الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

كاتب بريطاني: سوء التقدير قد يشعل حربًا كورية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الكاتب البريطاني جدعون راخمان، إن "الحربين العظميين في القرن العشرين كانتا مسبوقتين بحالات من سوء التقدير وبأخطاء كارثية في الحسابات".
وأوضح راخمان -في مقاله بالـفاينانشيال تايمز- أن "الألمان فشلوا في توقّع أن بريطانيا قد تقاتل دفاعًا عن بلجيكا عام 1914؛ كما فشل ستالين في توقع اجتياح هتلر لـروسيا؛ فيما أخفقت كل من اليابان وأمريكا في فهم نية وردّ فعل إحداهما الأخرى قبيل حادث ميناء (بيرل هاربر) الذي غيّر مجرى التاريخ وأرغم أمريكا على دخول الحرب العالمية الثانية؛ وفي عام 1950، فشلت الولايات المتحدة في توقّع دخول الصين في الحرب الكورية".
ورأى راخمان، أن "ثمة تهديدا مماثلا يخيم اليوم - بأن يقود الخطأ في التقدير إلى حرب في شبه الجزيرة الكورية، لا سيما وأن القائدين الرئيسيين، الكوري الشمالي كيم يونج أون والأمريكي دونالد ترامب هما ممن يصعب توقع ردود فعلهما، وخطورة خطأ كل منهما في فهم نوايا الآخر تنذر بتبعات كارثية".
ونوّه الكاتب عن أن "كوريا الشمالية هي مجتمع مغلق يتعذر حتى على الأكاديميين أن يفسروا سلوكياته؛ أما وجهة النظر السائدة فهي أن كيم يونج أون يسعى لحيازة سلاح نووي متطور بحثًا عن التأمين (لنفسه)، لا سيما وأن القائد الكوري الشمالي قد رأى ما حدث لقيادات ديكتاتورية أخرى فشلت في حيازة أسلحة نووية أمثال صدام حسين في العراق ومعمر القذافي بليبيا - ومن ثمّ فإن كيم يونج أون يحسب أن الأسلحة النووية وحدها تضمن له البقاء".
ورأى راخمان، أن "تلك النظرية تبعث بشكل نسبي على الطمأنينة لما توحي به من بُعد احتمال لجوء كيم يونج أون إلى المبادرة في استخدام الأسلحة النووية؛ لكن ثمة أوْجُهًا اتسم بها سلوك القائد الكوري الشمالي لا تتفق مع هذه الرؤية الباعثة على الاطمئنان: فلو كان الردْع وحده هو ما يهّم "كيم يونج أون"، فلماذا يتجاوز ذلك ويثير حفيظة الولايات المتحدة واليابان بل والصين أيضا؟".
وقال راخمان، إن "أفعال كوريا الشمالية مؤخرا قد تكون خطوات ضرورية على صعيد تحقيق هدف الردع المتمثل في التأكيد على حيازة صاروخ نووي قادر على الوصول لأراضٍ أمريكية؛ غير أن التتابع السريع للاستفزازات النووية قد تدفع الأمريكيين إلى استنتاج أن كيم يونج أون "يلهو بأسلحة نووية" وهذا بدوره يساعد في تهيئة الأجواء في البيت الأبيض لـتوجيه ضربة استباقية".
وأكد الكاتب أن "خطورة سوء تقدير كيم يونج أون، بإثارة الأمريكيين لشن هجوم، تتزايد حدتها في ظل صعوبة توقّع ردود أفعال ترامب الذي تعهّد من قبل بعدم السماح لكوريا الشمالية بتطوير أسلحة نووية قادرة على تهديد الولايات المتحدة؛ كما نوه أكثر من مرة عن استعداده لتوجيه ضربة عسكرية استباقية عند نقطة معينة مُهددًا كيم يونج أون بـ "النار والغضب". 
ورأى راخمان أن "جهود الرئيس الأمريكي في انتهاج سياسة حافة الهاوية لإرغام كوريا الشمالية على التراجع قد تقوضت عبر التشكيك في مصداقية تهديداته؛ وكان ستيف بانون، كبير الاستراتيجيين السابق بالبيت الأبيض قد صرح بأن الولايات المتحدة لا يمكنها مهاجمة كوريا الشمالية نظرًا لخطورة الرد الانتقامي ضد كوريا الجنوبية والذي قد يودي بحياة الملايين".
وقال الكاتب إن "ردّ فعل ترامب على آخِر وأقوى اختبار كوري شمالي قد زاد من الارتباك الخطير الذي اتسمت به سياسة الولايات المتحدة؛ فبدلا من تأكيد الاتحاد مع كوريا الجنوبية، عمد ترامب إلى انتقاد سول على "مهادنة" بيونج يانج، وجاء ذلك متزامنًا مع تواتر أنباء عن توجه ترامب صوب إلغاء اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بما يشجع كوريا الشمالية على الاعتقاد بأن استفزازاتها النووية تؤتي ثمارها عبر كسْر التحالف بين سول وواشنطن".
ورأى راخمان أن "ترامب قد حطّم مصداقية الولايات المتحدة في لحظة مهمة عندما غرّد على صفحته على تويتر قائلا إن أمريكا تبحث "وقف كافة التعاملات التجارية مع أية دولة تتعامل تجاريا مع كوريا الشمالية" لأن معنى ذلك حرفيًا إنهاء التعاملات التجارية بين الولايات المتحدة والصين - أقوى اقتصادين في العالم ما من شأنه الزجّ بالاقتصاد العالمي إلى هوّة الفوضى.. إن هذا التهديد من جانب ترامب يؤكد سذاجته على صعيد العلاقات الدولية، كما يشير إلى أن الرئيس لا يزال سجينَ نزعاته لا سيما نزعته الحمائية التي تغلب رغبته في القضاء على التهديد النووي الكوري الشمالي". 
ولفت الكاتب إلى أن "الإشارات المربكة من البيت الأبيض تزيد خطورة حدوث خطأ في الحسابات ليس فقط في بيونج يانج وإنما أيضًا في كل من: سول وبكين وطوكيو؛ ومع تصاعد التهديد الكوري الشمالي، كان رد الفعل الطبيعي المتوقع من كوريا الجنوبية أن تتقارب مع أمريكا الحامية لها؛ لكن إذا كانت حكومة "مون جاي إن" ترى أن الخطر الأكبر ليس آتيًا من أنّ كوريا الشمالية ستهاجمها وإنما 
يأتي الخطر من أنّ المستر ترامب سيشن هجوما استباقيًا، عندئذ ستتغير حسابات كوريا الجنوبية، وقد يدفعها التفكير العقلاني إلى قطْع علاقاتها علانيةً مع واشنطن". 
ونوه راخمان عن أن "الحكومة الصينية تواجه تعقيدًا مشابها في حساباتها؛ فقد حاول ترامب كثيرا إقناع بكين بممارسة المزيد من الضغوط الاقتصادية على كوريا الشمالية، مهددًا بأن الولايات المتحدة ستتخذ إجراءً عسكريًا أحادي الجانب إذا ما فشلت الصين في كبح جماح كيم يونج أون؛ وقد حاولت الصين تهدئة ترامب عبر تشديد العقوبات على بيونج يانج، لكن الصين يتعين عليها أيضًا النظر في ردّ فعل الزعيم الكوري الشاب إذا هو شعر بالضغط الشديد عليه - إن خطورة لجوء كيم يونج أون إلى المبادرة في استخدام الأسلحة النووية سترتفع بلا شك إذا شعر الزعيم الشاب بأن نظامه يتعرض للانهيار ومن ثمّ تتعرض حياته للخطر".
واختتم راخمان قائلا إن "تلك المخاطر يصعب التعامل معها حتى من جانب قادة عقلانيين وذوي خبرة، لكن كيف الحال إذا كان مُتّخذَا القرار الأساسيين في تلك الأزمة أحدهما رجل أعمال يناهز الـ71 عامًا صاحب مزاج ثائر كالبراكين ويفتقر إلى الخبرة السياسية، والآخر ديكتاتور يبلغ من العمر 33 عامًا مُحاط بمتملقين مرعوبين منه؟".