الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

خيري شلبي.. «فيلسوف المهمشين»

الكاتب الكبير خيرى
الكاتب الكبير خيرى شلبى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حياة الكاتب الكبير خيرى شلبى العائلية، لا تقل إثارة عما أبدعه من روايات خالدة فى الوجدان الشعبي، ذلك لأنه أحب حياة العائلة وآمن بمنطق الأسرة، ومن ثم نجح فى تكوين كيان اجتماعى متماسك، حيث يعشقه جميع أفرادها بلا استثناء، وتحرص أسرته كل عام على إحياء ذكراه، وقد حرصنا على استكشاف الجانب الخفى من الحكاء الأعظم فى تاريخ الأدب المصرى الحديث.
ابنته الصغيرة إيمان، والتى تعمل مخرجة بالقناة الثقافية فى التليفزيون المصري؛ تصف والدها قائلة: خيرى شلبى بالنسبة لى كان أبًا وصديقًا حنونًا جدًا، وكنا نسهر معا كثيرا هو للكتابة، وأنا للمذاكرة وبين الحين والحين يطلب منى إعداد كوب من القهوة المغلية أو الشاى الأخضر، وبمجرد حضورى له بالمشروب نكمل السهرة سويا فى النقاش حول العديد من الموضوعات، مثلا آخر كتاب قرأته أو الكتاب الذى يقرأه هو الآن، وأحيانا كثيرة إذا ما انتهى من كتابة قصة قصيرة يقوم بوضعها على مكتبى لحرصه الشديد على أخذ رأيي، فيما أنتهى من كتابته، وأتذكر جيدا مثلا مجموعة «أشياء تخصنا» ومجموعة «عدل المسامير» أنا من قمت بتجميعهما واختيار أسماء المجموعتين.
طقوس الكتابة
وحول لحظات الإبداع الخاصة بـ«خيرى شلبى» فى لحظات الكتابة، قالت «إيمان»: لم تكن طقوس بالمعنى الدارج، وإنما كانت لحظات خاصة جدا أحيانا يقوم من المكتب، ويقوم بعمل أى شيء ليس له علاقة بالعمل الإبداعى الذى يكتبه، وعندما أسأله يقول أنا أجهز رأسى للكتابة، مثلا كان يقوم بتثبيت زرار البيجامة، التى يرتديها ويصر على أن يقوم بهذا الفعل بنفسه، فقد كان متمكنا جدا من استخدام أدوات الخياطة، نظرا لأنه تعلم الخياطة فى صغره فى قريته «شباس عمير».
وأضافت إيمان: كان حريصا على عدم إرباك المنزل أو تغيير ما نحن معتادون عليه، وفى الحقيقة فإن كل من كانوا فى المنزل اعتادوا على أن رب البيت دائما فى حالة إبداع، فقد ربتنا أمى منذ الصغر على التحدث بصوت هادئ، واللعب دون إزعاج، ووضع الأشياء فى أماكنها، لأن أبى يحب النظام والصوت الهادئ.
صعلوك معتاد التسكع
وتابعت إيمان: خيرى شلبى كان صعلوكا معتادا على التسكع فى شوارع المدينة والكتابة على المقاهى المزدحمة والسكنى فى غرفة واحدة مع العديد من الأصدقاء، حتى عندما أصبح لديه أحفاد، وكنا نبعدهم عنه فى لحظات الكتابة، كان يرفض بشدة، بالعكس كان يحب تواجدهم حوله طوال الوقت، وكنت صغيرة جدا فى الفترة التى لجأ فيها للمقابر، وعندما سمعت بها سألته، وأجابنى أنه كان فى مرحلة يكتشف فيها أماكن وعوالم جديدة للكتابة وليس للانعزال، وهذه الفترة لم تكن طويلة كما يتصور البعض، فأنا فى وقت مبكر وأنا أرى أبى يكتب فى المنزل.
البط والملوخية
وحول الأطعمة التى كان يحرص شلبى على تناولها، قالت إيمان: كان يحب البط والحمام المحشو بالفريك والملوخية بالفراخ والكشك ألماظية، وساعده فى الاستمرار فى حب هذه الأكلات والدتى لأنها قريبته من نفس القرية وطباخة ماهرة أيضا، وكان كل ما يحبه خيرى شلبى ويفضله يشكل عند السيدة فوزية السنهورى «أمي» قانونًا للحياة، هى كانت ترى الحياة بعين هذا الرجل، وهو شغلها الشاغل ومشروعه الأدبى هو مشروعها الشخصي.
شخص حساس
أما ابنته الكبرى، الشاعرة ريم خيرى شلبي، فقالت: خيرى شلبى كان حساسًا جدًا، ويتمتع بحنان كبير ويراعى مشاعر الناس بشكل عام، وكان حريصًا جدًا على شعورنا ومعاملتنا بنفس القدر، ويمكن كونى البكرية كان لى ولابنى معه ذكريات أكثر من إخوتي، ولكنه كان يعاملنا بنفس القدر من الحنان، ولا يفرق بيننا مطلقا، وكان فى قمة الحنان والعطف والحرص على تلبية احتياجاتنا، وكان لا يمكن يأكل أو يشرب قبل الاطمئنان علينا، وكان لا بد أن يمر علينا ونحن نيام ليغطينا ويطمئن علينا أكثر من مرة لأنه كان لا ينام قبل الصباح.
وأضافت ريم: خيرى شلبى كانت كل لحظاته إبداعًا، كان معجونًا بالفن بجميع أشكاله لا يكف عن سماع الموسيقى والقراءة، وفى الغالب الكتابة كانت تكون بالليل إلا لو سهران للصبح فى كتابة مقال مستعجل، وفى الغالب لا يحب أن يشعرنا بتوتره، وخيرى شلبى أكثر كاتب تستطيع أن تتعرف عليه من خلال كتاباته وشخصية الكاتب عنده لم تطغ على الإنسان.
يحب الونس
وحول العزلة فى حياة خيرى شلبى قالت: لم يكن هذا الأمر من هواياته بالمرة، فقد كان يحب «الونس» حتى فترة كتابته فى المقابر كان لا بد أن يكون معه أحد الأشخاص ليساعده فى إعداد القهوة والشاى ودائما ما كان يحب أن يقابل أصحابه، وفى الفترة الأخيرة كان مقيمًا فى البيت وتعود حتى على صوته أحفاده حوله وكان يسعد بهم جدا.
وحول تعامل الكاتب الراحل مع أهل قريته شباس عمير، قالت ريم: بالطبع كان مرتبطا ارتباطا وثيقا بأهله وبلده، وكان يستضيفهم كأى رجل مصرى ابن بلد ويسعد بهم ويجالسهم، ويتلقى منهم آخر أخبار البلد ولم ينس أى شخص من أصدقائه القدامى وزملاء الدراسة، وكتب عنهم كلهم فى سلسلة «أنس الحبايب» وما ليس يضمنه أحد.