الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"علي التركي" يقدم الوصفة السحرية لـ"صناعة المواقع الإخبارية" الناجحة

كتاب يضع أسسا علمية بدلا من «الفهلوة»

كتاب صناعة المواقع
كتاب صناعة المواقع الإخبارية لـ"علي التركي"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
90% من المواقع متشابهة فى التصميم.. وأغلب المبرمجين نصابون
فرق شاسع وكبير.. بين الهواية والصناعة، بين الصحافة الورقية وبين المواقع الإلكترونية؛ بين الجانب الإدارى والتحريرى للمواقع الخبرية، بين التجديد والتقليد، بين الاحتراف والعشوائية، بين الممكن والمستحيل، بين التحديات والطموح، بين الفرص والتهديدات، بين التفكير الشاب الفتى والأفكار القديمة العاجزة المتكلسة.
الكاتب على التركى، مدير تحرير البوابة نيوز، التقط طرف خيط مأزق كبير، وقعت فيه صناعة الإعلام المصرية والعربية، فأبى أن يستمتع بتناول السمك «الصحافة»، وإنما نزل البحر ليعلمنا كيف نصطاد «الطريق إلى الاحتراف»، من خلال كتابه الأول «صناعة المواقع الإخبارية»؛ الذى صدر مؤخرا عن دار روافد للنشر والتوزيع، ليلقى ترحيبا واسعا من الوسط الإعلامى المتعطش لتطوير أدائه، ولإصدارات من هذا النوع الذى توضع فيه النقاط فوق حروف المهنة، التى تتخبط يمينا ويسارا، بعد تغير الواقع والأدوات وأساليب ممارسة الصحافة فى القرن الجديد لطغيان الشبكة العنكبوتية على جميع مناحى الحياة.

انحسار.. وانتشار
هذا الواقع الجديد؛ أدى لانحسار الصحف الورقية، وانتشار المواقع الإلكترونية التى حلت محل الصحافة التقليدية فى كل شىء، حتى أنها ورثت عنها تركة كبيرة من المشاكل التقليدية، فضلا عن المشاكل المستحدثة بسبب الوسيط المستخدم، وما يتطلبه من تعامل من نوع خاص، باعتبار ما يجرى فى إدارة المواقع الإلكترونية الآن مجرد اجتهادات لم توضع لها أسس وقواعد صارمة، كما كانت الحال فى الصحافة الورقية الراسخة والمتعارف عليها منذ قرون مضت، ومن هنا تأتى أهمية هذا الكتاب «صناعة المواقع الإخبارية».
بداية الطريق
يضع على التركى؛ لبنة أولى يجب أن يستتبعها العديد من البناء اللاحق عليها لتكتمل القواعد الأساسية لهذه القضية الإعلامية المهمة، وهو ما يعكف عليه فى الوقت الحالى، باعتبارها المشروع المهنى المهموم به، بعد أن سبق الكتاب سلسلة من المقالات المهمة التى نشرها فى «البوابة» واشتبك خلالها مع الكثير من المشاكل التى شغلت الوسط الإعلامى خلال الأشهر الماضية.
معلومات وافية
ينقسم الكتاب إلى أربعة فصول، تغطى أربعة جوانب مما يحتاجه تأسيس أى موقع إخبارى، وهى الجانب الإدارى، الجانب التحريرى، الجانب التقنى، الجانب التسويقى، وتحت هذه الخطوط العريضة تندرج الكثير من التفاصيل الفرعية، وعلى كل الأحوال جاء الكتاب رشيقا سريعا متدفقا متنوعا يتميز بالجدة والحدة والوضوح فى التناول، يمنحك المعلومات الوافية دون إسهاب أو تطويل، ورغم ضخامة الكتاب الذى جاء فى ٥٠٠ صفحة، إلا أنه كتاب ثرى بالمعلومات والتوضيحات والرسومات التوضيحية، وكأنه يستخدم فى الكتابة الآليات نفسها الجديدة فى الصحافة، والتى دعا إلى تطبيقها بالمواقع الإلكترونية، فى رسالة غير مباشرة، إلا أن القارئ العادى يمل من المطولات المكتوبة ومن الطريقة التقليدية فى الكتابة.

الجانب الإدارى
ويعد الفصل الأول المتعلق بالجانب الإدارى من أهم الفصول وأكثرها أهمية للعاملين فى الحقل الصحفى، نظرا لأنه يتعلم بالإدارة، ووضع الأسس التى ينبنى عليها الموقع الإلكترونى، وهو جانب مجهول للكثير من الصحفيين لأن جل اهتمامهم منصب على الجانب التحريرى دون التطرق إلى علم الإدارة، ومن هنا تأتى أهمية هذا الفصل الذى يكسب من يهضمه خلفية ولو مبدئية عن تأسيس الموقع ومتطلباته الإدارية، خاصة أن المؤلف قسمه إلى أربعة فصول، أولها تحليل السوق، وهو نقطة الانطلاق لإنشاء أى موقع إخبارى أو عملية تطوير لموقع قائم بالفعل، وهو يتطلب الإجابة عن عدة أسئلة، حول سبب إنشاء الموقع والأهداف الحالية والمستقبلية للموقع، ودراسة القدرة على التمويل ودراسة موقع الموقع من السوق ونوع المحتوى الذى سيتم بثه، والوسائل التى سيتم بها تسويق الموقع، وغير ذلك من الأسئلة التى تساعد على بلورة صورة مكتملة حول خطة إدارة الموقع، ويعتمد تحليل السوق على دراسة العوامل الإيجابية فى البيئة الخارجية والبيئة الداخلية لمعرفة الفرص ونقاط القوة، ثم التهديدات ونقاط الضعف.
وفى الفصل نفسه، يوضح المؤلف كيفية القيام بالتحليل، وكيف نبحث في تعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة داخل سوق المنافسة فى مجال الصحافة الإلكترونية، واستكشاف الجوانب المهملة فى المواقع الإلكترونية الأخرى للاهتمام بها، وإيجاد ثغرة يمكن استغلالها لاحتلال مكانة خاصة فى سوق المنافسة، وكيفية دراسة فرص السوق المستهدفة لتحقيق النجاح المطلوب، وكذلك شرح الكاتب كيفية دراسة المخاطر والتهديدات التى قد تؤثر على الموقع وتعرقل تقدمه أو تهدد بقاءه، أو توقف عمليات التطوير فى المستقبل القريب أو البعيد.

ضرورة التخطيط
وفى فصل التخطيط، يوضح «التركى» ضرورة تحديد أهداف الموقع بوضوح وبشكل مرتب ومركز حسب الأولوية حتى لا تتبدد الطاقات، ويضيع الوقت دون إنتاج حقيقى، مشيرا إلى أن الأهداف العامة للمواقع الإخبارية على اختلاف مضامينها ٣ مستويات، أولها: الأهداف الاستراتيجية، وهى التى تضعها الإدارة العليا للموقع «الملاك»، وغالبا ما تتمثل فى تأييد النظام الحاكم أو معارضته، أو تبنى سياسة اقتصادية أو أفكار ما يراد ترويجها، وثانيها: الأهداف التكتيكية، والتى تقوم بها إدارة التحرير ثم تعرض على ملاك الموقع وتتسم بالمرونة، ويغلب عليها التحديد، ويتم تطبيقها عبر الاجتماعات اليومية والأسبوعية وأسلوب معالجة الموضوعات الصحفية، وثالثها: الأهداف التشغيلية، وهى الأهداف المتعلقة بأقسام بعينها ويشارك فى صياغتها رؤساء الأقسام وتعرض على إدارة التحرير، وليست متعلقة بالإدارة العليا الممثلة فى ملاك الموقع وتكون قصيرة الأجل ومحددة الفترة الزمنية.

الجانب التحريرى
وأما الجانب التحريرى، فيناقش الكتاب كيفية وضع وصياغة: «السياسة التحريرية، ودورة النشر، واجتماعات التحرير، ومصادر المعلومات، وأسلوب الكتابة، ونوعية المحتوى، ومعايير الانتقاء، وتبويبات الموقع».
ويرى المؤلف أن تحرير الأخبار هو صلب العملية الإعلامية برمتها، وهو جوهر الرسالة وملك المشروع، وبه يمكن إثارة النزعة الإنسانية لدى القراء، وبه يمكن التعبير بدقة عن السياسة التحريرية وأهداف الموقع، وهى العمود الفقرى لأى موقع إخبارى ويتوقف عليها النسبة الأكبر من نجاحه فى تحقيق أهدافه ورسالته الإعلامية، وبها يمكن التعبير بدقة عن السياسة التحريرية عبر إثارة ذهن قراء الموضوعات التى تحرك أفكارهم ووجدانهم.
وينتقد المؤلف انتشار الأخبار المثيرة والفاضحة بالعديد من المواقع، وهو ما يهدد مصداقيتها ويدفع الجمهور إلى مقاطعتها، ويستدل بما حدث إبان ثورة يناير من حالة الفوضى التى اجتاحت المواقع، وأدت إلى زيادة حدة الاستقطاب فى المجتمع المصرى، ومعه ظهرت الكثير من الأخطاء، سواء اللغوية أو السياسية أو المهنية، مؤكدا أن انتقال الذهنية الورقية للعمل فى المواقع الإخبارية أثرت بالسلب على العملية الإعلامية، لعدم قدرة البعض على التأقلم مع الوضع الجديد.

الجانب التقنى
وعن الجانب التقنى، يوضح المؤلف العناصر المؤثرة فى نجاح الموقع، بداية من اسم «الدومين»، وكيفية اختياره، والاستضافة، وضوابط التعاقد مع الشركات، حتى التصميم، وأهم المعايير التى يجب أن تتوافر فيه، والعناصر الرئيسة الداخلية، ولوحة التحكم والتطبيقات جميعا.
ويؤكد المؤلف أن ٢٠٪ من نجاح أى موقع يتوقف على حسن تصميم الموقع، ورغم أن هذه النسبة مرتفعة فإن المواقع الإخبارية فى مصر تعانى من مشكلة كبيرة فى هذا الجانب، فأغلبها يعتبر التصميم مجرد «فاترينة» لعرض المحتوى الصحفى ليس إلا، وفى مصر يعتبر البعض أن شكل الموقع يعتمد على «الفهلوة»، وهو ما جعل دور التصميم فى المواقع مقتصرا على الدور الوظيفى فقط، وإن كانت بعض المؤسسات تمكنت من تطوير الشكل والبرمجة، وبشكل عام يرصد المؤلف حالة الفقر والندرة التى يتمتع بها أغلب المبرمجين والتقنيين فى مصر مع الصحافة الإلكترونية.
ويصف المؤلف تعامل أغلب المبرمجين مع المواقع الإلكترونية بالنصب والاحتيال، حيث تباع تصميمات جاهزة لا يتعدى ثمنها ١٠ دولارات بأسعار خيالية، حتى الشركات الكبرى تغالى جدا فى المقابل المادى الذى تحصل عليه، وفوق ذلك لا يوجد خيال أو أفكار مختلفة فى التصميم والبرمجة، ولكنه نظام ثابت يتعاملون به مع أى موقع، مهما اختلفت التوجهات والأهداف، لذلك فهناك ما يقرب من ٩٠٪ من المواقع متشابهة فى تصميماتها، فضلا عن أنه يجب مراعاة أعطال الإنترنت وضعف سرعته وعدم قدرة الكثير من مستخدمى المحمول على مشاهدة الفيديوهات بسبب الخوف على الباقة، مما يتطلب مزيدا من المهارة فى التعامل مع برمجة المواقع.

التسويق ضرورة
وفى الجانب التسويقى، يستعرض الكتاب أهم طرق الترويج وجلب الزوار، وفقًا لأسلوب علمى وعملى، وإرشادات ونصائح لفريق التسويق، وكيفية التعامل مع الزائر، وإقامة علاقة صداقة حقيقية معه.
ويرى المؤلف أن التسويق بمثابة النافذة التى يخرج منها المنتج الإعلامى إلى الجمهور، وهو بمثابة «كشك» الجرائد، وهو يستحوذ على ٢٠٪ من نجاح الموقع بنسبة تتطابق مع الجانب التقنى، مؤكدا أن ٧٠٪ من التسويق يأتى عبر محركات البحث، وليس من مواقع التواصل الاجتماعى، التى أصبح لها أهمية كبرى بعد ثورة يناير، حيث انقلبت الأوضاع رأسا على عقب، وصارت تتصدر التسويق فى مصر بنسبة تصل إلى ٧٥٪، وهى نسبة ضخمة للغاية، ولكن مع مرور الوقت وتحديثات «فيس بوك» التى تقيد الانتشار وتتحكم فى معدلات وصول المنشورات إلى الجمهور، أصبح لزاما على المواقع الدفع له لجلب الزيارات وإلا فلن تحصل سوى على القليل.