الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بورما.. والعلاج بالحماس

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بالقدر الذى نقف به احتراما وتقديرا لكل من يمد يد العون لرفع معاناة مسلمى الروهينجا فى بورما، بالقدر الذى نخشى فيه من حالة رد الفعل الانفعالى والعاطفى الذى يدعو للتسليح وإعلان الجهاد الذى هو من شأن الجيوش، لا من شأن الأفراد والجماعات، لما يتريب عليه من ضياع للأفراد، وفى الوقت نفسه يعطى الفاعل ذريعة للدفاع عن موقفه، وما زلت أذكر تلك الكلمة من الشيخ محمد الغزالي، حين استغلت جماعة الإخوان عواطف الشباب وحماسهم، فأرسلتهم للجهاد فى الأراضى المحتلة، يقول الغزالي: «لقد جند الإخوان أحسن من تصدى لقتال اليهود والدفاع عن الأراضى المقدسة، ومع ذلك فلن أنسى أبدًا تفاصيل أول معركة دارت بين شباب الإخوان ومستعمرات (سديروم)، وهى المعركة التى فقدوا فيها اثنى عشر شهيدًا من خيرة أهل الأرض إيمانًا وشجاعة، ولم تفقد فيها المستعمرة الصهيونية إلا الرصاصات القاتلة!! ولم؟ لقد رسم خطة الهجوم طفل كبير، لا يدرى من فنون القتال إلا قراءة الأوراد وإطلاق المسدسات فكان ما كان!! ويا عجبًا تعوزنا أخلاق البذل والإقدام؛ فإن وجدناها فقدنا مواهب القيادة الصحيحة، ولقد ضجت نفسى من أناس تنقصهم القدرة على إقامة حكم لأنفسهم ثم يزعمون أنهم يريدون إقامة حكم الله؟ بم؟ كيف؟ بأدوات معطوبة ووسائل مقلوبة وغرور بعيد».
إن ما يحدث فى بورما ليس الأول ولن يكون الأخير، ولا حل يمنع المعاناة إلا بأن نملك مقاليد القوة، نملكها عسكريا وعلميا وتكنولوجيا واقتصاديا..إلخ، حين نصدر الأدوية والأسلحة إلى بورما، حين نصدر لهم البترول والسيارات والملابس واللحوم والقمح والفاكهة، وحين نصدر الأطباء والمهندسين، وحين نقوم بتنشيط البحث العلمي، وتشغيل الطاقات البحثية المبعثرة، والعقول العبقرية التى أصابها اليأس والإحباط من طول الإهمال، مما آل إلى وجود جو خانق للإبداع والأمل، طارد للخبرات العلمية.
لكن كيف يتأتى ذلك وفريق من بنى جلدتنا يعملون ليل نهار على هدم الدولة ومقدراتها وإضعافها، فيضيعون الدول فى بلادهم بتحريضهم، ثم يصرخون ويتباكون على ضعف المسلمين فى مواجهة عدوهم، من خلال قنوات تحريضية ترعاها قطر وتركيا.
لكن هذا الخلل الذى جعل العقل الجمعى يعيش حالة صياح وصراخ كعادته فى مثل هذه المواقف، لا يعفى الحكومات من مسئوليتها لرفع المعاناة، ولا يعفى الأغنياء والقادرين من واجب الإغاثة من منطلق إنسانى عبر القنوات والمنافذ الآمنة، ولا يعفى كل قادر من بذل الجهد حسب استطاعته ولو بدعاء فى جوف الليل، فإن مشاهد مؤلمة نراها تهتز لها الجبال.
ثم تبقى رسائل سريعة:
١-الحكومات العربية والإسلامية: إذا كانت مطالبتكم بإعلان الحرب على بورما حماية للمضطهدين نوعا من الهزل والانفعال والحماس وهو بالفعل كذلك، فإن الاضطلاع بدور سياسى وقانونى ودبلوماسى وملاحقة المجرمين فى المحاكم الدولية والمساعدات الإنسانية هو واجبكم الذى لا مراء فيه.
٢- جماعة الإخوان: ما بذلتموه من جهود للجهاد ضد ما سميتموه «الانقلاب فى مصر» ابذلوا نصفه فقط من أجل قضية بورما، وسترون النتيجة، وكفاكم تلاعبا بعواطف ومشاعر الناس تحت مسمى الوقوف مع المضطهدين.
٣-الشباب: غيرتكم محمودة، ولكن لا تتوقفوا عند الانفعال والحماس، وأتفق مع ملحوظة لأحد العلماء من أهمية تحرى الدقة فى نشر المعلومات والصور، فقد تسبب نشر صور منقولة عن أفلام سينمائية أو عن مناطق أخرى على أنها من معاناة مسلمى بورما فى اهتزاز مصداقية القضية لدى الكثير من المتابعين، لذلك ينبغى التثبت عند نقل المعلومات والصور.