الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

هل يعترف البابا فرنسيس بمارتن لوثر "قديسًا"؟

 البابا فرنسيس
البابا فرنسيس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بابا الفاتيكان.. رجل الإصلاح الكنسى
أعاد الحوار مع الأزهر بعد سنوات من المقاطعة.. وتضامن مع مسلمى ميانمار وندد بمذبحة الأرمن 
266 رقمه بين سلسلة باباوات الكنيسة الكاثوليكية
1936 تاريخ ميلاده فى الأرجنتين واسمه «خورخى ماريو بيرجوليو»
13 مارس ٢٠١٣.. انتخابه بابا للفاتيكان بالتزامن مع عيد القديس يوسف
13 عاما.. فترة توليه رئيسا للأساقفة بيونس آيرس بالأرجنتين 
6 سنوات.. شغل خلالها منصب رئيس مجلس الأساقفة الكاثوليك فى الأرجنتين من «٢٠٠٥ – ٢٠١١»

أبرز زياراته
2013 زار البرازيل لحضور اليوم العالمى للشباب
2014 زار فلسطين والأردن لمدة ٣ أيام، ودخل بيت لحم والقدس خلال زيارته 
14 أغسطس ٢٠١٤.. زار كوريا الجنوبية بمناسبة يوم الشباب الآسيوى السادس
50 ألف شخص شاركوا فى مراسم الاحتفال فى استاد كأس العالم فى دايجون
21 سبتمبر ٢٠١٤.. كانت رحلته إلى ألبانيا لتشجيع زيارتها بعد معاناة من الأيديولوجيات فى الماضى
25 نوفمبر ٢٠١٤.. رحلته إلى فرنسا فى زيارة استمرت أربع ساعات وهى الأقصر لأى من الزيارات البابوية فى الخارج 
28 نوفمبر ٢٠١٤.. زار تركيا بدعوة من البطريرك بارثلماوس الأول من أجل الاحتفال بيوم عيد القديس أندراوس

رجل أسر العالم بحبه، تجرد من قيود وأغلال المناصب والرسميات وحطم تابوهات وثوابت البروتوكولات مؤكدا احترامه للإنسان وتحقيق السلام، قبّل أقدام اللاجئين غير ناظر للأديان، أذاب جليد الخلاف مع الجميع مسلمين وأقباط ويهود أيضًا، كان حضنه مستقرًا للمنبوذين من المجتمع، احتوى أصحاب الأمراض المعُدية ودافع عن حقوق الإنسان بكل الصور والأشكال.
إنه البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، الذى أعاد للأذهان صورًا عديدة للإصلاح، يلقبه البعض بـ«لوثر.. العهد الجديد، وإيسيزى القرن الحديث» نسبة للإصلاح الكنسى الذى عكف عليه فى الفاتيكان على غرار مارتن لوثر قائد طفرة الإصلاح فى أوروبا، بالإضافة للاهتمام بالفقراء على خطوات القديس الكاثوليكى فرنسيس الإيسيزي، والذى أخذ منه اسمه الباباوى ليصبح الأول بين الباباوات بهذا الاسم.
ما بين الحنكة فى الإدارة، والاهتمام بالرعاية، مع الاحتفاظ بالتجرد والنسك والتصوف عن الترف، هكذا تكونت شخصية بابا روما، كان راهبا معروفا بحبه للبسطاء، وبات أسقفا حاضنا للفقراء، وأصبح بابا السلام وراعيا للجميع، استطاع أن يحقق المعادلة الصعبة حتى أحبه الجميع. غرد منفردًا بعيدًا عن المتبع لباباوات روما السابقين، احتفظ بالصليب الحديدى الذى كان يرتديه كرئيس للأساقفة ولم يرتد الصليب الذهبى الذى ارتداه سابقوه، وأطل خلال الأيام الأولى من حبريته ببطرشيل عادى أبيض اللون، بدلًا من الأحمر الذى يفرضه التقليد، مما دعا الكل لوصفه بـ«البابا القادر على إحداث تغييرات». 
فى حلة بيضاء احتفظ بثيابه القديمة التى ترمز للبراءة كالأطفال بلونها الأبيض وغطاء الرأس «القبعة المستديرة»، رفض أن يرتدى الخاتم الفاتيكانى المتبع للباباوات والذى يصنع من الذهب وطلب بأن يكون من الفضة، ابتسامته حال مداعبة الأطفال تجعله من عمر هؤلاء.
الهدف الأول للبابا
سعى جاهدًا للوحدة والتقارب مع الطوائف المسيحية الأخرى، ومضى بجدية للوحدة وتحقيق الآية الواردة بالكتاب المقدس، منذ أن كان أسقفًا عمل على إنهاء أى مظهر من مظاهر الشقاق مع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، وكان يشارك بصلوات تقام فى الكنيسة الروسية الأرثوذكسية فى بيونس آيرس، وشجع على نمو العلاقات بين الكنيسة الأرثوذكسية والحكومة الأرجنتينية.
ولذا حضر تنصيبه بطريرك القسطنطينية برثلماوس الأول، بين بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية المتساوين، وذلك للمرة الأولى فى التاريخ تعبيرًا عن صدق الإخوة بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية.
كما أرسل البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، رسالة تهنئة للتعبير عن فرحته باستقبال خبر اختيار البابا فرنسيس بفرح وابتهاج، وتبادل الزيارات وباتت هناك صداقة حميمية بينهما، ويخصص يوم لقائهما سنويًا للصلاة بالكنيستين الكاثوليكية والقبطية تعبيرًا عن الصداقة الوثيقة والإخوة.
وشارك خلال زيارته التاريخية للقاهرة جموع رؤساء الكنائس فى صلاة مشتركة بالكنيسة البطرسية وانحنى لنيل بركات موضع دماء الشهداء، وأشعل شمعة ووضع باقة من الزهور فى موضع حادث التفجير، كما وقع اتفاقا للسعى مع الكنيسة الأرثوذكسية لتحقيق الوحدة المنشودة.
وعن الإنجيلية، وُصف البابا فرنسيس بكونه «صديقا للكنيسة البروتستانتية»، وعبّر الأنجليكان واللوثريون فى الأرجنتين عن السعادة والترحيب عند انتخابه بابا للفاتيكان، مؤكدين أن أواصر الصداقة، والعمل المشترك، ستزداد قوة مع البابا فرنسيس، وبالفعل بدأ حوارا دينيا جادا مع الكنيسة اللوثرية، وينتظر أن يحتفل مع كل الإنجيليين خلال الفترة المقبلة بمرور ٥٠٠ عاما على الإصلاح الكنسي، ويتجه بابا روما للاعتراف بـ«مارتن لوثر» قائد حركة الإصلاح قديسا للكنيسة الكاثوليكية أيضا.
عودة حوار «الأزهر والفاتيكان»
بعد سنوات طويلة من المقاطعة بين الأزهر والفاتيكان، على خلفية التصريحات المعادية للبابا السابق «بنديكت»، جاء فرنسيس فى لقاء مع سفراء ١٨٠ دولة بعد تنصيبه ليؤكد على أهمية الحوار مع المسلمين، ولاقى ترحابا وحفاوة التهنئة من الأزهر بمصر والمجمع الإسلامى بالأرجنتين نظرًا لدوره ومعرفتهم باتباعه نهج الحوار البناء والهادف، وحرك المياه الراكدة وفتح مجالا للحوار مجددا.
احتواء اليهود
منذ أن كان رئيسًا للأساقفة، أرسى «فرنسيس» علاقات وثيقة مع اليهود فى الأرجنتين، وحضر صلوات يهودية فى كنيسة بيونس آيرس عام ٢٠٠٧، حيث قال خلال زيارته «أنا حاج معكم، أيها الإخوة»، وهى العبارة التى أطلقها يوحنا بولس الثانى عام ١٩٨٧ فى وصف اليهود.
وخلال عام ١٩٩٤ وبعد تفجير بيونس آيرس الذى استهدف مقر إحدى الجمعيات اليهودية وأفضى إلى مقتل ٨٥ شخصًا، كان البابا فرنسيس أول شخصية عامة توقع على عريضة إدانة الهجوم والدعوة لتحقيق العدالة، الأمر الذى دفع العديد من القيادات اليهودية فى جميع أنحاء العالم، وليس فقط فى الأرجنتين، للتعبير عن شكرهم لمستوى التضامن العالى مع المجتمع اليهودى فى الأرجنتين فى أعقاب هذا الهجوم.
تضامن مع مسلمى ميانمار ومذبحة الأرمن
فيما شجب البابا فرنسيس، الاضطهاد الذى يتعرض له مسلمو الروهينجا فى ميانمار، داعيا إلى أن يحصلوا على كامل حقوقهم، وقال البابا فرنسيس: «هناك أخبار حزينة بشأن اضطهاد إخواننا من أقلية مسلمى الروهينجا». وطلب البابا فرنسيس من المصلين - فى ميدان سان بيتر - أن يدعوا الله أن يحفظهم.
ومن المقرر أن يزور البابا فرنسيس ميانمار وبنجلاديش نوفمبر المقبل. وأثناء زيارته إلى أرمينيا يونيو ٢٠١٦، وصف بابا الفاتيكان فرنسيس مذابح الأرمن فى الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى بأنها كانت «إبادة جماعية»، وتحدث البابا عن الضحايا الأرمن الذين سقطوا جراء المذابح وعمليات التهجير القسرى خلال الحرب العالمية الأولى، فى رسالة توجه بها إلى الشعب الأرمينى بعد وصوله، واصفا زيارته إلى «يريفان» بالـرحلة الرسولية، وكانت تلك المرة الثانية التى يتحدث فيها البابا عن إبادة الأرمن، علما بأن تصريحات مماثلة له فى عام ٢٠١٥ أثارت موجة غضب عارمة فى تركيا.
الملحدون والشواذ
انتقد البابا فرنسيس ما وصفه بـ«محاولات القضاء على الله، وكل ما هو إلهى»، مؤكدًا أن «هذا الأمر هو ما أدى إلى عنف كارثى فى كثير من الأحيان»، ولكنه أشار فى أكثر من موقع إلى أنه بإمكان المؤمنين والملحدين أن يكونوا «حلفاء أقوياء فى جهودهم للدفاع عن الكرامة الإنسانية وبناء التعايش السلمى بين كل الناس والحماية الحريصة على الكون».
ويرفض بابا الفاتيكان المثلية الجنسية، إلا أنه أيضا يرفض التعامل بقسوة أو تمييز مع المثليين، وقال: «إنّ الله خلق الإنسان، رجلًا وامرأة، وأعدهما جسديًا الواحد للآخر، فى نظام قائم على العلاقة المتبادلة.
زيارة للقاهرة
وجاءت للمشاركة فى مؤتمر الأزهر لمواجهة الإرهاب، وتذكرة بزيارة سميه القديس فرنسيس الأسيزى إلى القطر المصرى والتى جرت فى وقت ما عرف فى العالم العربى بحروب الفرنجة وفى الغرب باسم الحروب الصليبية، فى ٢٤ يونيو سنة ١٢١٩، والتقى السلطان الكامل بن الملك السلطان العادل الأيوبي، وقد كان زمن الصدام محتدمًا بين الشرق والغرب.
مضى البابا فرنسيس إلى أرض الكنانة، وفى قلبها الجامع الأزهر، ليخاطب العالم بلسان السلام نفسه الذى خاطب به القديس السلطان قبل نحو ثمانمائة عام، دافعًا للوراء نظريات الصدام والمؤامرة، ومقدمًا عليها نسقًا راقيًا من «الأنسنة» حيث شعوب العالم يمكنها أن تحيا معًا، وتتعاون على البر والتقوى».
بدايته كانت فى الاهتمام بالمهمشين والفقراء، واتخذ عددا من الخطوات الإصلاحية داخل الفاتيكان غير عابئ بتراكمات الزمن من المنظومة القديمة، ليضع نهجا جديدا يعطى اهتماما أكبر بالإنسان، وسهل على الكاثوليك إنهاء زواجهم، الأمر الذى يعد من التغييرات الأكثر جوهرية لإجراءات فسخ الزواج منذ قرون، وقال إن الهدف هو توفير «البساطة فقط» من أجل «قلوب المؤمنين».
ويعرف فسخ الزواج رسميًا فى الكاثوليكية باسم «مرسوم البطلان»، وهو الذى يقضى بأن الزواج غير صالح وفقا لقانون الكنيسة بسبب الافتقار إلى ظروف معينة مثل الإرادة الحرة أو النضج النفسى أو عدم رغبة أحد الطرفين فى إنجاب الأطفال؛ وكثيرا ما كانت تنتقد إجراءات عملية «الفسخ» لكونها مرهقة وطويلة ومكلفة. كما أمر «فرنسيس» بإجراء دراسة استقصائية عن آراء الشعب الكاثوليكى فيما يخص تعاليم الكنيسة عن الأخلاقيات الجنسية والحياة الأسرية، والمعروف عنه أنه يميل إلى الاتجاه المحافظ الرافض للإجهاض والموت الرحيم وعقوبة الإعدام، والمؤيدة للحق فى الحياة.
وانتقد بابا روما تكلفة ملابس الكاردينال والتى تصل إلى حوالى ٢٠ ألف دولار، مطالبًا إياهم بثياب أكثر تواضعًا وعدم إهدار هذه الأموال، وطالب أسقف ألمانى بشرح كيفية صرف ٣ ملايين دولار على فناء من الرخام، مما دعا الجميع إلى تسميته بـ«بابا الإصلاح». كما استنكر التسامح مع الاعتداء على الأطفال والتخلص من كبار السن، وتحدث عن الاعتداء على الأطفال ووصفه بأنه «إرهاب ديموجرافى»، وقال: «الأطفال يتعرضون لسوء المعاملة، وبعضهم ليسوا متعلمين وآخرون لا يستطيعون الأكل. والكثير منهم يتم استغلالهم فى البغاء».
تكريم الإنسان ليس مرتبطًا بالأديان 
ذاك شعار حققه بابا روما حينما أدى طقس استذكار «غسل المسيح أرجل تلاميذه»، وتعمد البابا فرنسيس مخالفة الأعراف الكنسية، أثناء غسله أرجل ١٢ شخصًا حسب التقليد، وأشرك شخصين مسلمين فى الطقس، مؤكدًا بذلك المساحة الكبيرة للتسامح.
اللاجئون قرة عين فرنسيس
أعطى اهتماما خاص بالمشردين واللاجئين، ودعا الإيبراشيات لاستقبالهم ورعايتهم على حدود الدول، وصرح بـ«إن هناك الكثير من الشباب، الذين يعيشون أوضاعًا صعبة فى حياتهم ولا يمكنهم أن يسيروا، لأن المجتمع يهمّشهم»، فى إشارة منه إلى أوضاع المنكوبين عموما، واللاجئين بشكل خاص.
ووصف قضية اللاجئين، بأنها وصمة جلبت العار على المجتمع الدولى كله، واعتبر أن استضافتهم «واجب مقدس».
وفى الوقت نفسه كان يرى أن مخيمات اللاجئين تشبه معسكرات الاعتقال، ما عرضه إلى موجة انتقادات من قبل إحدى المنظمات اليهودية، وفى إحدى زياراته لمخيم لاجئين فى جزيرة ليسبوس.
القضايا الجدلية
وعن رسامة المرأة قسا، وانتمائها لسلك الكهنوت، أكد أن النساء يستطعن القيام بعدد كبير من الأمور بصورة أفضل من الرجال حتى على المستوى العقائدي، أما سيامة المرأة فى الكنيسة الكاثوليكية، فتلك قضية محسومة، معلنًا رفضه القاطع كهنوت المرأة، لكنه لم ينف أهميتها للكنيسة، موضحا أن النساء يدخلن الرهبانيات وفق المنظور المريمى ولا مكان للكنيسة من دون هذا البعد النسائى أو الأمومي، لأن الكنيسة نفسها مؤنث، والكنيسة المقدسة هى امرأة، وعروس المسيح.