الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الخُلع الأمريكاني.. حيلة الزوجات في محاكم الأسرة للطلاق

محكمة الأسرة
محكمة الأسرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
57 ٪ من الأزواج مخلوعون دون علمهم
7500 زوجة من حديثي الزواج لجأن إلى محاكم الأسرة للطلاق في ٢٠١٧
30 
من الزوجات مقيمات دعاوى الطلاق للضرر والخلع تتراوح أعمارهن بين ٢٥ و٣٠ عامًا
1990 حتى ٢٠١٣ ارتفع معدل الطلاق إلى ١٤٥٪ حسب مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية
90 % من حالات الطلاق والخلع بسبب الحماوات وفق عينة عشوائية لمكاتب تسوية المنازعات الأسرية
170 ألف حالة طلاق سنويًا في مصر وأكثر من ٩ ملايين طفل يتم تربيتهم بعيدًا عن الأبوين
2200 زوج تقدموا بشكاوى أمام مكاتب تسوية المنازعات عن تقدم الزوجات بدعاوى للخلع رغم ممارستهن علاقتهن الزوجية بشكل طبيعي مع الأزواج

فى الآونة الأخيرة أثير الجدل فى المجتمع بعد انتشار ما يسمى بـ«الخُلع الأمريكانى»، والتى يتم فيها رفع دعوى خُلع من الزوجة ضد زوجها، بعد أن قامت النساء بالتحايل على ثغرات بالقانون لتحصل على الخُلع سريعًا، عبر إعلان الزوج على عنوان السكن إداريًا فى حالة عدم وجوده بالمنزل، لكى لا تصل إليه تلك الدعاوى، وتسير إجراءات قضية الخُلع من دون علم المدعى عليه «الزوج»، رغم ممارستها لعلاقتها الزوجية بشكل طبيعى معه، وتعتبر المحكمة أن الإعلام تحقق وانعقدت الخصومة بعد إعلام الزوج مرتين.
ومنذ إقرار المادة 20 من قانون عام 2000 الخاصة بالخُلع، شهدت 6 محافظات 10 آلاف دعوى خُلع فى عامين فقط، ووصلت مؤخرًا إلى 170 ألف حالة. حيث أعلنت أحدث الإحصائيات لعام 2017، الصادرة من مكاتب تسوية المنازعات بمحاكم الأسرة، أن %57 من الأزواج قاموا بتقديم شكاوى أثناء الاستماع لهم بجلسات التسوية بمفاجأتهم بتقدم زوجاتهم لإقامة دعاوى الطلاق والخُلع دون إخبارهم رغم مكوثهن فى منازل الزوجية، الأمر الذى يطرح تساؤلات عدة، أهمها؛ هل يقع الخُلع غيابيا دون علم الزوج؟ وهل الزوجة إذا تزوجت مرة أخرى تعد زانية؟ وخصوصا أن فى يدها ورقة رسمية معتمدة تفيد طلاقها، وهل حضور الزوج أمام القضاء شرط لإيقاع الخُلع بين الزوجين؟ وما رأى الشرع فى هذه الحالة؟ وهل يجب إعلام الزوج بوقوع الخُلع بينه وبين زوجته، وفقا للظروف التى يراها القاضي؟.

فى محكمة الأسرة:
«جمال»: زوجتى خلعتنى دون علمى.. وبعد عام تزوجت عرفيًا 
التقت «البوابة» بعض حالات الخُلع من الزوجات ضد أزواجهن، أثناء تواجدنا بمحكمة الأسرة، وقمنا بالحديث معهن، وبالاستماع إلى أحد الأزواج، والتى قامت زوجته برفع قضية خُلع ضده دون علمه.
قال «جمال. س. م»، ٥٥ سنة، رفعت دعوى بطلان حكم الخُلع ضد زوجتى «آمال. م. ع» أمام محكمة الأسرة بالبدرشين، والتى حملت رقم ٢٢٨٢ لسنة ٢٠١٤، موضحًا، أن «زوجتى بعد أن قضينا معا ١٧ عامًا حياة فى منتهى السعادة، وتنازلت لها عن منزل مساحته ١٠٠ متر بالبدرشين، وتنازلت لها أيضًا عن وظيفتى بشركة المياه والشرب فرع البدرشين، لتعمل بدلًا منى باعتبارها من أقاربى، بعد حدوث بعض المشكلات بعملى، فوجئت بعد ٢٣ يومًا من رفعها قضية خُلع ضدى، والمحكمة قبلت القضية وقامت بخلعها منى دون علمى، ودون إرسال دعوى لى، وأنا لم ولن أطلقها شرعًا».
موضحًا، أنه علم بذلك من زملائها بالعمل، بعد أن فوجئ بأخذها لمستلزماتها من الشقة، ولم تعد للمنزل بعد انتهاء فترة العمل، فقام بعمل محضر ببطلان الحكم، ومجموعة من محاضر السرقة لمنزله، الذى أخذته بالقوة، وأخذت إيراد محله دون الرجوع إليه، ومحضر التزوير جاء برقم ٤٥٠٠ لسنة ٢٠١٣، مشيرًا، إلى أن القاضى لم يتراجع عن الحكم، والذى جاء برقم ١٦٠٤ لسنة ٢٠١٣، «حيث إننى لم أعلم بذلك لقد خدعتنى وبعد عام تزوجت عرفيًا من أحد الأشخاص، فهل يكون زواجها صحيحا، وأنا لم أطلقها ولم يصلنى أى إعلان من المحكمة».
وفى السياق ذاته، قالت «نهى. م»، ٣٨ عاما، صاحبة دعوى رقم ٦٥٧٨ لسنة٢٠١٧: لجأت للخُلع، وذلك بعد أن فاض بى الكيل وعشت معه حياة مريرة لأكثر من ١٠ سنوات، والقضاء لم ينصفنى فى دعوى الطلاق، والتى استمرت لأكثر من ٤ سنوات، فقمت برفع قضية خُلع، وقمت بإعلام زوجى بطريق عنوان خاطئ، كما قال لى المحامى وحصلت على الخُلع دون علمه، وكل ذلك مقابل التنازل عن حقوقى كاملة مقابل الطلاق منه، وقلت فى نص الدعوى: «أخشى ألا أقيم حدود الله».

تخشى ألا تقيم حدود الله.. شرط قبول الدعوى
ترفع دعوى التطليق للخلع، بموجب صحيفة تودع قلم كتاب محكمة شئون الأسرة، طبقًا للإجراءات المعتادة المنصوص عليها بالمادة ٦٣/١ من قانون المرافعات. 
ويجب أن تورد بها كل البيانات المنصوص عليها فى قانون المرافعات، وتثبت بها أنها تبغض الحياة الزوجية مع زوجها، ولا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما، وأنها تخشى ألا تقيم حدود الله، بسبب هذا البغض. 
وتثبت أيضًا أنها تتنازل عن كل حقوقها المالية والشرعية، وأنها ترد عليه مقدم صداقها.
رد مقدم الصداق
بموجب تلك الصحيفة السابق بيانها فى البند السابق، تدخل الدعوى حيز المحكمة، وتباشرها المحكمة، وحال مباشرتها، فعلى الزوجة أن تعرض على الزوج عرضًا قانونيًا برد مقدم صداقها وما له عليها من مال، وهذا العرض من قبل الزوجة، قد يكون قبل إقامة الدعوى أو قبل اللجوء إلى مكتب التسوية أو أثناء نظر الدعوى، إلا أن الزوجة مقيدة بأن يكون هذا العرض قبل إقفال باب المرافعة.
عرض الصلح
يراعى أنه حال كان للزوجين أولاد، فإن عرض الصلح لا يكون لمرة واحدة، بل يكون لمرتين بين كل مرة عن الأخرى فترة زمنية لا تقل عن شهر ولا تزيد على شهرين، والغرض من تلك المدة، هو محاولة من المشرع ليكون لكل من الطرفين فرصة للتروى والتدبر، فلربما عدل أحدهما عن تعنته.
حكمان للصلح
بعد أن تفشل المحكمة فى الصلح بين الطرفين، فهى ملزمة بألا تحكم بالخلع، بل عليها أن تندب حكمين لموالاة الصلح بينهما، وليس لدور هذين الحكمين إلا موالاة الدور الذى أخفقت به المحكمة/ وهى محاولة الصلح بين الزوجين، وقد حددت المادة مدة موالاة الحكمين لهذا الدور وهو لا يتجاوز ٣ شهور، وهذا موعد تنظيمى لا يترتب على مخالفته أى بطلان أو جزاء، فإذا لم يتيسر للحكمين الإصلاح بين الطرفان، حكمت المحكمة بالخلع، وهو حكم وجوبى عليها النطق به، وإذا تيسر للحكمين الإصلاح حكمت المحكمة بانتهاء الدعوى.

رأى الدين:
«عبدالجليل»: اشتراط رضا الزوج ضرورى
«هلالى»: الزوجة تتنازل عن حقوقها عند طلب الخلع
بسؤال أحد رجال الدين فى حالة الخُلع غيابيا دون علم الزوج فى حال تم التلاعب من قبل الزوجة، بإعلام الزوج على عنوان خاطئ لتحصل على الخُلع كان رده كالآتى: قال الشيخ سالم عبدالجليل، مستشار المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والوكيل السابق لوزارة الأوقاف، إن الخُلع هو باب من الأبواب التى أباح وأتاح الشرع فيها للزوجة الخلاص من هذه الزيجة، التى لا تستطيع الاستمرار فيها على وجه لا رجعة فيه إلا برضاها، وبعقد جديد، وهو أحد الحلول الشرعية للمشكلات الزوجية.
شروط الخلع
أكد أن من أهم الشروط التى تدعو لإقامة الخُلع، أن يكون هناك ما يدعو إليه، فعلى سبيل المثال، إن الزوج ضعيف الدِّين ويرتكب بعض ما حرّم الله من الكبائر، ولا تستطيع الزوجة الصبر على ذلك، كما أنها لا تستطيع إثبات ذلك لدى المحاكم، وهو لا يُريد أن يُطلّق فإنها تُخالعه. 
وفسر عبدالجليل، اشتراط رضا الزوج فى حالة رفع قضية خُلع، إن كان ابتداء فيُشترط رضاه، نظرا لعِظم حق الزوج، وإن امتنع فللقاضى أن يخلع الزوجة من زوجها ولو بغير رضاه.
رضاء الزوج
فى السياق ذاته، قال الدكتور سعد الدين هلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن الخُلع يجب أن يكون برضا الزوج وعلمه؛ لأنه شريعة الله، وهو علاج لمشكلات يتعذر معها التوافق بين الزوجين، وهو أحد جوانب العدل الإلهى للخلق، مشيرًا، إلى أن الزوجة تتنازل عن حقوقها المالية الشرعية عند طلب الخُلع، وفى المطلق إذا صدر الحكم للزوجة من المحكمة فى حالة الخُلع يعتبر هذا الطلاق صحيحًا، ونافذ الوجوب.
قضية تزوير
وأكد، أنه شاهد قضية خُلع تم رفعها دون علم الزوج، وجاءت برجل ادعى زورًا أمام القاضى أنه زوجها، واعتبارًا بأن أحكام الأركان موجودة، وهى وجود المدعى والمدعى عليه، مؤكدًا أن هذه القضية باطلة، ولا يعترف بهذا الخُلع، والذى ادعى أنه زوجًا لها زورًا فهو عليه أثم كبير، والزوجة ما زالت فى عصمة زوجها.

قانونيون:
«الباجا»: المحكمة تقضى بالخُلع حتى لو وافق الزوج على الصلح 
«مهران»: ٪20 من الأزواج اشتكوا إعلان زوجاتهم عن طريق عنوان خاطئ 
أعرب المستشار عبدالله الباجا، رئيس محكمة استئناف القاهرة، عن رفضه لتلك النوعية من القضايا، وأكد أن الخُلع قانونًا هو دعوى ترفعها الزوجة ضد زوجها إذا بغضت الحياة معه، ولم يكن من سبيل لاستمرار الحياة الزوجية، الخلع حق مقرر للمرأة مقابل لحق الطلاق بالنسبة للرجل، وبالتالى لا يتوقف الحكم بالخُلع على إرادة الزوج، ويكفى أن تقول المرأة إنها تبغض الزوج وتخشى ألا تقيم حدود الله، وتقوم برد ما حصلت عليه من مقدم المهر والتنازل عن المؤخر؛ هنا تحكم المحكمة بالخُلع، حتى لو وافق الزوج على الصلح ما دامت هى ترفضه. 
لا يعتد به
أوضح، أنه بحكم عمله وتواجده لفترة كبيرة رئيسًا لمحكمة الأسرة، إن حُكم الخلع إذا كان من دون علم الزوج يجب ألا يعتد به فهو والعدم سواء، مستنكرًا، فليس كل حكم هو عنوان الحقيقة، وفى اعتقادى أن كل امرأة متزوجة تحايلت على القضاء حتى تحصل على حكم خُلع، دون علم حقيقى من زوجها، فهى مزوِرة.
لا يجوز الصلح
أشار إلى أن الخلع من الدعاوى التى يجوز الصلح فيها، وعند رفع قضية خُلع تقوم الزوجة عملا بالمادة ٣ بتقديم طلب إجراء التسوية أمام مكتب تسوية شئون الأسرة المنصوص عليها فى قانون محاكم الأسرة بالمادة ٦ من قانون محاكم الأسرة، ويتم إخطار الزوج بمعرفة مكتب التسوية للحضور فى موعد تعلمه الزوجة، وتحضر بشخصها، ويتم محاولة التوفيق بين الطرفين فإن انتهت التسوية بقبول الزوج للخُلع تم إقرار ذلك وشموله بالصيغة التنفيذية وانعقد الخلع صلحا بين الطرفين وتنتهى إجراءات التقاضى، وإن لم يقبل الزوج وأيضًا رفضت الزوجة العدول عن مطلبها تمت إحالة الأمر إلى المحكمة لتنظر الدعوى. 
الخطوة الثانية هى تسجيل عريضة الدعوى بجدول محكمة الأسرة؛ حيث ترفع دعوى التطليق للخلع بموجب صحيفة تودع قلم كتاب محكمة شئون الأسرة، طبقًا للإجراءات المعتادة المنصوص عليها بالمادة ٦٣/١ من قانون المرافعات.
خلع من دون الزوج
على الجانب الآخر، أكد الدكتور أحمد مهران أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أنه خلال عمله المهنى شاهد وقوع حالات خُلع من دون حضور الزوج، مشيرًا، إلى أن هناك ٢٠٪ من الأزواج اشتكوا قيام زوجاتهم بإعلانهم عن طريق عنوان خاطئ لحرمان الأزواج من حقهم القانونى بالدفاع عن أنفسهم. 
إعلان الزوج
بالسؤال عما قد يراه البعض من ضرورة إعادة إعلام الزوج للدعوى المقامة ضده لأن هذا حق، أجاب المستشار أحمد مهران، أنه من المفترض إعلان الخصومة بإعلان المدعى عليه وهو الزوج، والإعلان إما أن يستلم بشخصه أو أن يكون الزوج غير متواجد بمحل الإقامة «بعمله»، وقتها يتم الإعلان إداريا عن طريق مأمور القسم بإرسال خطاب إليه من المحضرين، منوهًا، إلى أن المحضر يكتب فى الإعلان أنه أخطر الزوج عن طريق مأمور القسم؛ فالمحكمة بدورها تقوم بتأجيل إعادة الإعلان، والمحضر يخطر الزوج فى إعادة الإعلان، أنه تم إعلان الزوج عن طريق محضر القسم بأن السكن مغلق، منوهًا، إلى أنه مع الإعلان الثانى فى عقد الخصومة، والذى صدر من طريق الجهة الإدارية.
وأشار إلى أن المحكمة بهذا تعتبر الإعلان تحقق، وانعقدت الخصومة وتبدأ السير فى الدعوى، وبعدها تقدم الزوجة إعلانًا يسمى «مقدم أجرة» أى «مقدم صداق»، وترد للزوج الجنيه الذى قدمه لها، وتقدم مستنداتها للمحكمة والمحكمة تقوم بخلعها، أو إما أن تقدم مقدم الصداق أثناء الإعلان بعريضة الدعوى لعدم تأجيلها مرة أخرى، وقد حددت المادة مدة لا تتجاوز ٣ شهور، وهذا موعد تنظيمى لا يترتب على مخالفته أى بطلان أو جزاء فإذا لم يتيسر للحكمين الإصلاح بين الطرفين حكمت المحكمة بالخُلع وهو حكم وجوبى عليها النطق به.
وتابع، فإذا تنازلت الزوجة عن حقوقها المالية وردت المهر إلى زوجها، بعد أن قامت بتقديم مبررات ودوافع طلب الخُلع وإقرار منها ببغضها الحياة مع الزوج، وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما واستحالت بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، وحتى تعيين حكمين من أهلها وأهله لذلك قبل صدور الحكم، موضحًا، أن القانون لم يلزم القاضى بإنهاء دعوى الخُلع فى فترة معينة، مشيرًا، إلى أنه فى حالة رفع الزوج قضية بطلان دعوى الحكم بالخُلع ضد الزوجة، فالمحكمة تغرم الزوجة غرامة قدرها ٢٠٠ جنيه.