الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"وحوي يا وحوي" أغنية "عوالم"

عزيزة حلمي
عزيزة حلمي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أغنية «وحوى يا وحوى» للمطرب أحمد عبدالقادر، تعتبر الأغنية الأشهر فى مصر، التى تبثها الإذاعات ومحطات التليفزيون فى شهر رمضان المبارك، وارتبط فى أذهانهم أنها أغنية تدخل فى مصاف أغانى المناسبات الدينية؛ لكن من ينقب فى تراث الغناء المصرى سوف تدور فى رأسه الظنون فى كون هذه الأغنية مرتبطة بالشهر المبارك.
فهناك طقطوقة تنتمى إلى موسيقى العوالم التى انتشرت فى مصر منذ النصف الأخير من القرن التاسع عشر، وكان من أبرزهم شفيقة القبطية المرتبطة بالجيل الأول للعوالم فى مصر؛ ثم برزت من بعدها بديعة مصابنى أشهر العالمات فى مصر، وهى من وراء هذا المصطلح «عالمة»؛ هناك العديد من الأسماء فى تلك الفترة، والذين ازداد عددهم منذ مطلع القرن العشرين.
أغنية «وحوى يا وحوى» منسوبة لراقصة تدعى عزيزة حلمى المصرية؛ بنفس لحن الأغنية المشهورة فى رمضان؛ رغم اختلاف بسيط فى نوع المقام، وبعض الكوبليهات، فأغنية عزيزة حلمى على مقام البيات وأغنية أحمد عبدالقادر على مقام «سيكاه»؛ واختلاف أيضا فى القالب الموسيقى، فعبدالقادر قدم غنوة بينما قدمت عزيزة طقطوقة؛ ولكن الاختلاف الأبرز جاء فى الكلمات وموضوع الأغنية نفسها، فبينما يقدم أحمد عبدالقادر أغنية تتعلق بمناسبة دينية؛ تقدم عزيزة حلمى طقطوقة تتعلق بالغزل الصريح فى فتاة ريفية.
حصلت «البوابة» على التسجيل الصوتى القديم لأغنية عزيزة حلمى، والموثق فى معهد العالم العربى بباريس المهتم بجمع وحفظ تراث الشعوب العربية؛ وحاولنا الإنصات جيدا إلى التسجيل المنقح القديم لتحرير كلمات الطقطوقة؛ فالصوت غير واضح بالشكل الأمثل، رغم عمليات التنقيح التى أجريت للأسطونة القديمة وترجع لحقبة العشرينيات.
كلمات الطقطوقة هى: «وحوى وحوي/ إياحه/ البنت الخفة/ فلاحة/ وفــ إيدها خوخة وتفاحة/ ماسكة الفانوس أحمر وأخضر/ ماشية بتغنى وتتمخطر/ بصوت جميل زهزه يسحر/ والوجه قمر بينور/ أقول لده إيه أنا متحير/ لا فاتت وقالتلى إياحه/ وحوى وحوي/ إياحه/ البنت الخفة/ فلاحة/ وفــ إيدها خوخة وتفاحة/ لابسة القميص وإله فاتحة/ والسدر باين بِّراحة/ ونهودها بارزة مرتاحة/ تقولشى إلها فلاحة/ مشيت وراها للساحة/ ضحكت وقالتلى إياحه/ وحوى وحوى/ إياحه/ البنت الخفة/ فلاحة/ وفــ إيدها خوخة وتفاحة/ أدوب يا أخواتى فى خفتها/ ولا هياش دارية بسلامتها/ نونو أوى يا بصتها/ جذبتنى والله بحلاوتها/ حبيت اسألها فين بيتها/ قالتلى يا أفندى إياحه/ وحوى وحوى/ إياحه/ البنت الخفة/ فلاحة/ وفــ إيدها خوخة وتفاحة/ طلبت أعرف فين بيتها/ ومن نينيتها أخطبها/ مشيت معاها يا محلاها/ يمكن تنقذنى خطوتها/ حبيت أطلبها ياناس دخلة/ قالتلى يا أفندى إياحه/ وحوى وحوى/ إياحه/ البنت الخفة/ فلاحة/ وفــ إيدها خوخة وتفاحة».
الكلمات التى تغنت بها عزيزة المصرية تنسب لشاعر يدعى حسين حلمى المانسترلي؛ وهو الشاعر نفسه الذى تنسب إليه كلمات أحمد عبدالقادر؛ ما يثير الشك حول أحقية نسب المانسترلى لأى من الأغنيتين، فالاحتمال الأقرب أنه كتب الأغنية المتعلقة بشهر رمضان؛ فثقافة حلمى المانسترلى يغلب عليها الطابع الدينى، نظرا لعمله فى وزارة الأوقاف؛ بينما أغنية عزيزة حلمى تدخل فى إطار الغزل الصريح وأغانى الملاهى الليلية.
أما فيما يخص التلحين، فعلى حسب التوثيقات لحن عزيزة حلمى منسوب لأحمد شريف، وهو ملحن الأغنية ومطرب أيضا من مطربى الغناء الشعبى وألحانه شعبية، حتى إنه اعتبر أحد رواد هذا اللون الفنى، بدأ حياته عازفا على آلة العود وعمل مطربا وملحنا بكازينو بديعة مصابنى، وبعد ذلك تخصص فى وضع ألحان حفلات الزفاف، ومن أشهرها «اتمخطرى يا حلوة يا زينة» و«مبروك عليكى عريسك الخفة»، ولحن «ليلة الصباحية وزفة بنت العمدة، وست الدار».
الغريب أنه هو الاسم نفسه المنسوب إليه اللحن الرمضاني؛ لكن أحمد عبدالقادر المطرب خرج فى لقاء إذاعى نادر، وأكد أنه هو من قام بتلحين «وحوى يا وحوى»؛ لكن الرواية الأرجح أن الشريف هو من قام بوضع لحن طقطوقة عزيزة؛ حيث إنه كان مهتما بالغناء الشعبى، وبالتحديد الكازينوهات، لا سيما أنه كان عازف القانون فى أغنية عزيزة؛ لكن يبقى لحن «وحوى يا وحوى» الرمضانية مجهولا ومسار جدل.
وفيما يتعلق بـ«وحوى يا حوى إياحه»؛ فتلك العبارات تدخل فى صلب الفولكلور المصري، واختلف الباحثون فى ترجمته؛ فعالم اللغة أحمد أمين فى كتابه قال: إن وحوى يا وحوى، كانت أغنية منتشرة بين الصبيان؛ يجتمع الأطفال بعد الفطور وبأيديهم فوانيس صغيرة مضاءة بالشمع، زجاجها ملون بألوان مختلفة، من أحمر وأخضر وأزرق وأصفر، وينشد منشدهم: «وحوى وحوى»! فيجيب الآخرون إياحه، ثم يستمر المنشد: «بنت السلطان/ لابسة قفطان/ بالأحمر/ بالأخضر/ بالأصفر»، وينشد الأطفال وراءه كلهم كلمة «إياحه»، ويؤكد «أمين» فى كتابه أنه لا يدرى معناها متسائلا: هل هى كلمة مصرية قديمة أو هل مشتقة من حوى يحوي؟ أى عمل كما يعمل الحواة؛ بدليل قولهم: لولا فلان ما جينا، ولا تعبنا رجلينا، ولا حوينا ولا جينا.
وقد كان المصريون يرددون هذه العبارة عند ميلاد الهلال كل شهر، وبعد انتشار اللغة العربية فى مصر، تحورت هذه العبارة وأصبحت «وحوى يا وحوى إياحه»، وارتبطت بقدوم شهر رمضان والفانوس الصفيح. 
ويُقال أيضا إن عبارة «وحوى يا وحوى إياحه» أصلها يرجع إلى اللغة القبطية، وتعنى كلمة «وحوى» اقتربوا، وتعنى كلمة «إياحه» الهلال؛ أى أن معنى العبارة هو «اقتربوا لرؤية الهلال».