الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الانتهاكات القطرية للقانون الدولي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أظهرت التطورات الأخيرة فى الأزمة بين الدول العربية الأربع وقطر، وما سمح المقام بنشره من وثائق، انتهاكات قطرية جسيمة لقواعد القانون الدولى ومبادئه الأساسية، وهو ما سنعرض لجانب منه فى هذا المقال. 
والحق أن قطر فى دعمها للإرهاب، سواء فى ذلك الدعم المالى الذى يقدر بعشرات المليارات من الدولارات، أو الدعم العسكرى عبر صفقات الأسلحة التى تنقلها الطائرات القطرية إلى الجماعات الإرهابية المتطرفة فى ليبيا وسوريا وغيرهما، أو الدعم المعنوى والدعائى عبر وسائل الإعلام القطرية أو الممولة من قطر وعلى رأسها قناة الجزيرة، أو من خلال توفير الملاذ الآمن لقيادات الجماعات الإرهابية والمتطرفة الفارين من بلادهم والمحكوم عليهم فيها بأحكام قضائية لجرائمهم الإرهابية. أقول إن قطر فى دعمها هذا للإرهاب تخالف مجموعة كبيرة من قواعد القانون الدولى ومبادئه الأساسية.
ويمثل هذا الدعم القطرى للجماعات الإرهابية المتطرفة مخالفة صارخة لأحد أهم مبادئ القانون الدولى المعاصر، وأعنى مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى، وهو المبدأ الذى نصت عليه المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة حين قررت فى فقرتها السابعة عدم جواز التدخل فى الشئون الداخلية للدول الأخرى بالنص على أنه «ليس فى هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل فى الشئون التى تكون من صميم السلطان الداخلى لدولة ما». وهو المبدأ الذى تلتزم به قطر، وكل الدول الأعضاء، بحكم عضويتها فى الأمم المتحدة. 
وهو ذات المبدأ الذى أكد عليه ميثاق جامعة الدول العربية بشكل أوضح حين نصت المادة الثامنة منه على أنه «تحترم كل دولة من الدول المشتركة فى الجامعة نظم الحكم القائمة فى دول الجامعة الأخرى وتعتبره حقًا من حقوق تلك الدول، وتتعهد بألا تقوم بعمل يرمى إلى تغيير ذلك النظام فيها». ويظهر من هذا النص مدى التأكيد على التزام الدول الأعضاء بعدم تدخل أى منها فى المسائل المعتبرة من صميم الاختصاص الداخلى للدول الأخرى، بما يتضمن الالتزام باحترام أنظمة الحكم المختلفة فى الدول الأعضاء وعدم اتخاذ أى عمل يرمى إلى تغيير أنظمة الحكم القائمة. ولما كانت قطر عضوًا فى جامعة الدول العربية، فهى ملتزمة بنص هذه المادة فى علاقتها بباقى الدول الأعضاء فى الجامعة. 
وواقع الأمر أن الوثائق تثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن قطر قد دعمت جماعات المعارضة المسلحة والمتطرفة فيما قامت به من أعمال إرهابية فى كل من مصر وليبيا وتونس والعراق وسوريا واليمن ولبنان والبحرين والسعودية والإمارات، بهدف تغيير نظم الحكم فى هذه الدول، وهو شأن داخلى بحت فى مفهوم ميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية. ليس هذا فحسب، بل لقد أدى الدعم القطرى لهذه الجماعات إلى حروب أهلية طاحنة فى بعض هذه الدول، أو ساهم فى استمرارها وتصاعدها، كما هو الحال فى كل من سوريا وليبيا والعراق واليمن، الأمر الذى ترتب عليه خسائر بشرية ومادية فى غاية الخطورة والجسامة، فدمرت مدن بأكملها، وقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وشرد أو نزح عن مكان إقامته أو هاجر خارج بلاده ملايين البشر فى هذه البلاد المنكوبة بالتدخل القطرى السافر والمستتر. 
ولقد دأبت الأمم المتحدة على الإدانة الكاملة للدول التى تمارس الإرهاب، وألقت التزامًا على عاتق الدول الأعضاء فيها بالامتناع عن دعم الأنشطة الإرهابية أو التحريض عليها أو تيسيرها أو تمويلها أو التغاضى عنها، وباتخاذ كافة التدابير العملية الملائمة لضمان عدم استخدام أقاليم أى منها لإقامة منشآت إرهابية أو معسكرات لتدريب الإرهابيين، أو فى تحضير أو تنظيم الأعمال الإرهابية التى تنتوى ارتكابها ضد الدول الأخرى أو مواطنيها. فعلى سبيل المثال وفى قرارها رقم ٢٦٢٥ الخاص بإعلان مبادئ القانون الدولى المتعلقة بالعلاقات الودية بين الدول الصادر فى عام ١٩٧٠، أكدت الجمعية العامة على «واجب الامتناع عن تنظيم أعمال الحرب الأهلية أو الأعمال الإرهابية فى دولة أخرى، أو التحريض عليها، أو المساعدة أو المشاركة فيها، أو قبول تنظيم نشاطات فى داخل إقليمها تكون موجهة إلى ارتكاب مثل هذه الأعمال». 
أما مجلس الأمن فقد أكد من جانبه فى العديد من قراراته على ضرورة امتناع الدول عن تنظيم أو التحريض على ممارسة الأعمال الإرهابية على أقاليم الدول الأخرى، ففى قراره رقم ٧٤٨ لعام ١٩٩٢ بخصوص أزمة لوكيربى أشار المجلس إلى أنه «يؤكد من جديد أن من واجب كل دولة، بموجب المبدأ الوارد فى المادة ٢/٤ من ميثاق الأمم المتحدة، الامتناع عن تنظيم أعمال إرهابية فى دول أخرى، أو الحض عليها، أو المساعدة أو المشاركة فيها، أو القبول بأنشطة منظمة داخل إقليمها تكون موجهة لارتكاب مثل هذه الأعمال». هذا فضلًا عما ورد فى هذا الخصوص فى قراراته التالية لأحداث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١، لا سيما القرارين ١٣٦٨، و١٣٧٣، وأخيرًا القرار ٢٣٧٠ الصادر فى الثانى من أغسطس ٢٠١٧.