الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الكنز.. الخروج عن المألوف في الدراما

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت تجربة تستحق خوضها بكل ما تحمله معانى الكلمة، فلست من هواة دخول السينمات والجلوس أمام شاشات عرض لمدد طويلة لمشاهدة عمل يمكن وصفه بـ«الفنى» دون محتوى أو مضمون يمكن أن يترك بصماته فى الأذهان، والحقيقة المؤسفة أن غالبية الأفلام التى يتم إنتاجها تهدف فى المقام الأول للربح ولا شىء سوى حصول المنتجين على إيرادات عالية بصورة تجارية مع التركيز على لفت الانتباه بأى وسيلة حتى لو كانت منزوعة الحياء من ألفاظ سوقية أو مشاهد بلطجة تغازل رجل الشارع البسيط أو حتى مشاهد جنسية ساخنة تحرك الغرائز المكبوته لراقصة تتعرى أو رجل ينفرد بخادمة المنزل أو حتى عشاق فى أوضاع مثيرة على سرير واحد.
إلا أن الأمر اختلف كثيرا عندما دخلت لمشاهدة فيلم «الكنز» بأحد دور العرض الكبيرة فى التجمع الخامس مع صديقى.. ففى الواقع لم أكن من المغرمين بجبروت محمد رمضان فى استعراضاته ومعارك الشوارع التى يجتازها فى غالبية أفلامه، ولا من دراويش محمد سعد، الذين يلتقطون كل «إفيه» كوميدى له قبل أن يكمله، ليملأوا قاعات العرض بضحكاتهم عليه، كما لم أقف مبهورا مثلا من رقص روبى الساخن فى كليباتها ليه بيدارى كده؟ وكل ما أقوله آه، حتى الشحات مبروك بطل كمال الأجسام الذى استمتعنا بمسابقاته وأفلامه فى الثمانينيات والتسعينيات لا تؤثرنى عضلاته المفتوله بداع أو دون داع.. لكن ما يجب أن أعترف به أن «الكنز» لم يكن مجرد فيلم عادى وأن شريف عرفة أبدع وتفوق على نفسه فى إخراجه، فكان أشبه بملحمة تراثية دمجت بين تاريخ مصر فى العصر العباسى والفرعونى وفترة حكم الملك فاروق.
من زاوية فنية بحته الفيلم نجح نجاحا ساحقا، حتى أنه جسد دراما الشارع المصرى فيما يشبه ثلاثة أعمال فى عمل واحد، وتم التنويه فى نهايته بجزء ثان سيتم عرضه، ولكن أكثر ما لفت انتباهى أداء الفنان محمد سعد المختلف كليا وجزئيا عن تاريخ أعماله الكوميدى، الذى يميل فى بعض الأحيان للهزل.. فأطل علينا بشخصية حازمة وقوية، وهى رئيس جهاز البوليس السياسى فى عهد الملك فاروق، الذى لا يمكن أن تحول أى عراقيل بينه وبين النجاح والحفاظ على منصبه، فى الوقت الذى يؤدى دوره على أكمل وجه فى مطاردة المتشددين والإخوان وتجار المخدرات، بينما يحتفظ بجانب مناقض تماما لخصوصياته الإنسانية ولا يخجل من دخول ملهى ليلى للاستمتاع بالفن والرقص أمام عينيه.. هو فيلم سيحقق معادلة مختلفة فى السينما المصرية من حيث الإخراج والتكنولوجيا والإمكانيات المبهرة المستخدمة فيه.