكس، "أنا متعب من العالم ومتعطش للانطلاق لأكون مع المسيح"، قبل موته كتب في وصيته قائلا "لم أفسد أحدا، لم اخدع أحدا، لم أقم باية تجارة مع أحد". 
وقبل موته طلب أن يقرأ على مسامعه بصوت عال، نصوصا من الكتاب المقدس، فقرأت زوجته نصا من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس. مات عام 1572 عن عمر 65 سنة. 
وكان فقيرا، ولشدة فقره، قرّرت السلطات دفع راتبه لعائلته لمدة سنة، وأعطت السلطات وعودا بالاهتمام بعائلته بعد موته، كتب على قبر المصلح جان نوكس هذه العبارة: "الشخص الذي لم يخف، ولم يساوم، ولم يهاب أي إنسان"، وعلى حائط الإصلاح في جنيف، وتحت تمثال جان نوكس، المحاط بثلاثة مصلحين آخرين، كتب عبارة "إنسان مع الله، هو دائما الأكثرية".