الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

د. مصطفى الفقي

الدكتور مصطفى الفقي،
الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بتتكلم جد.. سبحان الله.. معقولة، بهذه الكلمات السريعة والمقتضبة كان تعليق د. مصطفى الفقى عندما أبلغته تليفونيا قرار النائب العام بحبس الرئيس الأسبق ٤ أيام على ذمة التحقيق فى العام ٢٠١١، كان مندهشا غير مصدق.
مصطفى الفقى هو ذلك المثقف غزير المعرفة والمعلومة، تتفق أو تختلف معه إلا أنك لا يمكنك إن كنت منصفا أن تخلع عنه تلك الصفة، كما أن الله منحه ناصية الكلمة والحديث الشيق.
فاجأنى د. الفقى باتصال منه فى العام ٢٠٠٩ عندما كتبت فى عمودى اليومى فى جريدة «الدستور» واصفا إياه بأنه كبندول الساعة الذى يتحرك يمينا ويسارا دون أن يستقر فى مكانه، أعترف الآن أنى كنت قاسيا فى الوصف، لذا قال لى معلقا على ما كتبته أنه سوف يكنس السيدة نفيسة علي.
تمنيت مخلصا للرجل أن يترك ملعب السياسة وأن يبتعد عن السلطة لأنها لن تعطيه ما يريد، وأن يتفرغ لمؤلفاته، لكن لا تستطيع أن تمنع حق الرجل فى الحلم، نعم تمنى الفقى أن يكون وزيرا للخارجية وهو أهلا لها، وكان مستحقا لمنصب الأمين العام لجامعة الدول العربية لكن كان يجرى خلف الكواليس ما يقف عائقا أمام الفقى لتولى المنصب.
أذكر عندما جرى ترشيح مصر للدكتور الفقى لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية خلفا للسياسى البارز عمرو موسى أن رفض ميدان التحرير ترشيح الرجل، وقتها كانت الميادين هى التى تختار وزراء مصر ومحافظيها، بدافع العلاقة الطيبة التى تربطنى بالمثقف الفقى طلب منى أن أشرح لمن أعرفهم فى الميدان ما يجعلهم أن يتراجعوا عن رفضهم لترشحه.
كان الرجل مبالغا فى تقدير حجم تأثيرى بل علاقتى بالميدان، تلك كانت المرة الثانية التى لا يصل فيها الرجل إلى تحقيق حلمه، رغم استحقاقه الشخصى للمنصب، هذه قناعاتى الشخصية.
لمن لا يعرف الدكتور الفقى فهو ابن البلد الودود، الذى تألفه سريعا إذا رأيته للمرة الأولي، ورغم عمله داخل مطبخ رئاسة الجمهورية طوال ٨ سنوات عندما كان سكرتيرا للرئيس مبارك للمعلومات، إلا أنه لم يستطع أن يتلون بأساليب الساسة من المكر والدهاء، لذا كان سهلا على من يرغب فى إقصائه، أن يطيح به.
للدكتور الفقى عدة مؤلفات قيمة، ظنى أن هذا ما سيبقى منه، لا آراؤه السياسية، فالفقى هو ذلك الباحث الجاد فى مجالات العلوم الإنسانية والفكرية، وكان يمكنه أن يعزز إنتاجه من كتبه إلا أنه انشغل بالكثير من الأمور التى أبعدته عن ذلك.
أخيرا جاء المنصب إلى المثقف مصطفى الفقى عندما اختارته الدولة ليتولى رئاسة مكتبة الإسكندرية، المؤكد أنه لم يسع للمنصب بل ربما لم يفكر فيه، لكنه اختيار صادف أهله ورحب به كثيرون لكن مشكلة المثقف مصطفى الفقى أنه ليس على وفاق مع السياسى داخله، فإذا كان من صفات الثانى أن يكون حذرا ودبلوماسيا فى كلامه، إلا أن صراحة الأول تتعارض مع ذلك ما يؤدى إلى الصدام.
كثيرة هى التصريحات التى جرت على الرجل المشاكل لكن الفقى عبر عن قناعاته كثيرا بدرجة واضحة، نتمنى ألا تؤخذ المكتبة الكثير من وقت المثقف حتى يمتعنا بمؤلفاته.