الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأكاديمية الوطنية للتدريب.. مشروع طموح لتمكين الشباب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى قرارًا جمهوريًا أواخر أغسطس الماضى بإنشاء «الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب»، والتى تهدف إلى تحقيق متطلبات التنمية البشرية للكوادر الشبابية بمختلف قطاعات الدولة والارتقاء بقدراتهم ومهاراتهم. 
ويأتى القرار فى ضوء حرص الدولة على الاهتمام بالشباب، واستكمالًا لمنظومة تأهيلهم، لتكون امتدادًا لاستثمار الدولة فى هذه الشريحة المهمة، حيث أطلق الرئيس السيسى «البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب»، الذى خرج دفعة أولى مكونة من ٥٠٠ شاب وفتاة، ويستعد لتخريج الدفعة الثانية، بينما تجرى حاليًا عمليات اختيار المشاركين فى الدفعة الثالثة للبرنامج، كما تم تنظيم ٤ مؤتمرات للشباب، خرجت بتوصيات مهمة، وتم تنفيذ الكثير منها. 
ومن المقرر أن تبدأ الأكاديمية عملها بداية شهر أكتوبر المقبل، ويأتى إنشاء هذه الأكاديمية كإحدي توصيات «المؤتمر الوطنى الأول للشباب» بشرم الشيخ نوفمبر الماضي.
وتتبع الأكاديمية رئيس الجمهورية مباشرة، ويكون للأكاديمية مجلس أمناء برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية ممثلين عن رئاسة الجمهورية وبعض الوزارات. وتم الانتهاء من إنشاء مقر الأكاديمية بمدينة السادس من أكتوبر، والذى يتكون من ستة مبانٍ على مساحة ١٠ آلاف متر مربع، وتم تصميم نظام التعليم بالأكاديمية على غرار «المدرسة الوطنية للإدارة» بفرنسا، بالتعاون مع عدد من الهيئات والمعاهد والمؤسسات العلمية الدولية.
ولا شك أن ما قرره الرئيس السيسى يُعد خطةً طموحًا لتمكين الشباب الذى لم تفلح الأنظمة السابقة فى تمكينه وقيامه بدوره فى خدمة الوطن على الوجه الأكمل، وربما كان المشروع القومى الأكبر الذى كان يحتوى شباب مصر على مر العقود الماضية هو الحروب الكُبرى التى خاضتها مصر ضد أعدائها بداية من حرب ١٩٤٨ مرورًا بالعدوان الثلاثى على مصر عام ١٩٥٦ وحرب اليمن ونكسة ١٩٦٧ وانتهاءً بحرب أكتوبر ١٩٧٣ وحرب تحرير الكويت ١٩٩٠-١٩٩١. لقد كانت هذه الحروب جميعها هى البوتقة التى انصهرت فيها معادن الرجال، والشباب أولهم، من أجل كرامة الوطن واسترداد أراضيه والدفاع عن فلسطين والكويت واليمن، وهو الدور الذى لم تتقاعس مصر يومًا عن أدائه بفضل قواتها المسلحة الباسلة ورجالها الشجعان وشبابها المخلصين.
فلنتفق إذًا أن القوات المسلحة المصرية هى الوحيدة التى استطاعت استيعاب الشباب عبر تاريخ مصر الحديث ووظفت جهودهم من أجل النصر فى معارك الوطن الكبرى، بل وبناء الوطن فى بعض المجالات الأخرى دعمًا للدولة المدنية واستكمالًا لدورها. وكما هو واضح لكل المصريين نجد جنود القوات المسلحة المخلصين من الشباب المصرى يبنون ويشيدون المدارس والمستشفيات والطرق والكبارى والأنفاق والمدن والعاصمة الإدارية الجديدة ويقومون بتخضير الصحراء، فيحولون رمالها الصفراء إلى جنات وارفة الظلال. والأمر ليس جديدًا على قواتنا المسلحة، حيث أذكر جيدًا أننى عندما كنت صحفيًا تحت التمرين بصحيفة «الجمهورية» قبل تعيينى معيدًا بكلية الإعلام جامعة القاهرة كنت أُجرى تحقيقًا صحفيًا عن «مديرية التحرير»، وبالتحديد «جنوب التحرير» فاكتشفت عندما قرأت المواد الأرشيفية وعلى أرض الواقع، أن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر هو الذى قرر تحويل هذه المديرية التى كانت أرضًا صحراوية إلى أرضٍ زراعية، وكلف الصاغ مجدى حسنين بهذه المهمة، ومن يزر هذه المديرية حتى الآن يجد أن معظم الرجال والأطفال اسمهم «مجدي» على اسم الصاغ مجدى حسنين رحمه الله.
إن القوات المسلحة المصرية هى مصنع الرجال وبوتقة الكفاءات فى كل المجالات، لقد تم تبنى شعار تمكين الشباب بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وخاصة بعد الثورة العظيمة التى قام بها هؤلاء الشباب الذين كانوا يحلمون بمستقبل زاهر للوطن، ولكن أدواتهم وخبراتهم وكفاءاتهم لم تكن تمكنهم من تحقيق ما كانوا يحلمون به، فالثورة فقط ليست مؤهلًا يؤدى إلى أى شيء؛ فرئيس الوزراء والوزراء وبعض نواب الوزراء من الشباب الذى جاءوا من ميدان التحرير، لم يقدموا شيئًا يُذكر لوطنهم عندما أصبحوا فى موقع المسئولية، بل إن الشباب الثائر لم يستطع أن ينشئ حزبًا سياسيًا يواجه به التيارات الإسلامية وعلى رأسها حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية وحزب «النور» الذراع السياسية للدعوة السلفية، وغيرها من أحزاب أصحاب اللحى والذين يمارسون السياسة من تحت عباءة الدين. لقد تمثلت ذروة فشل شباب «يناير» فى أنهم قاموا بالثورة وسمحوا لغيرهم بأن يسرقها منهم ويمتطيها، ويصل إلى سُدة الحكم فى مصر فى غفلة من الزمن والشباب عديم الخبرة والكفاءة السياسية والميدانية.
من هنا كان واجبًا مرةً أخرى أن تتدخل القوات المسلحة من أجل شباب هذا الوطن، وتمنحه فرصة أخرى للتأهيل والتدريب حتى إذا وصل إلى دوره فى تولى شئون هذا الوطن يكون قادرًا على ذلك، ولا تقع الراية من بين يديه لكى يتلقفها أعداء هذا الوطن، والذين لا يريدون الخير لمصر. وقد قامت القوات المسلحة من خلال القائد الأعلى الرئيس السيسى بذلك على مرحلتيْن: المرحلة الأولى إنشاء «البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة» Presidential Leadership ProgramPLP، والمرحلة الثانية هى إنشاء «الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب» التى تبدأ عملها فى شهر نصر أكتوبر العظيم على غرار «المدرسة الوطنية للإدارة» فى فرنسا، وهى المدرسة التى تعد القيادات السياسية والمالية ويأتى من خريجيها الوزراء ورؤساء الوزراء بل ورؤساء الجمهورية.
لقد كنت سعيدًا أيما سعادة وأنا أرقب خريجى الدفعتيْن الأُولييْن من شباب البرنامج الرئاسى الذين قابلت بعضهم، الذى أكد لى أنه لا وساطة أو محسوبية فى اختيارهم، وأنهم عملوا فى مواقع مهمة فى الدولة بدايًة من معاون وزير ومساعد محافظ، نهايةً بوظائف فى كل مواقع الدولة الحيوية، وأن ثمة وسائل اتصال ساخنة بينهم وبين مؤسسة الرئاسة لتذليل أية عقبات تقف فى طريقهم وتحول بينهم وبين التغيير والإصلاح لصالح مستقبل أفضل لهذا البلد.
وفى النهاية أقول لشباب هذا الوطن، إن الفرصة التى تقدمها «الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب» فرصة ذهبية لكى تطوروا من قدراتكم وإمكاناتكم لكى تتولوا إدارة بلدكم فى المستقبل إدارة رشيدة خالية من الأسقام والأمراض التى عصفت بكل مؤسسات هذا البلد عبر عقود سابقة من الزمان. الفرصة أمامكم فعضوا عليها بالنواجز ولا تضيعوها حتى لا تَضِيعوا وتضَيّعوا وطنكم الذى يفتح لكم ذراعيه، ويريد أن يسلمكم دفة السفينة لتقودوها إلى بر الأمان.