الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الروائي أشرف الصباغ: مرحلة ما بعد الحداثة قضت على أدب المهجر

الروائي أشرف الصباغ
الروائي أشرف الصباغ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"شرطي هو الفرح" أحدث روايات الكاتب الصحفي والروائي والمترجم أشرف الصباغ.
تدور الرواية حول التغييرات التي تطرأت على المجتمع من خلال حياة "يوسف عمران" التائه الذي ينتقل من العيش في الريف إلى المدينة لا يعرف في أي اتجاه يسير، أبرز التغييرات التي يركز عليها الصباغ هو علاقة الأشخاص بالأماكن التي هي ثابتة بفعل الزمن والجغرافيا.. فيقول: "الحياة صعبة لدرجة بدت الأمور معها كأن هناك مؤامرة ما لتدمير العلاقة، ليس فقط بالمكان بل وبالناس أيضا. 
أشرف الصباغ يلقي بمسئولية تغيير علاقة الأشخاص بالأماكن على الأشخاص أنفسهم من ناحية والدولة من ناحية أخرى، إذ أن جهل الناس بتاريخ المدينة وانشغال الدولة بأمور أخرى ربما من بينها تشويه المكان.
التنميط الذي تصوره الرواية في قسوة المدينة في مقابل اللين في الريف وكذلك وضع المرأة في كلا المجتمعين يقول الصباغ: "إنه ليس تنميطًا ولكنه حدة في التصوير لإبراز التناقض. فالمدينة قاسية على أهلها والغريب بينما الريف قاسٍ على شخصيات بعينها. المرأة على سبيل المثال في المدينة تعمل وتختبر الحياة وحدها وتضع شروطًا في حياتها وعلاقتها بالآخرين، وهي تعاني ولكنها متحررة في المقابل، وضع المرأة في الريف التي تعمل وتكدح ولكنها رغم ذلك تُضرب وتذل.
بعض شخصيات الرواية لم يعرف القراء كيف انتهي مصيرها، فهي تختفي ولا تعود مجددًا.. "محفوظة والعضاضة"، يقول الصباغ إنه نوع في الأدب يعرف بالواقعية السحرية ولكن في الريف المصري الواقعي المرتبط بالتصوف تحدث مثل هذه الأشياء؛ أن يختفي شخص ما فتنشر حوله القصص والأساطير، كما هو الحال في قصص بعض الأولياء، وهو أيضا حسب الصباغ مرتبط بالمكون الديني الذي يلجأ إليه المصريون باختلاف عقائدهم وأديانهم لأنه متدين بطبعه، تلك الجملة التي فقدت معناها ومصداقيتها لاستخدامها في غير موضعها.
يؤكد الصباغ أن هذه الرواية هي الأكثر حظًا من حيث الاحتفاء بها من قبل القراء والنقاد ويرجع ذلك إلى أمور كثيرة منها نشرها في دار الأداب بيبروت التي تعد تجربته الأولى للنشر خارج مصر فيقول: "دار الآداب دار عريقة وتحترم في عقودها حقوق المؤلف حتى بعد وفاته وهو ما تفتقده بعض دور النشر المصرية التي تعقد عقودًا وهمية وفي كثير من الأحيان لا يعلم الكاتب كم عدد النسخ والطبعات التي صدرت وكذلك لا يتم تسويقها بشكل جيد مضيفًا أتمنى وجود استراتيجية للنشر لأن مصر دولة كبيرة وعظيمة".
رغم انتقاله للعيش خارج مصر إلا أن رواية "شرطي هو الفرح" تشير إلى أن قلبه مازال عالقًا بالقاهرة وتاريخها، ولذا تدور رواياته حول القاهرة وأحداثها ومن بينها ثورة الخامس والعشرين من يناير، ويرفض في الوقت ذاته أن تُربط تجارب الأدباء المقيمين في الخارج بأدب المهجر لأن التطور وخاصة في مرحلة ما بعد الحداثة أزال كل هذه الأمور، فيصعب علينا تصنيف الأدب بين أدب الداخل أو أدب الخارج أو أدب المهجر، كما أن هذا التصنيف قد يظلم أدباء كبار منهم آلبير قصيري المصري، الذي عاش حياته في فرنسا، وكتب باللغة الفرنسية، فمن غير الممكن أن نصف أدبه بأنه أدب مهجر، ولكن قد تنشأ تيارات ونزاعات نقدية مختلفة مثل أدب الاغتراب وهو لم يعد مقصورًا على الأدباء في الخارج بل أيضا هناك أدب اغتراب في الداخل.
درس الصباغ العلوم وخاصة مجال الرياضيات والفيزياء، إلا أن السياسية والأدب يحتلان جزءًا كبيرًا من أعماله فيقول خلال حواره لـ"البوابة نيوز": "بداياتي كانت أدبية بالدرجة الأولى، منذ أيام الدراسة، ولكن هناك دائما أمور تحدد مصائر الأشخاص. اختياري للرياضيات والفيزياء كان ردًا على التحرش الذهني الذي تعرضت له من قبل المدرسين في المرحلة الثانوية". سافر الصباغ إلي الاتحاد السوفيتي في منحة مجلس السلام العالمي ليتمم دراسته بمجال العلوم وحصل على الدكتوراة وعاد للأدب والصحافة مرة أخرى في 1996.
أحتلت الترجمة جانبًا كبيرًا في مشوار الصباغ الأدبي فترجم لكبار الأدباء الروس مثل أنطون تشيخوف، وفيكتور بيلفين، ولكن مؤخرًا انصرف عن هذا الترجمة التي كانت تقتصر على الأعمال الكلاسيكية فيقول إن مصر بطبيعتها أقرب إلى الدول الأوربية، كما أن الفكر الروسي منغلق إلى حد ما".
ويضيف الصباغ أن الترجمة حاليًا يشوبها بعض العوار إذ أن بعض المترجمين المصريين عمدوا إلى ترجمة أعمال عربية بعد نقلها إلى اللغات الأجنبية وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام. ويشير إلى أن الترجمة، كما هو معروف في الدول الكبري صناعة إذ أن الثقافة تمثل قوة ناعمة، ومن ثم لابد من توافر استراتيجية محددة لمشروع الترجمة، تشترط فيه الدولة أيضا ترجمة أعمالها المختلفة إلى اللغات الأخري كما تترجم للآخرين. 
يعارض الصباغ وجهة النظر التي تقول إن الأعمال البحثية والفكرية المهمة وقفت عن مرحلة معينة مثل طه حسين ولطيفة الزيات معتبرًا أن هذا الأمر يضر بالثقافة المصرية ويظلم ويلغي في الوقت نفسه ما يقرب من ثلاثين أو أربعين عامًا من عمر الثقافة المصرية، فهناك كتب بحثية مهمة نحتاج أن نطلع الآخر عليها ليدرك أين نقف وفيما نفكر مثل أعمال جابر عصفور.
ويضيف أن الترجمة أصبح ينظر إليها في مجتمعاتنا العربية على أنها الوجاهة الاجتماعية وهو أمر خاطئ، فقد يرى كاتب ما أن ترجمة رواية له قد يغنيه عن الكتابة مرة أخرى.